"قال لي أبي إنه سيتبرأ مني إذا اعتنقت الإسلام، بل سيعتبر أنني مت ويحزن عليَ سبعة أيام حداد ويشق ملابسه حزناً. لقد قاطعني تماماً، كذلك توسل إخوتي كي أتراجع، لكن الأمر برمته لم يشغلني". جاء ذلك على لسان "جي"، فتاة يهودية إسرائيلية، كان عمرها، وقت خروج قصتها للنور 20 ربيعاً، من سكان منطقة "عيمق يزرعئيل" شمال إسرائيل، تنتمي لأسرة محافظة من الجيل الثالث للناجين من المحارق النازية. بدأت قصتها بالتعرف على شاب فلسطيني مسلم، شعرت بالراحة النفسية بصحبته، وتوطدت العلاقة بينهما بزيارته في منزله، لكنهما لم يتجاذبا أطراف الحديث في الحب والجنس، كما هو متوقع، بل بدأ في تعريفها بالإسلام وفي كل مرة كانت تزوره كان يعلمها بعض آيات القرآن. دخلت الفتاة في صراع نفسي رهيب، لكن المعاني والرسائل التي استخلصتها من القرآن مدتها بالقوة كما تقول. فبدأت تعود إلى منزلها كل مرة مع أجزاء من كتاب المسلمين المقدس، وفجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب إذ اكتشفت الأم أمر صغيرتها المنشغلة بالإسلام، بعد أن عثرت لدى تنظيف حجرتها على تلك النصوص، وهو ما كان بمثابة كارثة بالنسبة إليها. وبين بكاء الأم وصراخ الأب، حاولت "جي" أن توضح لهما أن تلك النصوص فقط تثير اهتمامها، لا شيء أكثر من ذلك، لكن كانت الشكوك قد بلغت مبلغها وأدركا أن الفتاة تمضي في طريق خطير من وجهة نظرهما. وبالفعل بدأت "جي" في عملية بحث على الانترنت، كانت متعطشة للكثير من الإجابات حول الإسلام. ساعدتها في ذلك شقيقة صديقها المسلم، التي مدتها بكتيبات دينية. في ذلك الوقت، قررت الفتاة، مع تزايد حدة خلافاتها مع أسرتها مغادرة البيت وبادرت إلى إشهار إسلامها في محكمة شرعية، والإقامة لدى صديقة مسلمة بمدينة يافا. "أخبرتني ابنتي هاتفياً أنها قررت أمراً، وأنها تريد الحديث معي ومع أبيها، لم أتخيل في أكثر أحلامي سوداوية أن تسير الأمور على هذا النحو، عندما أخبرتني باعتناقها الإسلام. شعرت أن جسدي يتهاوى، لم أتحمل المزيد. أنا ابنة لعائلة ناجين من المحرقة، أبناء عائلتي ماتوا في المحرقة وابنتي أنا تتحول من اليهودية للإسلام؟ من يصدق ذلك؟"، قالت الأم في انهيار تام. لم تكن قصة "جي" التي كشفت عنها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بتاريخ 2 مارس 2012 سوى حالة واحدة من مئات القصص لفتيات وشباب يهود اعتنقوا الإسلام خلال السنوات الماضية، ساعدهم في ذلك التقنية الحديثة وسهولة البحث عن المعلومة، وانتشار الفضائيات ومواقع الإنترنت التي تعرّف بالإسلام وتدعو لاعتناقه. فضلاً عن مراكز إسلامية تنتهج العمل الدعوي لنشر الإسلام بين اليهود، ما حدا جمعيات أهلية يهودية على التحذير من اتساع رقعة هذه الظاهرة، منها جمعية "ياد لأحيم"، التي تقول إنها تحاول "إنقاذ أرواح اليهود" الذين تركوا اليهودية. دار السلام وسط قرية كفر قرع العربية الواقعة في المثلث الشمالي، وتتبع إدارياً لواء حيفا، ينشط مركز "دار السلام" الإسلامي في إقناع الفتيات والشبان اليهود باعتناق الإسلام. صحيفة "معاريف" ألقت الضوء على المركز في تقريرها المنشور في 6 يناير 2014، وقالت إنه يعمل من منطق "عضو يأتي بآخر"، فتقوم الفتاة أو الشاب الذي اعتنق الإسلام حديثاً بالإتيان بأصدقائهم للتعريف بالإسلام، من خلال دروس يتم إلقاؤها باللغة العبرية، تحاول إقناع اليهودي بأن الإسلام هو طريق السعادة. عائشة الداعية عائشة، قصة أخرى للمتحولات للإسلام في إسرائيل. رغم أن جدها كان حاخاماً معروفاً وأمها يهودية متدينة، إذ أشهرت إسلامها في المسجد الأقصى بعد تجربة طويلة تعرفت خلالها على ناشطين بـ"دار السلام". تقول الفتاة التي ظهرت في فيديو جرى تصويره داخل المركز الإسلامي ونشرته صحيفة "معاريف" في تقريرها: "بدأ كل شيء عام 2008، وقتها كنت أعاني وجعاً شديداً في بطني، فأرسلت لي إحدى صديقاتي المهتمات بالإسلام فيديو لسورة من القرآن، فإذا بآلام بطني تزول فجأة، وعندما انتهت السورة عاد الألم مرة أخرى، وقتها عرفت أن هناك قوة كامنة في القرآن". أقوال جاهزة شارك غردقصة "جي"، الفتاة اليهودية الإسرائيلية التي وقعت في حب شاب فلسطيني فجذبها إلى الإسلام شارك غردقصة الحاخام المتطرف المعادي للإسلام "يوسف كوهين" الذي أصبح في ما بعد يوسف الخطاب وأسس مركزاً للدعوة الإسلامية في القدس لم تفكر عائشة في اعتناق الإسلام، لكنها كانت مهتمة بقراءة القصص على الإنترنت عن سيرة النبي محمد، إلى أن جاءت اللحظة الفارقة، تقول الفتاة: "منذ سنوات كنت مع صديقة لدى زوجها في قرية بوادي عارة، وقتها مر بجوارنا شيخ من جماعة دار السلام وأعطاني كتاباً اسمه الطريق إلى السعادة". قرأت الفتاة الكتاب واقتنعت بالرسائل التي يبثها، ثم اتصلت بأحد شيوخ المركز، وحددت معه موعداً لإشهار إسلامها هناك، وكذلك فعلت إحدى صديقاتها. لكن القصة لم تنته هنا، إذ اضطرت عائشة للعيش في عالمين أحدهما يهودي والآخر إسلامي خوفاً من أسرتها، وتحديداً أمها، تقول: "لم أستسلم رغم كل الصعوبات التي واجهتني. أنتظر خروج الجميع من المنزل وأصلي، في الصباح أستيقظ في هدوء حتى لا تستيقظ أمي وأؤدي الصلاة، أمي صعبة للغاية، تنحدر من بيت يهودي وجدها كان حاخاماً شهيراً بالقوقاز". قبل اعتناق عائشة الإسلام، كانت تصوم يوم الغفران وتضيء شموع السبت، أيضاً بعد إسلامها اضطرت لصيام يوم الغفران حتى لا يشك أحد في أمرها. وتقول في الفيديو، وهي تجهش بالبكاء: "أعيش في عالمين، أصوم في رمضان، ثم أصوم يوم الغفران". عائشة لم تعتنق الإسلام فحسب، بل أصبحت داعية إسلامية تلجأ إليها الكثير من الفتيات اليهوديات للتعرف على الإسلام عن كثب، والوقوف على تجربتها، والاستفادة منها في رحلة البحث عن الحقيقة، فتقول إنها ساعدت أربعاً من صديقاتها على اعتناق دين محمد. طالي فحيما من أشهر قصص دخول اليهود الإسلام، قصة "طالي فحيما"، وهي ناشطة سلام يسارية إسرائيلية من عائلة يهودية ذات أصول جزائرية، نشرت الصحف العبرية خبر إسلامها في 8 يونيو 2010. وعرفت فحيما بمواقفها الداعمة لحق الفلسطينيين في المقاومة، لذا سجنتها سلطات الاحتلال من 2005 إلى 