حديث الأمس ركز على أهمية ضمان أن يتفاعل الجميع مع "رؤية الوطن 2030". ولئن كان هناك من يشكك في نجاح الرؤية ويتعامل معها على أنها حالة طارئة، فهؤلاء على خطأ لأسباب كثيرة أهمها أن توجه الرؤية ومفاهيمها جاءت بناء على معطيات مهمة طالبنا بها منذ سنين طويلة، وما حالة التوجس القائمة اليوم إلا نتيجة للتأخر في تبني بعض المفاهيم المهمة، أن نسيانها كليا أو عدم الاستمرار في الدفع بالاتجاه الصحيح خلال العقود الماضية، وهذا ما ذكرته بالأمس حين شبهت هذه العقبات بالسدود التي توقف الأنهار، أو المجاري الجانبية التي تبعدها عن الهدف. الرؤية يا سادة مهمة للتوقف عن الاعتماد على مصدر ناضب، وتعمل لضمان النمو بعيدا عن جهد الدولة بما يعني أن تكون المساهمة الأكبر في الاقتصاد للقطاع الخاص، وضمان حفظ الأموال في الاقتصاد الوطني بدلا من خروجها على شكل تحويلات مالية -المملكة فيها الدولة الثانية على مستوى العالم. صدقوني أنه عندما يكون الاقتصاد جاذبا فسيجعل الجميع يستثمرون في البلاد حتى العمالة الأجنبية التي تتزاحم على المصارف آخر كل شهر. لكن من هم فرسان التغيير الذي نحتاج إليه اليوم، أهم الفرسان هم وزاراتنا وهيئاتنا الموقرة التي يجب أن تقوم بالعمل بطريقة احترافية تلائم بين حاجات الاقتصاد وتطلعات المواطن. الوزارات التي تستطيع أن تحفز الموظف ليعمل سبع ساعات دون كلل وملل، وتسهم في تحقيق رغباته، وتدعم في الوقت نفسه العمل الاستثماري الذي يستقطع الوظائف والمهام والصلاحيات منها، وهذا بيت القصيد. يجب أن تكون لدى الوزارات على كل مستوياتها القدرة على تقبل وتبني التغيير. مهم جدا أن تحيل الوزارات والهيئات أعمالها لمن يؤديها على أكمل وجه، وهذا يتطلب أن تتنازل كل جهة عما يمكن التنازل عنه في سبيل خدمة أفضل واقتصاد جاذب. وزارة الشؤون البلدية والقروية من أهم الوزارات في رأيي، فهي تقوم بمباشرة أنشطة كثيرة تخرج عن نطاق العمل الحكومي في أغلب دول العالم. من ضمنها الرقابة على الأسواق، وتخطيط المدن، وإدارة عمليات الاستثمار وتشجيعها. هنا يجب أن ترجع الوزارة للوراء وتعطي الفرصة لغيرها لإدارة العمليات الاستثمارية التي يمكن أن تتم بسرعة دون عوائق... وهذا مجال حديثي غدا.