أنقرة/ زهراء أولوجاك، بشرى سيلفي أوغوت جان، فاتح تونا/ الأناضول سلط البروفسور إبراهيم قالن، المتحدث باسم الرئاسة التركية، الضوء على كتابه المنشور حديثاً باللغة التركية بعنوان"Ben, teki ve tesi" ويعني "أنا، الآخر وما وراءهما". ويتناول الكتاب، بحسب الحوار الذي أجراه مع صحيفة "ستار" التركية، مركزية التفكير الغربي ونظرته للآخر، كما يتعمق في الجذور التاريخية والاجتماعية لمعاداة الغرب للإسلام. ويسرد الكاتب، في حديثه، الأسباب الموضوعية لفشل المحاولة الانقلابية لمنظمة "فتح الله غولن" الإرهابية في 15 يوليو/تموز 2016. ودعا قالن، في بداية حديثه للحذر، عند استخدام مصطلح "الغرب"، وبيّن أنَّ التناول التقليدي للمصطلح يؤدي إلى "قولبة التفكير وفق منظور محدد". وقال: "بدون أدنى شك، ثمة فروق داخل الحضارة الغربية، بين المجتمعات التي تتكون منها، إذا تم تناول الأمر من من منظور تاريخي". وأوضح أنَّ "الغرب بشقيه (أوروبا وأمريكا الشمالية) شكل لنفسه هوية مشتركة، قوامها القيم المشتركة لسكان هاتين المنطقتين، من ثقافة وتاريخ وحضارة. وقال: "البعد الحضاري للغرب يقوم على الحضارة اليونانية القديمة ثم الرومانية، ثم اكتست بعدها برداء المسيحية، على الرغم من أن منشأها شرقي". ويستخلص قالن، أن مصطلح "الغرب"، الذي نستخدمه اليوم، عبارة عن هوية، حُدد شكلها بتراكم أحداث تاريخية. وحول معاداة الغرب للإسلام، يرى قالن، أنّ الغرب حدد هويته من خلال تعريف "الآخر"، المتأصل دائما في التفكير الغربي. فعند اليونان، الآخر يتمثل في البرابرة، أما في المسيحية فالآخر؛ هم الوثنيون، أما في التاريخ المعاصر فالآخر؛ يتمثل وفق المركزية الأوروبية بالشعوب المتخلفة وغير المتمدنة. أما بالنسبة للإسلام، فيرى قالن، أنَّ الغرب المسيحي لم يغيّر نظرته التاريخية للإسلام، لا سيما وأنه لعب دوراً حضارياً على الساحة التاريخية. والإسلام في الوعي الغربي يتمثل في ثلاثة أشياء أولها تحدي على الصعيد اللاهوتي، ثانيا تحدي على الصعيد العسكري والسياسي، وتحدي على الصعيد الثقافي والحضاري، وفق قالن. واستطرد قالن، في حديثه عن نشأة الإسلام وتحوله لحضارة عالمية خلال فترة وجيزة، في عدة نقاط على النحو التالي:. ** تعظيم الخطر الإسلامي، وسيلة لشرعنة السياسات الأوروبية والأمريكية ذكَّر قالن في حديثه بالمقولة الغربية، التي اشتهرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وانتهاء نظام القطبين "الخطر الأخضر بديلا عن الخطر الأحمر"، ليعود ويؤكد أنَّ الذهنية الغربية دائما بحاجة لـ "الآخر" ليجعل من النظام العالمي يدور حول المركزية الغربية. وقال قالن "في حقبة الحرب الباردة كان الآخر هو الخطر الأحمر المتمثل بالشيوعية، أما الآن فالآخر هو الخطر الأخضر المتمثل بالإسلام، وهذا الشيء نراه كيف يدار لخدمة المصالح الغربية". وأضاف أنَّ الخطر الإسلامي، الذي يزرع في الفكر الغربي اليوم، مبني على الخطر المستمد من "داعش" ونظيم "القاعدة"، وأصبح جزءاً لا يتجزأ من المواد الإخبارية اليومية في الغرب، بل أصبح أداة مناسبة لرسم السياسات الداخلية الأوروبية، ووسيلة لشرعنة السياسة الدولية للولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا. وفي هذا السياق أشار قالن إلى أن نمو شعبية الأحزاب اليمينية