حفلت الساحة اللبنانية بالمواقف السياسية والأحداث الأمنية والتطورات القضائية أمس، فأعلن رئيس الجمهورية ميشال سليمان لمناسبة السجال الذي دار في اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري، تمسكه بإعلان بعبدا الذي يقول بتحييد لبنان عن المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، ودعا «الجميع الى عدم التشبث بمعادلات خشبية جامدة تعرقل صدور البيان الوزاري»، قاصداً بذلك اصرار قوى 8 آذار على أن ينص البيان على ما تسميه «المعادلة الذهبية»، (أي الجيش والشعب والمقاومة)، فاعتبر أن «الأرض والشعب والقيم المشتركة هي الثلاثية الذهبية الدائمة للوطن». وردّ على «ما حصل من تجاوز لمطلب إدراج إعلان بعبدا صراحة في البيان الوزاري والاكتفاء بذكر ضرورة تنفيذ مقررات هيئة الحوار الوطني في القصر الجمهوري»، فشدد على أن «إعلان بعبدا أصبح من الثوابت، وبمرتبة الميثاق الوطني وهو تالياً يسمو على البيانات الوزارية التي ترتبط بالحكومات وستُظهر الأيام ان الجميع سيحتاجون هذا الإعلان ويطالبون بتطبيقه». (راجع ص 6 و7) وفيما اعتبرت أوساط 8 آذار كلام سليمان رداً على قول رئيس البرلمان نبيه بري إنه يعتبر ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة الذهبية مقابل إعلان بعبدا، قالت مصادر مقربة من سليمان إن خطابه مكتوب منذ أكثر من أسبوع وإنه أراد إبلاغ المعنيين أنه مقابل تسليمه بتوافق الفرقاء على عدم ذكر اعلان بعبدا بالاسم في البيان الوزاري، فإن هذا الإعلان بات مسلماً به على أنه أهم من البيان الوزاري كواحد من الثوابت اللبنانية. وذكرت المصادر أن تشديد سليمان في خطابه الذي ألقاه أمس لمناسبة مؤتمر عن «غد واعد» في جامعة الروح القدس، على أن «وحدة القانون لا يحميها سوى المؤسسات الشرعية التي لا شريك لها في القرار والتنفيذ سياسياً وعسكرياً» أراد منه التذكير بأن دور المقاومة يجب أن يبقى تحت سلطة الدولة ومرجعيتها، و «بالاعتماد على تسليح الجيش اللبناني»، وهي النقطة التي كانت مدار خلاف بين ممثلي قوى 14 آذار وقوى 8 آذار في لجنة البيان الوزاري. وكان سليمان حمّل وزير الدولة محمد فنيش حين التقاه أول من أمس رسالة الى الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله دعاه فيها الى تليين موقف الحزب من البيان الوزاري والى عدم التورط في رد على الغارة الإسرائيلية على مواقع للحزب ليل الإثنين الماضي في منطقة جنتا البقاعية، نظراً الى مخاطر ذلك، وطالما أن الأمم المتحدة ضد الاعتداء الذي حصل على السيادة اللبنانية. وعلمت «الحياة أن الوزير فنيش أبلغ سليمان أن الحزب وحلفاءه قبلوا بالفقرة التي تنص على حصرية الدولة وسلطتها، فلماذا الإصرار على نص حول إمرة الدولة والجيش؟ وبموازاة موقف سليمان هذا، اجتمعت لجنة البيان الوزاري برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام للمرة السابعة، من أجل الاتفاق على صياغة أكثر وضوحاً لمرجعية الدولة في ما يخص مقاومة الاحتلال والعدوان الإسرائيليين، بعدما حصل شبه توافق على الاكتفاء بالإشارة الى التزام قرارات الحوار الوطني من دون ذكر اعلان بعبدا، باعتباره أحد هذه القرارات. وسبق الاجتماع لقاء بين سلام ورئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد، وآخر بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط للبحث في