2007، بتهمة مساعدة الناشط في كتائب شهداء الأقصى زكريا الزبيدي. وقالت الناشطة الإسرائيلية إن الشيخ رائد صلاح قائد الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر والمعتقل حالياً في سجون الاحتلال هو سبب إسلامها. خطاب ومن "طالي فحيما" اليسارية المتطرفة إلى الحاخام المتطرف المعادي للإسلام "يوسف كوهين"، الذي ينتمي للتيار الصوفي "سمطار" وهاجر لإسرائيل من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1998. عمل بالحي اليهودي بالقدس المحتلة، وهناك تعرف لأول مرة على المسلمين عن كثب، وتدريجياً بدأ في مراسلة رجال دين مسلمين عبر الإنترنت، واشترى نسخة من القرآن باللغة الإنجليزية. بعد فترة من الدراسة أعلن إسلامه، وغير اسمه إلى يوسف الخطاب، وغير اسم زوجته إلى قمر، كذلك فعل بأولاده الأربعة، الذين درسوا بعد ذلك في مدارس إسلامية. لم ينته المطاف بخطاب هنا، بل أسس في القدس مركزاً للدعوة الإسلامية، واعتنق عشرات اليهود الإسلام على يديه، بحسب موقع "كيكار هشبات" اليهودي المتشدد. بعيداً عن أعين الإعلام بحسب إحصائية رسمية نشرت عام 2009 هناك 100 يهودي يعتنقون الإسلام سنوياً بشكل رسمي في إسرائيل، بينما لا توجد هناك معطيات دقيقة عن العشرات الذين يبقون الأمر سراً خوفاً من ردة فعل أسرهم. ما يؤكده الشيخ "عماد يونس" مدير "لجنة الرحمة"، التي تهتم بشؤون المعتنقين الجدد للإسلام، والذي أكد في حديث لموقع "إم واينت"، النسخة المحلية لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، في 12 أغسطس 2014، أنه أشرف خلال فترة وجيزة على اعتناق عشرات اليهود للإسلام بعيداً عن أعين الإعلام. في أغسطس 2014 تظاهر أعضاء من جماعات يهودية متشددة أمام قاعة زفاف بمدينة يافا، بعدما شهدت عرس الشاب العربي المسلم محمود منصور من اليهودية "مورال مالخا"، التي اعتنقت الإسلام قبل ذلك بفترة وجيزة، ما أدى لتدخل الشرطة لمنع المتشددين اليهود من اقتحام القاعة. أكمل القراءة وبحسب الموقع، فإن السواد الأعظم من معتنقي الإسلام يقيمون في ساحة الصراع الرئيسية بين اليهود والمسلمين أي مدينة القدس، ما يقلق الجماعات اليهودية كثيراً، ودفع عضو الكنيست "أوري شراجا أورباخ" (توفي في فبراير 2015) للقول: "أي يهودي يغير ديانته هو خسارة مؤلمة". الإسلام والحب لكن تثبت التجارب أن الكثير من الفتيات أو الشباب الذين دخلوا الإسلام، فقط للزواج من شريك مسلم قد عادوا مجدداً لليهودية، رغم مرور سنوات طويلة على زواجهم. في 10 يوليو 2012، نشرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي تقريراً عن إسرائيلية أحبت شاباً فلسطينياً واعتنقت الإسلام من أجله وانتقلت للعيش معه بمدينة طولكرم بالضفة الغربية. لكن بعد زواج استمر 30 عاماً أثمر عن إنجاب 8 أبناء، وبعد تعدي زوجها عليها بالضرب المبرح، كما تقول، فرت السيدة التي رمزت إليها الصحيفة بالحرف "م"، مع اثنين من أبنائها إلى إسرائيل، لتعود بذلك لأسرتها التي ظنت لسنوات أنها ماتت بعد اختفائها بشكل مفاجئ. القناة السابعة