عمّقت أسعار النفط خسائرها متراجعة لليوم الثاني على التوالي، حيث تجاوزت خسائر اليوم نسبة 2% فيما فقد خام برنت مستوى 50 دولارا المهم نفسيا للمتعاملين، محققا أدنى مستوياته منذ 3 أكتوبر. وتأتي التراجعات مع تنامي شكوك المستثمرين في أن توافق الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على تخفيض الإنتاج في الوقت الذي سجلت فيه المخزونات الأميركية زيادة كبيرة ومفاجئة. ولا يريد العراق، ثاني أكبر منتجي أوبك، الانضمام إلى الخفض المقترح للإنتاج الذي قالت المنظمة إنها ستوافق عليه خلال اجتماعها العادي في فيينا الشهر القادم. وتقول بغداد إنها تحتاج إيرادات النفط في حربها ضد تنظيم داعش. وفي ظل توقعات باستثناء إيران ونيجيريا وليبيا من الاتفاق بالإضافة إلى فنزويلا وإندونيسيا التي قالت شركة إنتاج النفط الحكومية الثلاثاء إنها تستهدف زيادة إنتاجها بنسبة 42% العام المقبل، تراجعت ثقة التجار والمستثمرين في فرص إبرام اتفاق مؤثر. وتعرضت أسواق النفط لمزيد من الضغوط من البيانات التي نشرها معهد البترول الأميركي في ساعة متأخرة الثلاثاء وأظهرت زيادة غير متوقعة في مخزونات الخام في الولايات المتحدة. ومن المنتظر أن تنشر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية البيانات الرسمية لمخزونات الخام في وقت لاحق من اليوم الأربعاء. تهافت على عقود فبراير وفي ظل الأجواء المكفهرة، إستبعد وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أن ينهار اتفاق عالمي محتمل لتقييد إنتاج النفط بسبب الموقف المعلن للعراق وهو عدم تقليص الإنتاج. وفي حال تمّ الاتفاق على خفض الانتاج خلال إجتماع كبار المنتجين من داخل أوبك وخارجها خلال إجتماع المنظمة المقرر في فيينا نهاية الشهر المقبل، ودخول الاتفاق حيّز التنفيذ في الأول من ديسمبر / كانون الأول، يقول متعاملون إن التأثير الأكبر على الأسعار سيظهر في عقود التسليم في أوائل 2017 خصوصا عقد فبراير / شباط وليس في السوق الفورية. ويلاحظ المراقبون تهافت تجار النفط على بناء مراكز في أسواق العقود الآجلة والخيارات في محاولة للاستفادة من أي اتفاق قد يعقد وإن لم يكن مؤكدا حتى الآن. ويرى محلل شؤون النفط الخام لدي إنرجي أسبكتس للاستشارات في سنغافورة فيرندرا شوهان أنّ السبب في عدم ظهور أي تأثير على أسعار الربع الأخير من 2016 أنه بحلول نوفمبر حين يجرى اتخاذ القرار ستكون التعاملات جارية على عقود النفط الخاصة بشهر يناير أو فبراير. وحتى عقود يناير / كانون الثاني ستكون أقل تأثرا لأن تداول هذه العقود سينتهي في نفس يوم الاجتماع بما يجعل عقد فبراير / شباط أول العقود التي يتزامن تداولها مع الاجتماع نفسه. وتظهر بيانات السوق تدفقا مطردا من المراكز الجديدة على عقد فبراير في الآونة الأخيرة مع ارتفاع عدد المراكز المعروفة باسم المراكز المفتوحة في عقود فبراير الآجلة بنسبة 48% منذ لوحت أوبك باحتمال خفض الإنتاج في 28 سبتمبر. وسجل سوق الخيارات أيضا قفزة في النشاط المرتبط بشهر فبراير. وارتفع عدد المراكز المفتوحة في العقود الآجلة لشهر مارس والتي تغطي الفترة التي سيظهر فيها تأثير أي تعديل محتمل في الإمدادات بنسبة 12.7% منذ 28 سبتمبر. وارتفعت أسعار عقود فبراير ومارس بنحو 5.5% منذ ذلك الحين. ظروف 2008 مختلفة وكانت المرة الأخيرة التي خفضت فيها أوبك الإنتاج لدعم السوق في 2008 خلال بدايات الأزمة المالية العالمية. ولم يظهر تأثير ذلك الخفض الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من نوفمبر 2008 إلا في إنتاج أوبك في يناير 2009 والذي بلغ 28.69 مليون برميل يوميا انخفاضا من 30.22 مليون برميل يوميا قبل شهرين من ذلك. وانخفضت أسعار النفط كثيرا من مستويات تزيد على 60 دولارا للبرميل في أواخر أكتوبر ثم استقرت قرب 45 دولارا للبرميل في يناير قبل أن تتعافى على مدار العام. لكن الوضع العام في ذلك الوقت كان مختلفا إلى حد كبير. فقد خفضت أوبك إنتاجها بأكثر من المخطط له اليوم لتقلص الإنتاج بواقع 1.5 مليون برميل يوميا لكن تحركها جاء ردا على انخفاض الطلب. طفرة النفط الصخري أما مصدر القلق الرئيسي حاليا فهو المعروض، فطفرة النفط الصخري جعلت من الولايات المتحدة ثالث أكبر منتج للنفط وأدت زيادة إنتاج أوبك وكذلك إنتاج روسيا بعد الحقبة السوفياتية إلى فائض مستمر في الإنتاج العالمي. ويرى معظم المحللين أن الإنتاج العالمي سيبقي مرتفعا حتى وإن خفضت أوبك الإنتاج ومن ثم لا يتوقعون قفزات سعرية كبيرة عقب الاتفاق. وخفضت برنشتاين إنرجي هذا الشهر توقعاتها لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت في 2017 إلى 60 دولارا للبرميل انخفاضا من 70 دولارا للبرميل في التقديرات السابقة. وقالت الشركة إنّ الإمدادات القياسية من أوبك منذ بداية العام وانخفاض تقديرات الناتج المحلي الإجمالي العالمي وكذلك المخزونات التي لا تزال مرتفعة، وكلها عوامل دفعتنا إلى خفض توقعاتنا لأسعار النفط أو إبقاءها دون تغيير.