الصيغ المطروحة حول هذه الفقرة. وقبل أن ينتهي اجتماع اللجنة الوزارية الى فشل في التوصل الى صياغة مشتركة للفقرة موضوع الخلاف جاء الرد على كلام سليمان في بيان صدر عن تجمع العلماء المسلمين، (القريب من حزب الله) مساء اتهمه «بالانحياز الكامل الى رأي يعاند أكثرية اللبنانيين بحيث بات تدخله في انجاز البيان الوزاري معرقلاً لمسيرة عمل الحكومة ما يدفعنا الى التساؤل إذا كان هذا ناتجاً عن عدم موافقة شعب المقاومة على التمديد له». واعتبر بيان تجمع العلماء أن «إعلان بعبدا ليس ميثاقاً وطنياً ولا يرقى ليكون أكثر من حبر على ورق هدفه الدخول في المؤامرة الكبرى على نهج المقاومة بإيعاز أميركي صهيوني». ودعا وزراء المقاومة «الى التمسك بالثلاثية ولو أدى ذلك لإسقاط هذه الحكومة الفاشلة»... والى «ترحيل البند المتعلق بالملف السوري الى هيئة الحوار». وحدّد موعد جديد لاجتماع لجنة البيان الوزاري يوم الاثنين المقبل. وقال وزير الصحة وائل أبو فاعور انه «تم التوصل الى صيغة مرضية في شأن إعلان بعبدا ولا يزال النقاش على موضوع حق لبنان بمقاومة اسرائيل لكن هناك اشكالية حول أين تقف حدود الدولة ومرجعيتها». أما على الصعيد الأمني، فقد أكدت مصادر أمنية واكبت التحقيقات الجارية مع الموقوفين لدى شعبة المعلومات حسن أبو علفة وابن عمه محمود أبو علفة، أن الأخير كُلف بمراقبة المداخل الى مقر الرئيس نبيه بري في حي عين التينة في بيروت تمهيداً لتنفيذ عملية انتحارية على المقر، وأن بري تبلّغ بهذه المعلومات قبل يومين وأخذ جهاز الأمن الخاص به اجراءات أمنية مشددة في محيط مقره. وربطاً بتداعيات القتال الدائر في منطقة يبرود في سورية، شهدت مناطق بقاعية تسخيناً فوق العادة أمس، فقصفت طائرات سورية مخيماً للنازحين السوريين في وادي الخيل في جرود عرسال ما أدى الى مقتل شخصين وجرح 5 بينهم نساء وأطفال. كما قصفت الطائرات الحربية السورية منطقة خربة يونين في جرود عرسال بأربع صواريخ. وفي المقابل سقطت صواريخ عدة مصدرها الأراضي السورية على بلدة بريتال ومحيطها ما أدى الى إصابة طفلة في أحد المنازل الذي اخترقه أحد الصواريخ، بجروح طفيفة وأصيبت منازل أخرى بأضرار مادية. وليلاً، أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش) مسؤوليته عن قصف بريتال وجرودها. وقال بيان داعش على أحد مواقع التواصل الاجتماعي إن «أسود الدولة الإسلامية قاموا بدك معاقل حزب الشيطان بـ 3 صواريخ غراد على منطقة بريتال رداً على الكمين الذي تعرض له أهلنا في العتيبة وما يمارسه حزب الشيطان على أهل السنّة من ترويع وقتل وإجرام في كل مكان». وعلى الصعيد القضائي، صدر أمس القرار الظني في أحداث عبرا في منطقة صيدا في أيار (مايو) العام الماضي، حيث حصلت المواجهة بين أنصار الشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني. وطلب القضاء العسكري عقوبة الإعدام للأسير الفار وللفنان المعتزل فضل شاكر ولـ 66 آخرين بينهم 52 موقوفاً وجاهياً. وقرر قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا إطلاق 8 موقوفين لعدم كفاية الدليل. وعرض القرار الظني إفادات بعض الموقوفين، وقال بعضهم إنه شارك في القتال لاعتقاده بأنه ضد مسلحي «سرايا المقاومة» (الموالية لـ «حزب الله»)، كما روى أحدهم كيف حلق الأسير ذقنه في اليوم التالي للقتال وغادر منطقة عبرا مع زوجتيه وفضل شاكر.