الإسرائيلية "عاروتس شيفع"، نشرت في 23 فبراير 2016، قصة الإسرائيلية مريم التي اعتنقت الإسلام في سن 16 عاماً، لتتزوج من حبيبها المسلم وتنتقل للعيش في منزله، لكنها عادت بعد 14 عاماً وقررت العودة لليهودية مرة أخرى. طقوس العودة كان على مريم إجراء طقوس تسمى "العودة لليهودية"، فوقفت في المحكمة الحاخامية وجرى استتابتها، والتأكد من رغبتها في العودة لليهودية، وعدم رغبتها في العودة لزوجها المسلم، لتمنحها المحكمة بعد ذلك شهادة العودة لليهودية، التي تعطيها الحق في تعديل ديانتها بهويتها الشخصية. تختلف طقوس العودة لليهودية من الإسلام عن الطقوس الخاصة بالعودة من ديانات أخرى. ترى اليهودية أنها تنطوي على وثنية كالمسيحية مثلاً، ففي هذه الحالة قد يجد الشخص نفسه مضطراً لتجاوز طقوس التهويد (جيور) كاملة أو على الأقل القبول بملكوت السماوات، وتعني القبول الشخصي بسيادة الرب، ثم التعهد بإقامة الشعائر اليهودية (كيوم متسفاه)، وأخيراً الاستحمام والتطهر وفقاً للشريعة اليهودية (تافيلاه). في المقابل، والكلام لـ"عاروتس شيفع"، يقر الإسلام بوحدانية الرب، لذلك فإن الإجراءات في هذه الحالة أبسط بكثير، إذ طُلب خلالها من مريم أن تؤكد للحاخامات في المحكمة، أنها تقبل الشريعة اليهودية وتلتزم بإقامة شعائرها. في صفوف داعش "رفائيل عمار" هذا الاسم يذكره الكثير من اليهود جيداً، ذلك لأن الشاب البالغ 22 عاماً كان أول قتيل يهودي (سابقاً) في صفوف تنظيم داعش. كان "عمار"، وهو يهودي فرنسي، بارعاً في مجال الكومبيوتر، اعتنق الإسلام عام 2010، وفي 21 يوليو 2014، وصل إلى سوريا عبر برشلونة وتركيا، تاركاً أسرته في مسقط رأسه بمدينة "ليونيل" جنوب فرنسا. لم يتلقَّ تدريبات قتالية، لكنه اختير لتنفيذ مهمات نوعية في مجال تخصصه، فأعد مثلاً الإحصاء السكاني الذي أجرته القيادة المحلية لداعش، وأدخل تعديلات على طائرات صغيرة بدون طيار صناعة إيرانية يتم تشغيلها من خلال الهواتف المحمولة. في 17 أكتوبر 2014، أبلغ عناصر التنظيم والديه بخبر وفاته واثنين من رفاقه في قصف للجيش السوري النظامي استهدف مدينة دير الزور. ويقول والده لصحيفة "معاريف"، في تقرير نشرته الصحيفة بتاريخ 11 نوفمبر 2014، إن ابنه اعتنق الإسلام في عمر 18 عاماً بعدما أقنعه صديق طفولته الذي سافر هو الآخر إلى سوريا مع زوجته الحامل. مضيفاً أن "عمار" كان في صباه محافظاً على الشعائر اليهودية، وحريصاً على حضور ترتيبات عيد الفصح والطقوس الدينية المختلفة. بعد مقتل عمار بشهر واحد، لقيت سارة حتفها في سوريا، وهي فتاة يهودية فرنسية أيضاً عمرها 18 عاماً، لتلتحق بمجموعة من 10 شباب وفتيات يهود، أكدت الجالية اليهودية في فرنسا أنهم غادروا إلى سوريا والعراق. اقرأ أيضاً "اليهودي العربي الأخير" تعرّفوا إلى الشخصية اليهودية عبر رموزها الدينية لماذا يحمل اليهود المتدينون كل هذا الكره للمسيحيين؟ معتز بالله محمد صحافي مصري متخصص في الشؤون الإسرائلية وعضو في نقابة الصحافيين. كلمات مفتاحية الإسلام الطائفة اليهودية التعليقات