منذ أن دخلت معترك العمل الثقافي، والكتابة النقدية تفرض نفسها علي بمرور السنوات الماضية والملتقيات والندوات النقدية التي شاركت بها شخصيا، ومختلف الأنشطة التي حضرتها كمشارك أو مستمع، ولا يزال سؤال يتردد صداه في بالي: هل ثمة جدوى لما نكتب من نقد؟ لا أعتقد أن الإجابة محصورة بي وحدي، وإنما بكل المهتمين بالعمل النقدي أو الحركة الإبداعية ككل وسط من نشهده من انفجار سردي هائل جدا، وسط تزاحم وتنافس الأجيال المتعددة في عقد واحد على الكتابة الإبداعية، حافز معظمها في ذلك الجوائز الأدبية التي تناسلت أكثر مما قبل، دافعها الرغبة في الحضور المستمر في المشهد الثقافي، محركها الورش المهتمة في الكتابة الإبداعية، بصرف النظر عن رؤية القائمين أو هدفها وراء تنظيمها، وهو ما يجعل الكثيرين يعتقدون أنه بتجاوز هذه الورش فقد امتلك الرخصة المؤهلة لممارسة الكتابة الأدبية، مادام أنها تنظم تحت إشراف شخصيات لها ثقلها الإبداعي في الساحة المحلية أو العربية . لست ضد تنظيم الورش الخاصة بالكتابة الأدبية، ولكنني مع دقة تخصصها واتضاح نتائجها مستقبلا في الفرز بين الغث والسمين، فلا يتحمل النقد وحده هذه المهمة ، بل والقائمون على الورش ودور النشر والمؤسسات الرسمية والأهلية في إعطاء كل ذي جهده حقه الأدبي المستحق . النقد مهمة ليست سهلة ، وليست محصورة بالفرد دون المجتمع، الذي مهما اجتهد فإنه يقاتل لوحده في ميدان يكتفي البقية فيه بالتفرج والتذمر. فمرارا وتكرارا تحدثنا عن دور الجامعات والمؤسسات العلمية في دعم وتأسيس النقد، كما هو الحاصل في جامعات المغرب العربي كنموذج فعلي يحتذى به، ليس فعّالا هنا، بل مجرد اجتهادات شخصية من بعض العاملين في الحقل الأكاديمي، أما السواد الأعظم فانشغل ببحوث الترقيات العلمية والمنح الأكاديمية! لهذا توجهت مجموعة من المبدعين والمتخصصين لتأسيس مختبرات خاصة بالتحليل النقدي للكتابات الإبداعية، وأُنشئت بيوت للشعر والسرد، يهتم مؤسسوها وروادها في متابعة وتحليل المشهد عبر نصوص مبدعيه، من دون أدنى دعم من المؤسسات الرسمية . لهذا التواصل مطلوب بين الملتقيات الثقافية مع المختبرات السردية تبادل الخبرات والمقترحات ، تتجاوز حالة الجزر الثقافية التي تعيشها معظم الملتقيات والتجمعات الثقافية في الكويت والمنطقة. والعاقبة لمن يعقل ويتدبر. * كاتب وناقد كويتي @bo_salem72