بسبب عدم الوفاء بالعقود، وغياب الالتزام بمواعيد التصوير، والانسحابات المتكررة، يصل الفنانون والمنتجون في مصر أحياناً إلى الساحات القانونية والنقابات لمحاولة الفصل في النزاعات بينهم. «الجريدة» ترصد هذه المشاكل، والأزمات الكثيرة التي سببتها. تعاقد أحمد الفيشاوي منذ فترة طويلة على فيلمه «جاكسون» مع عمرو سلامة، ولكن لأسباب غير معلومة، قال البعض إنها تتعلّق بعدم التزام الممثل بمواعيده، قرّر المخرج الاستغناء عنه وإيقاف تصوير الفيلم. توقفت أزمات الفيشاوي لمدة عام تقريباً، قبل أن تعود خلال الأيام الماضية، بعدما قدمت المنتجة ناهد شوقي شكوى ضده بسبب عودته إلى فيلم «جاكسون» بعد تعاقده معها على «اللعبة شمال»، ومن دون علمها، مخالفاً بذلك العقود بينهما، خصوصاً بعد تصويره مجموعة من المشاهد. وبناء على شكوى المنتجة لغرفة صناعة السينما، قرّرت الأخيرة مخاطبة نقابة المهن التمثيلية للتحقيق مع الفيشاوي، وفي حالة عدم التوصّل إلى حل ستتوجه إلى المنتجين بعدم التعامل مع الفيشاوي مجدداً. فعلاً، بدأت نقابة المهن التمثيلية من خلال ممثلها ومستشارها القانوني التحقيق مع الفيشاوي وناهد فريد شوقي للوقوف على سبب الخلاف. في سياق متصل، قدّم المنتج غابي خوري شكوى أخرى ضد الفنان نفسه تتهمه بأنه تعاقد على أحد الأعمال الجديدة، وتقاضى مبلغاً من المال كعربون يقدّر بنحو 50 ألف جنيه، ولم يف بتعاقده، ورد مبلغ 30 ألف جنيه فقط. الطريف أنه رغم كثرة الأخبار السلبية التي انتشرت أخيراً حول الفيشاوي الصغير، فإن المنتج محمد حفظي صرح بأن الممثل عاد ليصور فيلم «جاكسون»، نافياً أن يكون تقدّم بشكوى ضده في النقابة. اقترن اسم الفنانة سارة سلامة أيضاً بمشاكل في الوسط الفني أخيراً، إذ نشبت خلافات بينها وبين مخرج فيلمها الأخير «صابر جوجل» محمد حمدي، كذلك بطله الفنان محمد رجب الذي قرّر عدم التعاون معها مجدداً، فيما صرّح حمدي بأن المشاكل معها كانت بسبب عدم التزامها بمواعيد التصوير، وهي بذلك لم تحترم فريق العمل. حمدي بيّن أنه أكمل الفيلم بعد تدخّل النقابة، مؤكداً أنه في المستقبل لن يتعاون مع سلامة مجدداً، فيما رفضت الأخيرة مشاركة أبطال العمل احتفالهم به في العرض الخاص والحملات الترويجية، وصممت ملصقاً خاصاً يحمل صورتها فحسب. ارتبط اسم الفنان محمد رمضان أيضاً بكثير من الأزمات، فبعدما وقع مع شركتين بعد مسلسل «ابن حلال»، وتم إيقافه لمدة عام، عاد ليتعاون مع O3 المملوكة لشبكة MBC. ولكن مع عرض «الأسطورة» دبت الخلافات بينهما، واعترض النجم على ضعف الدعاية للمسلسل، وقرر ألا يتعاقد مع الشركة مجدداً، مستبدلاً بها شبكة قنوات «النهار»، وقيل إن أجره مع الأخيرة سيكون الأعلى في تاريخ الدراما. لكنه فجأة أعلن عن تعاقده مجدداً على مسلسل جديد مع O3، موضحاً أنه سوى الخلافات معها، ذلك كله رغم تعاقده مع «النهار» التي حتماً لن تقف مكتوفة اليدين. على الجانب الآخر، كان فيلم «أهل العيب» للمنتج أحمد السبكي والمؤلف تامر حبيب شهد تعاقدات وانسحابات عدة بداية بالفنانة يسرا، ثم منة شلبي بعد انشغالها بمسلسلها «واحة الغروب»، واستبدل بها السبكي ياسمين رئيس، ثم سوسن بدر التي حلّت مكانها غادة عبد الرازق. هذه الانسحابات كافة عطلت العمل ما يقرب من عامين، ولم يبدأ التصوير حتى الآن. آراء النقاد تعلّق الناقدة خيرية البشلاوي على مشكلات الفنانين وأزماتهم والانسحابات المتكررة، قائلة: «عندما ينسحب الممثل من العمل مسبباً للمنتج التعطيل تتأثّر العلاقة بينهما لاحقاً. حتى لو كان الممثل مميزاً مثل أحمد الفيشاوي فإن أزماته المتكررة تسيء إلى صورته، وعليه أن يحاول السيطرة على نفسه واندفاعاته». وتوضح أن الفنان الذي يخرج عن المسار يجب أن يُعاد تقييمه من خلال نقابة المهن التمثيلية أو الأجهزة المسؤولة عن ذلك». من جانبه، يرى الناقد إيهاب التركي أن حلّ الأزمات بين الأطراف المختلفة مكانه نقابة المهن التمثيلية التي تحضر كالحكم الأول والأخير، إلا إذا كانت المشكلة جنائية فيبقى مكانها المحكمة»، موضحاً أن «أزمات الفنانين ناتجة عن سوء إدارة النجم وقته وارتباطاته. ومع غياب مدير أعمال ينظم وقت الفنان، ويتابع جدول أعماله، تدار الأمور بفردية وارتجال وتظهر مشاكل من هذا النوع، ولا أظنّ أن النجم المشاغب أو العصبي يدرك أن سلوكه وسمعته غير السويين يؤثران في مستقبله حين يعزف عنه المنتجون». في سياق متصل، ترى الناقدة ماجدة موريس أن ليس من مسؤوليتنا توجيه فنان حقّق نجاحات عدة ويتعمّد الإساءة إلى نفسه وفنه بعد سنوات أمضاها في الوسط الفني، فهو من يقرر مثلاً أن ينسحب بعد تعاقده وبدء التصوير، وفي النهاية كل نجم لا يحترم وعوده مسؤول عن تصرفاته، ولا وصاية عليه من أحد لأنه ليس طفلاً. وتذكر موريس أننا لو عدنا إلى سيرة كبار الفنانين نجد أن الانضباط شكّل السمة الأولى في حياتهم، وعادل إمام مثلاً يذهب إلى موقع التصوير قبل البدء بوقت كاف، لذا لا بد من أن يحترم الفنانون عملهم.