«ثقافة الاغتصاب» مصطلح أطلقته الحركة النسوية العالمية للمرة الأولى في عام 1970، واعتبرته «قاعدة لأعلى درجات العنف الجنسي». وزاد انتشاره في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع عدد ضحايا الاعتداءات الجنسية على النساء والقاصرات. في هذا السياق، ترى كلودين غي أستاذة العلوم الاجتماعية في جامعة مونتريال أن «ثقافة الاغتصاب ليست وهماً. وأنا لا أعرف هل أضحك أم أبكي إزاء التستّر على هذه الثقافة، كما هو حاصل حالياً عموماً في الجامعات والمجتمع وفي أقسام الدراسات النسوية والعلوم الاجتماعية». وتلفت إلى أن هذه «الثقافة السوداء تستسهل وتستهين الاعتداءات الجنسية لا بل تشجّع عليها». وتأخذ على الجامعات تجاهلها هذه الثقافة وعدم دعوتها إلى تحصين النساء ضد ما تسميه «وباء الاغتصاب». أما ميشال ديكرو الباحث الكندي في العلوم الجنسية، فيعتقد بأن «الاغتصاب يحصل خلافاً لتقرير الأمم المتحدة الذي لم يستخدم كلمة اغتصاب، وإنما وصفه بالجنس غير التوافقي». ويؤكّد أن المغتصب «يفتقر إلى التثقيف الجنسي في المدرسة والمجتمع، ويقوم بعملية الاغتصاب بطريقة عنفية مبتذلة وحقيرة»، مشيراً إلى أن معطم القوانين الغربية والكندية تلقي باللوم على الضحايا أكثر من الفاعلين الذين غالباً ما يجرى تجهيلهم لسبب أو آخر. وخلافاً للمفاهيم السائدة في ثقافة الاغتصاب، تتعرّض المرأة لاعتداء جنسي مفاجئ من رجل قوي أو شرير. إلا أن وقائع الاغتصاب تدل على أن الفاعل قد يكون أيضاً رجلاً عادياً أو زميلاً أو صديقاً أو أحد أفراد العائلة أو أباً غير طبيعي أو شريكاً للمرأة. كما قد يحصل في شكل جماعي خلال حفلات صاخبة أو أبان حروب أو بقوة السلاح في معتقلات وسجون. حق وواجب «إنها الحالة الأسوأ في ثقافة الاغتصاب المستندة إلى تسلّط النزعة الذكورية» على حدّ تعبير ديكرو. ويختصرها بإكراه الزوج لزوجته على ممارسة العملية الجنسية تحت وطأة استخدام القوة أو التهديد أو العنف، ويعتبرها جزءاً من ثقافة المجتمعات المحافظة وحقاً من حقوق الرجل وواجباً من واجبات المرأة القائمة على إطاعته والانصياع إلى أوامره. ومن أخطر النتائج الناجمة عن هذا النوع من الاغتصاب كما يؤكّد «المعهد الوطني لمكافحة الاعتداءات الجنسية في كيبيك»، حصول مجموعة من الاضطرابات النفسية والاجتماعية والعاطفية التي قد يصعب شفاؤها، مشيراً إلى أن عوارض هذه المتلازمة تشمل الإناث والذكور الذين يتعرّضون لاعتداءات جنسية مماثلة. إجراءات وقائية تنصح هيئات اجتماعية ودراسات نسوية بأن تتخذ المرأة سلسلة تدابير احترازية تفادياً لأية عملية اغتصاب، كأن تتجنّب ارتداء ملابس مثيرة، لئلا تصبح كمثل من تفتح الباب وهي عارية، أو أن تكثر من احتساء الكحول، أو أن تسير بمفردها في شارع مظلم، أو أن تتجوّل وفي يديها أو عنقها مجوهرات، أو أن تتجنّب فتح الباب لأحد قبل أن تتأكّد من معرفته. كما تنصح بأن تخضع لدروس في الدفاع عن النفس وغيرها من الإجراءات الضرورية للحماية الشخصية. إحصاءات تشير دراسة صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء في كيبيك إلى أن 78 في المئة من ضحايا الاغتصاب هن من النساء، بينهن حوالى الثلثين دون الـ 18 سنة. وأن فتاة من سبع تُغتصب من شريكها، وواحدة من خمس تقع ضحية لاعتداء جنسي، وواحدة من ست تخشى الانتقام، وأن 90 في المئة من جرائم الاغتصاب لا يبلّغ عنها لدى دوائر الشرطة، وأن 3 دعاوى من كل ألف ترفع إلى المحاكم، و74 في المئة من حالات الاغتصاب معروفة من الضحية. كما أن 22 في المئة منها تحصل في منزل المعتدي، و6.3 منها في مكان عام، و4 في المئة في الجامعات، و15 في المئة في مواقع العمــل أو في أمكنة سياحية وفنادق. واللافت أنه قبل أيام، حصلت 15 حالة اعتداء جنسي في بيوت الطلـبة في جامعة لافال. واحتجاجاً واستنكاراً وتضامناً مع الضحايا، نظّمت تظاهرة حاشدة شارك فيها أساتذة وطلاب ووزراء ونواب. وتشهد مقاطعة «بريتش كولومبيا - أنتاريو» أعلى نسبة اغتصاب في كندا، إذ تحدث حالة كل 17 دقيقة.