المكالمات ترد على هاتف خليل كل يوم، عشرات المكالمات كل أسبوع: نساء وفتيات أسيرات لدى تنظيم «داعش» يتوسلن إلينا ويرجوننا أن ننقذهن ونخلّصهن من عذابهن. إنهن إيزيديات مثلنا. وفي مفارقة ماكرة، هن ناجيات من الإبادة الجماعية أبقى عليهن التنظيم المتطرف على قيد الحياة من أجل اغتصابهن واستغلالهن جنسياً. وقد سمعن عن شبكتنا لإنقاذ الفتيات الإيزيديات، ولذلك، فإنهم يتصلن بنا متى استطعن ذلك بوساطة الهواتف النقالة التي تمكنّ من إخفائها. إننا نسعى لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الضحايا وتوفير الرعاية لهن من أجل المساهمة في إعادة تأهيلهن، غير أننا لم نتمكن حتى الآن سوى من إنقاذ عدد صغير من النساء الـ3700 الأسيرات. ونعتقد أن معظمهن يوجدن في الموصل، التي تُعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق، وأهم معقل لـ«داعش» بعد الرقة في سوريا، وأكبر مدينة تحت سيطرة التنظيم. وقد بلغت معاناة هؤلاء النساء والفتيات مبلغاً إلى درجة أنهن بتن يقلن لنا إنهن يردن من الولايات المتحدة والبلدان الأخرى مهاجمة الموصل، حتى وإنْ كانت القنابل تمثل تهديداً لحياتهن. والحال أن القنابل بدأت تسقط على الموصل منذ بعض الوقت، حيث أطلق تحالف يقوده الجيش العراقي - ويضم البشمركة الكردية وقوات أميركية وتركية - هجومه على المدينة مؤخراً في ما يُتوقع أن يكون معركة محتدمة قد تستغرق عدة أسابيع. أما ما إن كانت هذه المعركة ستفضي إلى تحرير النساء والفتيات الإيزيديات، أم أنها، على العكس، ستزيد وتفاقم معاناتهن، فذلك يتوقف على الخيارات الحالية والمقبلة للقوات التي تقاتل «داعش»، والحكومات التي تنتمي إليها. وعليه، فثمة حاجة ملحة لتدابير تمنع «داعش» من الفرار بأسيراته. إننا نعلم أن «داعش» يحتجز أغلبية أسيراته الإيزيديات في الموصل، ولاشك أن انتصاراً عسكرياً للتحالف سيتيح فرصة لتحريرهن. غير أنه سيكون من شبه المستحيل تحديد مواقعهن إذا سُمح لمقاتلي التنظيم بأخذهن معهم والاختفاء. والحق أن كلمات مشجعة ما انفكت تصدر عن بعض الأوساط. فهذا هيثم المالكي، وهو قائد استخبارات في الجيش العراقي، قال لقناة فوكس نيوز: «عندما نصبح على مشارف المدينة، سنأمر رجالنا بالدخول وجمع أكبر عدد ممكن من الفتيات قبل دخول (القوات إلى المدينة)»، مضيفاً: «كما سنقوم بفتح طريق إغاثة لتأمين ممر آمن للنساء اللاتي لا نستطيع الوصول إليهن». ولكن الأقوال ليست بالضرورة كالأفعال. فخلال العامين الماضيين، لم تُبدِ الحكومة العراقية قلقاً كبيراً إزاء محنة الإيزيديات. ولذلك، ينبغي على الولايات المتحدة، التي تدخّلت عسكرياً في العراق في 2014 رداً على الإبادة الجماعية في حق الإيزيديين، أن تسعى لضمان أن يمنح حليفها في بغداد الأولوية لسلامة الأسيرات لدى تنظيم «داعش» خلال الهجوم على الموصل. لقد فر مئات الآلاف من الأشخاص من الموصل، ولاشك أن وتيرة النزوح سترتفع أكثر خلال الأيام والأسابيع المقبلة. ولهذا، نحث الولايات المتحدة وبلداناً أخرى على دعم دعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لإقامة منطقة آمنة يستطيع الإيزيديون وغيرهم من المدنيين اللجوء إليها. فخارج الموصل، يعيش آلاف الإيزيديين في مخيمات للنازحين داخلياً في كردستان العراق. ولكن هذه المخيمات تفتقر للموارد إلى حد كبير وتحتاج لدعم مادي. والكثير من الناجين يتطلعون إلى العودة إلى منازلهم في «سينجار»، التي يعيش فيها الإيزيديون منذ مئات السنين، ولكن خطر «داعش» ما زال قائماً يخيم على المنطقة. غير أنه بمساعدة أمنية وتنموية من الولايات المتحدة وبلدان أخرى، قد يستطيع الإيزيديون العودة إلى منازلهم والبدء في إعادة بناء حياتهم. ... المزيد