تألّق «فارس الغناء العربي» عاصي الحلاني هذه السنة فنياً، بسلسلة من المهرجانات والحفلات والأغنيات الناجحة، وتوّجها بفوزه بجائزة «Big Apple» كأفضل مطرب لبناني، وهي الجائزة التي يرى فيها تكريماً معنوياً له، وإن كان يعتبر أن الجوائز ليست هي التي تضمن استمرارية الفنان بل إبداعه وعطاؤه. عاصي الحلاني فرّق في حواره مع «الراي» بين النجم الحقيقي والأغنية النجمة التي ينطفئ المغني مع انطفائها، مشيراً إلى أن هناك مغنين أشبه بـ «فقاعات الصابون» سرعان «ما بيفقّعوا وبيروحوا» معها، ومعتبراً انه أحياناً تبرز موسيقى معيّنة وتبرز معها بعض الأصوات التي تغنّي كلاماً تافهاً يمرّ مرور الكرام، ومؤكداً أن الفنان الذي يجيد اختيار الكلمة واللحن والعمل المتكامل، لا بد أن يستمرّ ولن ينتهي أبداً مع مرور الوقت. وعن أولاده، أكد الحلاني أن ابنه الوليد يتمتّع بصوت جميل، ولكنه لا يريده أن ينشغل بالغناء في هذه المرحلة، بل يفضّل أن يكمل تعليمه وأن ينهي دراسته الجامعية، موضحاً أن الوليد يخطّط لأن يصبح مهندساً، أما دانا فلا توجد عندها ميول فنية، بل هي متفوّقة في دراستها. كما اعتبر أن ماريتا، ولكونها أول أولاده «كانت فرصها أكثر في مسألة الغناء»، وهنا تفاصيل الحوار: • فزتَ بجائزة «Big Apple» كأفضل مطرب لبناني. في المقابل نسمع عن الكثير من الجوائز التي أصبحتْ مدفوعة وتُمنح لفنانين لا يستحقونها، فهل ترى أن هذا الأمر يؤذي الفنان الحقيقي؟ - لا شيء يؤذي الفنان. الإنسان المبدع والذي يضمّ رصيده أعمالاً جيدة، يتواجد من خلال أعماله. ليست الجوائز هي التي تضمن استمرارية الفنان بل إبداعه وعطاؤه، أما الجائزة فهي مجرّد تكريم معنوي له. وفوزي بجائزة أفضل مطرب لبناني لا يعني أنني ألغيتُ المطربين اللبنانين وأنني صرتُ الأهمّ على الساحة، بل أعتزّ بكل الفنانين اللبنانيين وأعتبر أن الأغنية اللبنانية مستمرّة بوجودي ووجودهم. فوزي بجائزة أفضل مطرب لبناني، هو تقدير لي، وأنا أحترم الجهة التي منحتْني إياها وأقدّر التكريم وأعتبره تكريماً معنوياً لي وأعتز وأفتخر به. لا أحد يمكن أن يلغي أحداً، بل كل فنان يفرض نفسه من خلال عمله واجتهاده. • صيف 2016 كان حافلاً بالمهرجانات، كما أن إصدراتك الفنية كانت دسمة. كيف تصف هذا السنة فنياً؟ - آخر كليب طرحتُه كان «أحب الليل»، كما قدّمت «دويتو» مع ديانا حداد للملحن طلال، و«قومي ارقصيلي بعد» التي طرحتُها في بداية العام. أنا لم أطرح ألبوماً هذه السنة ولكن «أحب الليل» من الأغنيات التي راجت كثيراً، كما أن اغنية «قومي ارقصيلي بعد» ضربت كثيراً والناس أحبوها. أما «الدويتو» مع ديانا حداد، فكان له وقعٌ خاص، والحمد لله كان الكليب جميلاً وكذلك الأغنية. • اللافت أن أغنية «أحب الليل» حققتْ صدى طيباً حتى بين الفنانين الذين نشروا فيديوهات وهم يؤدونها بأصواتهم على المواقع الإعلامية؟ - «أحب الليل» تُعتبر من الأغنيات الضاربة هذه السنة، وهي ما زالت حتى الآن مطلوبة ومسموعة. • هل تعتبر «أحب الليل» أهمّ أغنية عربية طُرحت في العام 2016 أو أغنية 2016؟ - «أحب الليل» تُعتبر من الأغنيات المميزة. لا أحب أن أتكلم بطريقة يشعر معها القارئ بأنني مغرور، أو كأنني «أنا أو لا أحد»، لأن هناك الكثير من الفنانين المجتهدين على الساحة الفنية اللبنانية والعربية، يقدّمون أعمالاً راقية وجيدة، والناس يسمعونهم ويقدّرونهم. لا يمكنني أن أقول إن أغنيتي هي الأهمّ. وأي فنان يتكلم بهذه الطريقة يكون مغروراً أو يقلل من قيمة الفنانين الآخرين والأعمال الفنية التي تُطرح. يمكنني القول إن «أحب الليل» هي من الأغنيات المهمّة والضاربة التي طُرحت خلال هذا العام، وأنها أغنية رائجة وأَحبها الناس. • ما الأعمال التي لفتتك هذه السنة، خصوصاً أن بعض الفنانين صاروا يطرحون أغنية مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر وكأن استمراريتهم تتعلّق بها؟ - هناك نجوم موجودون على الساحة الفنية، وهناك أغنية تكون نجمة وبانطفائها ينطفئ المغني. النجم له اسم ولا أعتقد أنه يمكن أن ينتهي مع انتهاء لمعان أغنية أو ألبوم أو كليب، لأن نجمه أقوى من أن ينتظر أغنية كي تضرب ليشتغل على اسمها. أنا أطرح أغنية كي أحفظ تواجدي، ولكن عندما أشارك في مهرجان فإنني لا أنتظر الأغنية الجديدة كي يصفق لي الناس أو يحبوني، لأنني عندما أطلّ في الحفلات، فإنني أغنّي أرشيفي الذي تجاوز عمره الـ 25 عاماً والذي يضمّ أغنيات منوّعة، من الفولكلور إلى البدوي إلى المصري إلى الفصحى إلى الخليجي إلى الأغنية الحديثة. بمعنى أن استمراري لا يرتبط بأغنية تضرب في موسم معين، وأنا لا أرتبط بحفلات على أساس مثل هذه الأغنية، بل إن تواجدي مرتبط باسمي ومجمل مسيرتي وليس بأغنية أقدّمها. هناك مغنّون أشبه بفقاعات الصابون سرعان «ما بيفقّعوا وبيروحوا». هم فنانو أغنية وليسوا نجوماً، يَظهرون في مرحلة معيّنة ثم يختفون. أحياناً تَبرز موسيقى معيّنة وتبرز معها بعض الأصوات ممّن يغنون كلاماً تافهاً يمرّ مرور الكرام لتنتهي الأغنية بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وأحياناً أخرى هناك فئة من الفنانين لا تتمتع بمستوى لائق في ما تقدّمه ولا تلبث أن تنتهي. مَن يُحسِن اختيار الكلمة واللحن والعمل المتكامل، لا بد أن يستمر ولن ينتهي أبداً مع مرور الوقت. العمل الذي يحمل قيمة هو الذي يبقى والوقت لا يمكن أن يمحوه. • اللافت أن الحفلات هذه السنة لم تتوقف رغم الوضع السيئ في غالبية الدول العربية، هل تجد أنها شكّلت نوعاً من التوازن النفسي للمواطن العربي في هذه المرحلة الصعبة التي يمرّ بها؟ - لا شك في أن المرحلة التي نمرّ بها صعبة جداً، ولكن المهرجانات التي أقيمت في لبنان جعلت الناس يخرجون من الأجواء المشحونة. هذه السنة كان عدد المهرجانات أكثر من الحفلات، على عكس ما كان يحصل قبل أربعة أو خمسة أعوام، حيث كان يتم التركيز على حفلات الفنادق. في العاميْن الأخيريْن نشطت مهرجانات المناطق، وأنا شاركتُ في مهرجانات الأرز، صور، طرابلس، انفة، الأشرفية وغيرها. وغيري من الفنانين أحيوا مهرجانات لبنانية صرف. أولاً لأن أسعار البطاقات مقبولة بالنسبة إلى المواطن اللبناني، كما أن مثل هذه المهرجانات تستقطب أكبر عدد ممكن من الناس. وبدل أن يأتي 500 أو 600 شخص ليحضروا حفلاً في فندق وببطاقة مرتفعة السعر جداً، فإن الفنان يستقطب في المهرجان 5000 أو 10000 شخص لقاء بطاقات بسعرٍ مقبول. كما أن الناس كانت لديها رغبة بإعادة أجواء الفرح والغناء التي كانت سائدة سابقاً. أنا أذكر تماماً أن المهرجانات كانت الأكثر رواجاً في التسعينات، وخلال الفترة الممتدة بين العامين 2000 و2010 سيطرت الحفلات. مهرجانات المناطق منتشرة في كل الدول. تونس والأردن والمغرب ومصر وسورية، كانت تحفل بالمهرجانات سابقاً. • بالإضافة إلى ابنتك ماريتا، يتمتع ابنك الوليد بصوت جميل أيضاً، وتوجد أغنيات بصوته منتشرة على المواقع الإعلامية، هل يفكر بالسير على خطى ماريتا واحتراف الفن مثلها؟ - الوليد يتمتع بصوت جميل جداً. ومَن يسمعه يغني لا بد وأن يتفاجأ، ولكنني لا أشجعه على الغناء، بل على إكمال دراسته لأنني أريد أن ينهي دراسته الجامعية. هناك قول للإمام علي بن ابي طالب أحبّه كثيراً ويقول «لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم». عندما يكبر الوليد، هو حرّ باختيار «سكّته» وحياته. مطلوب مني كأب أن أعلّم أولادي وأن أوجّههم، وعندما يصلون إلى سنّ تسمح لهم بالاختيار، فلا شك أنهم سيختارون السكة الصحيحة. وليد يملك صوتاً جميلاً ولكنني لا أريد أن يضيع في هذه المرحلة، لأنه يتهيّأ لدخول الجامعة بعد سنتين. • تقصد أنه سينهي دراسته الجامعية أولاً كما فعلت ماريتا؟ - ماريتا لم تنه دراستها الجامعية بعد. وكون ماريتا هي أول من ولد في بيتنا كانت فرصها أكثر في مسألة الغناء، ولكنني أفضّل أن يكمل الوليد جامعته أولاً. • وهل هو مقتنع بهذا الطرح؟ - طبعاً. هو يهتم بدراسته وكل تفكيره يرتكز على أن يصبح مهندساً. • وبالنسبة إلى ابنتك دانا. لا يبدو أن لديها ميولاً فنية؟ - دانا دخلت الجامعة هذه السنة، وهي متفوّقة جداً وعلاماتها 95 من 100. • ما مشاريعك للمرحلة المقبلة؟ - بعد مشاركتي في حفل دار الأوبرا بمناسبة اليوبيل الفضي لمهرجان الموسيقى العربية، سأقوم بجولة في أوروبا تشمل السويد ولندن وفرنسا، بالإضافة إلى جولة فنية في أستراليا وكندا.