ألزهايمر يعتبر أحد أكثر الأمراض شيوعاً في العالم، وهو داء يصيب المخ ويتطور ليفقد الإنسان ذاكرته وقدرته على التركيز والتعلم؛ ليبتلع معه ذكريات حياة بأكملها، ويصبح المريض معتمداً بشكل كامل على غيره للقيام بأبسط المهام اليومية، وعادة ما يصيب الإنسان في المراحل المتقدمة من العمر؛ إذ إن غالبية المرضى يصابون به بعد سن الخامسة والستين، كما أن فرصة ظهور المرض قد تصبح ضعفين أو ثلاثة عند الأشخاص الذين أصيب أحد والديهم أو أجدادهم أو أجداد أجدادهم بهذا المرض مقارنة بالأشخاص الطبيعيين. كما يعتبر مرضى متلازمة داون المنغولية من الأكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر المبكر، كما أنه المرض الذي هزم الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريجان، صاحب حرب النجوم، الذي استطاع القضاء على الاتحاد السوفييتي دون حرب ليجعله فاقداً للذاكرة، غير أن روح الدعابة لم تفارقه حينما وصف مرضه بقوله: "هذا مرض جميل! تقابل الأشخاص أنفسهم وتظن أنك ترى وجوهاً جديدة كل يوم". كان اكتشاف مرض ألزهايمر عن طريق الطبيب الألماني (ألويس ألزهايمر) عام 1906؛ حيث لاحظ تغيرات غريبة في مخ إحدى الجثث التي قام بتشريحها، وكانت لمريضة تدعى "فرو أوجستيه"، والبالغة من العمر 51 عاماً، والتي أحضرت إليه من قِبل عائلتها في عام 1901؛ حيث كانت تعاني من مشكلات في الذاكرة وشكوك لا أساس لها من الصحة بخيانة زوجها لها، وصعوبات في الكلام والإدراك، وفهم ما يقال لها. وأدى تفاقم الأعراض السريع لدى المريضة إلى جعلها طريحة الفراش؛ لينتهي بها المرض بالموت في عام 1906. وحتى يمكننا فهم هذا المرض، فالدماغ السليم يحتوي على عدد هائل من الخلايا العصبية، وكل خلية عصبية تتواصل مع الخلايا الأخرى؛ لتشكل شبكات عصبية ذات وظائف خاصة، فيما يُعزى المرض إلى تراكم نوعين من البروتينات التي تضر بالخلايا العصبية المسؤولة عن الذاكرة، والتي تتكون في الخلايا العصبية: بروتين (بيتا أميلويد) وبروتين (تاو)، وهذان البروتينان قد يتكونان أيضاً في خلايا البشر الأصحاء، لكن مرض ألزهايمر يحدث حينما تصل نسبة تراكم هذين البروتينين وكثافتهما إلى معدلات كبيرة؛ حيث يتراكم بروتين "بيتا أمولويد" خارج الخلايا العصبية، والعكس بالنسبة لبروتين "تاو"، الذي يتكدس داخلها، مما يلحق الضرر بالخلايا العصبية في المخ فيؤدي إلى منع الاتصال بين خلايا الدماغ العصبية وتعطيل الأنشطة التي تعتمد عليها هذه الخلايا في بقائها. وقد وجد الباحثون نقصاً في مادة كيميائية دماغية (ناقل عصبي) هي (الاستيل كولين) لدى مرضى ألزهايمر، وهذه المادة تلعب دوراً رئيسياً في الوظائف المعرفية والمنطقية؛ لذا تتركز الجهود باستمرار للتوصل لعلاجات من شأنها أن تحافظ على مستويات الاستيل كولين المخية، وذلك من خلال إما منع تفكيك الاستيل كولين أو العمل على زيادة مستويات الكولين (المادة التي تتحول فيما بعد إلى الاستيل كولين)، مما يعني التعامل فقط مع أعراض المرض، عبر منع المريض من التدهور وتحسين مستوى الوظائف المعرفية، غير أن الأبحاث الحديثة الحالية تتنوع في اتجاهها ما بين أدوية تهاجم البروتينات المشوهة المسماة "أميلويد"، والتي تتكون في المخ خلال مرض ألزهايمر، مما قد يجدي مع المرضى في المراحل المبكرة من المرض أو الحيلولة دون تكدس بروتين "تاو". على الرغم من أن ألزهايمر لا يوجد له علاج ناجع حتى الآن، فإنه من الممكن بواسطة الأدوية الحديثة والتمارين العقلية مثل القراءة، ولعب الشطرنج أو الكلمات المتقاطعة أو غيرها من النشاطات العقلية التي تحفز على استخدام قدرات الدماغ الاستيعابية، التحكم في سرعة تطور المرض. وأثبتت الأبحاث العلمية أن هناك عدة طرق لوقاية الجسم من هذا المرض وخفض إمكانية الإصابة به، مثل النوم بشكل كاف، وخصوصاً أن أدمغة الأشخاص الذين يعانون من الأرق هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض مع التقدم في السن، والسيطرة على التوتر، وتحسين أسلوب الحياة بشكل عام، ويعتبر اتباع حمية غذائية متوازنة من أهم الخطوات الوقائية، ومن الأطعمة والمشروبات التي تسهم في الوقاية من ألزهايمر: القرفة، وعصير التفاح، والقهوة، كما يسهم الكركم في علاج مرض ألزهايمر وليس الوقاية منه فقط، ولكن شريطة تناوله بشكل كامل، وعدم الاقتصار على مادة الكركمين الشهيرة فقط. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.