شبه جزيرة القرم هي جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن جمهورية أوكرانيا حيث تقع جنوب البلاد ويحيط بها البحر الأسود من الجنوب والغرب، بينما يحدها من الشرق بحر أزوف، ومساحتها 27000 كم، وسكانها 2.5 مليون نسمة، ويشكل الروس حوالي 50% منهم، والأوكران 30%، والباقي من التتار المسلمين. وأهم مدنها هي العاصمة سيمفروبل، وكان اسمها فيما مضى «اق مسجد» أي المسجد الأبيض قبل أن يستولي عليها الروس. وكانت عاصمتها فيما مضى مدينة «بخش سراي» عندما كانت خاضعة لحكم خانات التتار، ومن مدنها المهمة أيضًا «يالطا» (مدينة ساحلية سياحية جميلة، وقد عُقد فيها مؤتمر يالطا بين قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية في فبراير عام 1945م ستالين وروزفلت وتشرشل) ومدينة سيفستوبل (ميناء كان يؤوي أسطول الاتحاد السوفييتي الضخم، والذي أصبح محل نزاع بين روسيا وأوكرانيا) ومدن أخرى أقل أهمية، مثل: كيرشوفيادوسيا وبيلاغورسك وسوداك وجانكوك. وكلمة القرم تعني القلعة باللغة التتارية وتتمتع القرم بموقع استراتيجي هام وفيها الثروات الطبيعية، مثل: البترول، والفحم الحجري، والغاز الطبيعي، والنحاس، والحديد، والمنغنيز، والرصاص، والثروة الزراعية مثل: القمح، والفواكه، والمياه المعدنية ذات الخاصية العلاجية التي جعلت منها واحدة من أفضل المشافي في العالم. أقام التتار في شبه جزيرة القرم منذ القرون الوسـطى، والتتر هم قبائل من الأتراك اتحدوا مع القبائل المغوليّة ذات الأصول المشتركة واكتسحوا أجزاء واسعة من آسيا وأوروبا بقيادة المغول في القرن الثالث عشر الميلادي، ولقد أسس باطوخان حفيد زعيم المغول الكبير جنكيز خان القبيلة الذهبية التي أنشأت إمارة القبشاق (إحدى ممالك المغول الكبرى)، والتي سيطرت على أجزاء واسعة من روسيا وسيبيريا، واتخذت من مدينة سراي في الفولغا عاصمة لها. وأجبرت دوقية موسكو على دفع الجزية، وامتدت سيطرة التتار إلى شبه جزيرة القرم، حيث استوطنتها العديد من العائلات التتارية، والتي اتخذت من الإسلام دينًا لها بعد عام 1314 م، ويُسمى سكانها «تتار القرم». وتولى الحكم في إمارة القرم الحاج دولت خيري أو كيراي في عام 1428م، وعندما توفِّيَ خلِفه ابنه الثاني في الحكم بمساعدة البولنديين، إلا أن الأخ السادس منجلي قتل أخاه واستولى على حكم الإمارة بمساعدة الجنيزوف، حيث حكم في الفترة 1466/1515م وخضعت خانيّة القرم لحكم العثمانيين في عام 1521م (في عهد محمد الفاتح). وقد أصبحت ولاية من ولايات الدولة الإسلامية، وكانت عاصمتها مدينة «بخـش السـرايا». وحتى يومنا هذا ما زال بيت الوالي وديوانه ومسجده موجوداً فيها. واحتلت الجيوش الروسـية عاصمة القرم بخش سـراي، وقد استسلمت خانات القرم بموجب معاهدة كوجك فينارجه عام 1774، ثم اعلنت روسـيا رسـميا ضم القرم عام 1783م. وفى العهد الشيوعى اتهم ستالين التتار بالتعاون مع النازيين الألمان فقام في مايو 1944 م بتهجير أكثر من 400 ألف تتري في قاطرات نقل المواشي إلى أنحاء متفرقة من الإتحاد السوفييتي خاصة سيبيريا وأوزبكستان.و قام الجنود الروس بحرق ماوجدوه من مصاحف وكتب إسلامية، وأعدموا أئمة المساجد، وتم تحويل المساجد إلى دور سينما ومخازن. وفي تلك الأثناء بدأت الحرب التي قتل فيها من السوفييت ما يعادل عشرين مليون شخص (حسب الإحصائية السوفيتية الرسمية). وهَزم السوفيت الألمان بقيادة المارشال جوكف وكان ذلك في نهاية أبريل وبداية مايو عام 1945م. وبعد النصر المؤزر اتهم السوفييت التتار المسلمين بالخيانة ومساعدة الألمان، واستصدروا بحقهم أقصى العقوبات على وجه الأرض. وقاموا بتهجيرهم من البلاد.