أُسست «مجموعة أبو نظارة» السينمائية في سورية قبل سنة على انطلاق الاحتجاجات فيها، بهدف تقديم «صورة واقعية للحياة اليومية للسوريين بعيداً من الصورة النمطية». وسرعان ما تألقت فحازت جوائز، وعرضت أعمالها في مهرجانات ومؤسسات عالمية. وأول من أمس، قدمت «جماعة أبو نظارة» فيلمها الوثائقي «سورية: يوميات الزمن الحاضر» في معهد العالم العربي في باريس، بحضور عربي وسوري حاشد. ودار نقاش مع أحد أعضاء المجـــموعة القائمين في باريس شريف كيـــوان. وتعرض قناة «آرت» الفرنســـية الفـــيلم ضمن سهرة سورية تضـــم فـــيلماً آخر هو «الطريق إلى حمص» لطلال ديركي الذي فاز بجائزة الفيلم الوثائقي الطويل في مهرجان «ساندانس» الأميركي، وهو يصور معاناة مقاتل من المعارضة في المدينة المحاصرة طوال أشهر. وفي المهرجان ذاته، فازت مجموعة أبو نظارة بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير (12 دقيقة). ويقول شريف كيوان عن مجموعته: «بدأنا العمل كمجموعة عام 2010، وكان هدفنا أن نعرض الصورة الواقعية للحياة اليومية للسوريين بعيداً من الصورة النمطية السائدة في الإعلام الرسمي وبعيداً من الرقابة. لذلك اخترنا اسماً جماعياً، وكنا نبث ما ننتجه عبر شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي». ويشرح أن المجموعة تعمل في حال تشبه «حال الطوارئ»، لكنها تبحث باستمرار عن صورة جديدة غير تلك التي تقدمها الصالات والتلفزيونات. ويضيف: «أردنا أن نكسر احتكار النظام الذي يقدم صورة واحدة عن المجتمع، كما في المسلسلات البائسة التي لا علاقة لها بالحاضر». وتكتب «مجموعة أبو نظارة» في ما يشبه التنظير لعملها والدفاع عن مشروعها السينمائي الجماعي الذي يستهدف أكبر عدد ممكن من المشاهدين: «لا يشبه السوري صورته ولم يشبهها يوماً. لكن السوري اليوم يخوض معركة من أجل البقاء ولا بقاء لمن تهزمه الصورة». تتناول أعمال المجموعة التي هي في غالبيتها أعمال وثائقية، حياة الناس العاديين والمغمورين: «صورنا نساء ورجالاً في أماكن عملهم وبيوتهم مقتنصين دقائق من شؤون حياتهم اليومية، أردنا أن نضيء على المجتمع وفق صورة جديدة لا علاقة لها بالسياسي، وإنما باليومي»، كما قال كيوان. وتبدو الأفلام التي تنشرها المجموعة مكثفة، لكنها متقشفة في صنعها بأبسط الوسائل والتقنيات. كما بدا فيها واضحاً السعي إلى التخلي عن الجماليات الكبيرة في مقابل انتشار أوسع لجانب المَشاهد، وهو ما سعت إليه المجموعة. ومع انطلاق الاحتجاجات السورية وتكرر التظاهرات أيام الجمعة، عمدت المجموعة إلى إخراج فيلم قصير أسبوعياً تتراوح مدته بين دقيقة وخمس دقائق، خصوصاً في المرحلة الأولى من «الثورة السورية» حين كانت التظاهرات سلمية. ويسجل للمجموعة من تلك الفترة فيلمها «طلائع» الذي كان الأكثر انتشاراً والذي يصور تلامذة صغاراً في المدرسة يؤدون تحية العلم، بينما هتاف الحرية يصل إليهم من الخارج. ويقول كيوان: «المخرج عندنا لا اسم له ولا دين ولا عرق. مع انطلاق الثورة كان الإعلام يصور الضحية أو القاتل أو الوقائع الساخنة، وكنا نحن ننصرف إلى تصوير حياة الناس لنريها للناس، نصور من هم مع النظام ومن هم ضده، ولم نكن نتوقع أن يطول الأمر...». تصوير المجتمع بواقعية، المجتمع الذي يتحرك للدفاع عن حقوقه بعيداً من فولكلوريات الثورة، هذا أيضاً ما يتضمنه فيلم «سورية: يوميات الزمن الحاضر» الذي هو عبارة عن تجميع لأفلام قصيرة سابقة، تظهر مجتمعة صورة مكتملة تحمل معنى ذلك النزف السوري المستمر. أما عن اعتماد اسم «أبو نظارة»، فهو للسخرية ولدلالته على فحص الواقع بدقة، وقد اعتمده قبل أكثر من قرن الكاتب يعقوب صنوع (توفي عام 1912). والنظارة بالنسبة إلى المجموعة هي بمثابة الكاميرا.