الشعبوية في أوروبا، ليست بسبب تحول سياسة الأحزاب التقليدية الى اليمين، بل تعني أن العنصرية أصبحت حالة طبيعية في الحياة السياسية الأوروبية. وقال: "هذه العنصرية، بنيت بطبيعة الأمر على معاداة الإسلام، وتصويره على أنه تهديد لأوروبا، وخلقت لنفسها مبررا للوجود، لتصبغ اللون السياسي في أوروبا". ** التاريخ يكتب كل يوم للشعوب غير الغربية عن هذا الجانب قال قالن "التاريخ بالنسبة للغرب ربما انتهى، أما بالنسبة للشعوب غير الغربية فيكتب كل يوم". وأضاف أنَّ من أكبر أخطائنا هو جهلنا بقدرتنا في إسماع العالم لصوتنا، إن جغرافيا العالم الإسلامي بثقافته وتاريخه وانفتاحه على الآخر، لديه الكثير ليقدمه للعالم. وتابع: لكن للأسف نراه غارق في حروب طائفية وداخلية، وتدخلات خارجية، ومنظمات إرهابية، وإسلاموفوبيا، وتوجيه الرأي العام لشعوبه وفق سياسات دولية مرسومة. ** لا تنازل عن حقنا في أن نكون فاعلين يشير قالن إلى أنَّ العالم يمر من مرحلة حرجة، "يشهد خلق فوضى من نظام، وخلق نظام من داخل الفوضى"، وهي مرحلة مهمة بالنسبة للعالم الإسلامي، بحسب رأيه. وقال قالن "لا مهرب للعالم الإسلامي من أن يكون فاعلا حقيقيا في القرن الواحد والعشرين، علينا رغم كل المعوقات والتدخلات أنَّ نطور خططنا ومشاريعنا، ومن حقنا الطبيعي انَّ نكون فاعلين حقيقيين في رسم مستقبلنا، ويجب ألا نتنازل عن هذا الحق". ** تركيا فاعل رئيسي على الطاولة في رده على سؤال، فيما إذا كان الربيع العربي جزء من مسعى للعب المسلمين دورا فاعلا في العالم قال قالن: "نعم إنها كانت خطوة في هذا الاتجاه، إلا أنها قمعت، النظام العالمي لا يريد ذلك، فقام بالتدخل، وجعلها مفعولها عكسيا". وأضاف:،لو ترك الربيع العربي على حاله دون تدخلات، لوجدنا أنها أفرزت سلطات منتخبة ديمقراطيا من قبل الأكثرية، منفتحة على العالم، ولكنها في الوقت سترسم لنفسها سياسة مستمدة من ثقافتها ومركزيتها التي تنمي إليها، وجذورها ووجودها الاجتماعي. وبين قالن أنَّ تركيا، منذ استلام حزب "العدالة والتنمية" السلطة عام 2002، أصبحت تجلس على الطاولة كفاعل رئيسي، ليس كما كانت سابقا كـ "دولة جناح" في حلف الناتو تؤدي الأدوار التي تطلب منها دون مساءلة. وذكر قالن أنَّ هذا الدور التركي الجديد، لا يروق لبعض القوى، التي تتحكم بنظام توازنات القوى الدولية، قائلا "إن تركيا في زمن رجب طيب أردوغان، حملت المرآة وأرت النظام العالمي عيوبه، عندما قالت العالم أكبر من خمسة، بالنسبة لفلسطين". كما طالبت تركيا بإصلاح مجلس الأمن من أجل وقف المأساة السورية، وهؤلاء منزعجين لما رأوه في المرآة، وبدلا من تغيير ما رأوه في المرآة يعني السياسة التي يتبعونها، راحوا يتهجمون على حامل المرآة. وأكد قالن أنَّ المحاولة الانقلابية الفاشلة في 15 يوليو/ تموز الماضي، كانت خطوة لإرجاع تركيا، عن لعب أي دور فاعل في الساحة الدولية، و"في 24 أغسطس/آب أي بعد فترة وجيزة وقفت على قدميها، وبدأت عملية درع الفرات، لتري العالم كيفية مكافحة تنظيم "داعش" وتطرق قالن إلى حجم المساعدات الإنسانية التي تقوم بها تركيا، في الصومال وفلسطين والعراق وسوريا، وأفغانستان، وأكد أن تركيا من أكثر الدول إنفاقا على المساعدات الإنسانية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.