هي طفلة العود.. أو سيدة الشجن.. أو سيرة أغنية.. ابتسام لطفي.. حين ابتسمت للحياة وتلطّف الزمن علينا بها.. أو خيرية قربان عبدالهادي.. كما أنجبها التاريخ..! فنانة من زمن الياسمين وأضواء المدن الأمينة.. صوتها الضوء حين غاب عن عينيها منذ ولادتها في الطائف قبل ستة عقود تقريبا.. قيل إنها بسمة.. منسوبة للطف.. ولم يكن الفنان العظيم طلال مدّاح وهو صوت الأرض فينا أن يمنحها هذا الاسم الذي لم تعرف بغيره إلا لأنها ابتسامة الأرواح ولطف الحنين.. هي أسمهان الحجاز منذ الخمسينيات حتى أواخر الثمانينيات.. حيث اعتزلت الغناء كمدًا على والدتها التي غادرت حياتها الدنيا.. حين كانت لها كل الدنيا.. ثم حين عادت إليه قبل ثلاثة أعوام استقبلتها الذاكرة بحنين لا ينتهي وشجنٍ يسترجع زمنًا لا يعود ولا ينتهي.. في صوتها تلويحة بحّار عائد من رحلة طويلة.. أو غناء فلاّح يسابق نخلة إلى السماء.. أو حتى سؤال طفل يتيم حالمٍ للقمر عن سرّ غيابه آخر الشهر.. ابتسام لطفي.. هي أكبر من ملامح.. وأكثر من ذاكرة.. لا نتجاوز حين نتذاكرها اليوم ما قاله شاعر أم كلثوم أحمد رامي عنها في العام 1970م حين زارها في منزلها في جدة: (كوكب الجزيرة وشادية العرب تغني بالدموع قبل الصوت) ثم حين كتب لها الوداع في قصيدة قرأتها بروحٍ معلّقة بشجرة الحنين: يا حبيبي وأنت أغلى من الروح وأشهى من الحياة للصادي لست أنساك راحلا ومقيما كيف أنسى في العيش مائي وزادي أما موسيقار العرب الكبير رياض السنباطي فقد لحّن لها قصيدة الوداع هذه ثم قال: (.. إنها العاشقة ابتسام لطفي (خيرية قربان) لا يلبث قلبها إلا ويدق بعد أن دقّ، ذاكرة الطفولة والتجويد والكتاتيب مازالت في ناظرها، تعشق تلك الذكريات، لأن الشمس كانت تخترق عينيها، قبل أن تغيب تلك الإشراقة).. إنها.. ابتسام لطفي.. قيثارة الذاكرة وصوت نخلةٍ حجازية.. وضوء الصوت في أذن الظلام.. إبراهيم الوافي