×
محافظة المدينة المنورة

المحكمة العامة بالمدينة تودّع رئيسها المحيميد للتقاعد

صورة الخبر

بدر جعفر هندسة ألمانية، تصميم سويدي، ابتكار أمريكي، أناقة إيطالية، قلاقل عربية، تطرف إسلامي، حرب في الشرق الأوسط، للمضامين أهميتها. تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سواء بحق أو بغير حق، مشكلة تتعلق بسمعتها. هذه للأسف ليست مجرد مسألة تصورات، فقد ظل عدم الاستقرار السياسي شوكة في خصر المنطقة منذ عقود من الزمن. واليوم يتواصل الصراع النشط والتدهور الاجتماعي الاقتصادي عبر أرجاء الشرق الأوسط، مع ما ينشأ عن ذلك من أزمة إنسانية عمت آثارها المنطقة وفاضت إلى ضفاف أوروبا وأمريكا الشمالية. غير أن الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل ليست بعيدة المنال كما قد توحي عناوين الأخبار. ولن نذهب بعيداً، فلتنظر مثلاً إلى قطاع ريادة الأعمال المزدهر في المنطقة. فوفقاً لدراسة حديثة نشرها بنك إتش إس بي سي، يحتضن الشرق الأوسط أعلى نسبة من رواد الأعمال تحت سن 35 سنة في العالم. صار قطاع الشركات الناشئة المتنامي في المنطقة أعظم سند لنا في صياغة سرد أكثر توازناً بخصوص الشرق الأوسط. ومع كل منتج إبداعي يصدره رواد الأعمال إلى العالم، بإمكانهم تحطيم قطعة أخرى من حائط التوقعات المتدنية التي اكتنفت منطقتنا على مر الأجيال. وهذا جزء من دبلوماسية ريادة الأعمال. ولا ننسى أنه لا توجد طريقة أشد فعالية وتأثيراً لتشكيل الإدراكات وخلق روابط المودة بين المجتمعات على تنوعها من تبادل السلع والخدمات ذات العلامة التجارية التي تترك تأثيراً إيجابياً في حياة الناس. وبالتالي فإن دبلوماسية ريادة الأعمال لديها أيضاً القدرة على التصدي للاتجاهات العالمية المتمثلة في مشاعر كراهية الأجانب والانعزالية المتصاعدة بتوفير قناة قوية للشبان والشابات للتعبير عن أنفسهم والاتصال من خلال شغفهم المشترك بالابتكار والإبداع. على الرغم من الأهمية العاجلة لتوفير فرص العمل، يطيب لي اعتقاد أن هذا من الأسباب الأساسية وراء مثل هذا الالتزام القوي الذي نراه في دولة الإمارات تجاه إنشاء مراكز داعمة للشركات الناشئة ورواد الأعمال. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك مركز الشارقة لريادة الأعمال المعروف باسم شراع والذي افتتح أبوابه هذا العام في الجامعة الأمريكية في الشارقة بغرض دعم المبتكرين الشباب ومساعدتهم على إخراج أفكارهم إلى النور. رواد الأعمال هؤلاء وغيرهم بالملايين في عموم المنطقة أمامهم فرصة فريدة من نوعها لكي يبرهنوا - بطريقة لا يقدر عليها إنفاق مليارات الدولارات من الاستثمارات السلبية في الأصول الأجنبية - على أن الشرق الأوسط ما زال نبعاً للإبداع والابتكار. يمكن اقتفاء أثر بعض أقدم الأمثلة على ممارسة الدبلوماسية إلى تبادل ألواح من الصلصال منقوش عليها رسائل بين فراعنة مصر وحكام أرض كنعان (الجزء الجنوبي من بلاد الشام حالياً) الأموريين، إبان القرن الرابع عشر قبل الميلاد. وكلمة دبلوماسية ذاتها مشتقة من كلمة دبلوما الإغريقية القديمة، وهي عبارة عن خطاب تزكية أو وثيقة سلطة للدلالة على هوية الفرد بصفته مبعوثاً لدولته. ورواد الأعمال في يومنا هذا هم دبلوماسيو الاقتصاد العالمي. وهم يستمدون سلطتهم، أو دبلوماتهم، من إبداع أفكارهم وجودة منتجاتهم وقوة علاماتهم التجارية ويحملون سمعة بلدهم معهم أينما ذهبوا. وهذه ليست بالظاهرة الجديدة كلياً. فقد استمدت بلدان كثيرة مصداقية دولية واحتراماً عالمياً من الابتكار والبراعة الفنية اللذين هما سمة أعظم شركاتها الوطنية نجاحاً. فعندما يقضي أي شخص، في أي مكان في العالم، بعض الوقت في تصفح جوجل أو نشر الوسائط عن طريق آبل أو ارتشاف القهوة في ستار بكس أو ركوب سيارة مع أوبر أو الحصول على سكن من خلال (إير بي أند بي)، فهذه ليست مجرد أفعال من قبيل الاستهلاك التجاري العادي، بل هي أيضاً تجارب ثقافية دقيقة لكن عميقة التأثير تعزز مكانة الولايات المتحدة كمصدر رائد من مصادر الإبداع والابتكار والفرص في نفس المستهلك. وفي وطننا الإمارات، نجد أن الشركات الرائدة من قبيل طيران الإمارات والاتحاد للطيران أضفت بلا شك على سمعة بلدنا مضامين التميز والضيافة والاعتمادية والرؤية. لكن هناك شركات من عموم طيف عالم التجارة والأعمال، بما في ذلك مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة والشركاء العائلية والشركات المدرجة في البورصة، قادرة على فعل ما هو أكثر من ذلك لضمان أن تصير دبلوماسية ريادة الأعمال الفعالة جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات أعمالها الدولية. والانتشار الذي رأيناه مؤخراً في الشركات الناشئة ورواد الأعمال، وخصوصاً في اقتصادنا الرقمي الصاعد، يتيح لنا فرصة تاريخية لإنتاج المزيد من الأبطال الوطنيين. عبر شبكة عالمية واسعة من السفارات والقنصليات والمكاتب الدولية، يعمل دبلوماسيو الإمارات بلا كلل أو ملل على النهوض بمصالح أمتنا وترسيخ مكانتها في قلوب الناس وعقولهم في كل أنحاء العالم. وينبغي أن يعرف هؤلاء أنهم ليسوا بمفردهم في هذا المسعى. فالقطاع الخاص الإماراتي لديه دور فريد يلعبه في خلق فهم عالمي أكبر لمنطقتنا وطابعها وقدراتها من خلال جودة منتجاتنا وقوة أفكارنا. جميعنا أمامنا فرصة عظيمة، وتقع على عاتقنا مسؤولية جسيمة في آن واحد، لحمل هذه الراية. الرئيس التنفيذي لشركة الهلال للمشاريع ومؤسس مبادرة بيرل