تشير التوقعات الى أن آسيا سوف تحصد نحو 45 في المئة من العوائد – أي ما يقارب تريليون دولار – من صناعة الدفعات الدولية بحلول سنة 2019. تجتذب تطبيقات الدفع الإلكترونية مثل فينمو Venmo العملاء وتحتل عناوين بارزة بسبب سهولة استخدامها ووضوح تكلفتها وانتشارها الواسع، مما يجعلها كأنها قادرة على نقل الأموال عبر الهواء بحرية تامة. وفي حقيقة الأمر فإن سوق الدفع الالكتروني العالمي أكثر تعقيداً بقدر كبير مما تظهره منتجاته. على المستوى العالمي فإن التشظي في صناعة الدفع الالكتروني يشبه تبادل الرسائل على الهواتف الجوالة في منصات مثل "وي تشات" WeChat في الصين و"لاين" Line في اليابان و"فايبر" Viber في الفلبين... وهكذا. وفي أميركا الشمالية تهيمن بي بال Paypal مع فرعيها فينمو وبرينتري على سوق الدفعات الالكترونية. وفي إفريقيا تعتبر M-PESA في كينيا اللاعب الرئيسي حيث تقوم بدور الوسيط في المبادلات المالية لمن ليس لديهم حسابات مصرفية وكمنصة توفير بالنسبة الى الملايين الذين يفتقرون الى الوصول الى النظام المصرفي التقليدي. وقد عملت Alipay من علي بابا وWallet WeChat من تنسنت Tencent بشكل أساسي على تجزئة الأسواق الصينية. وعلى الرغم من وجود الكثير من أنشطة الشركات حديثة العهد في الأميركيتين وأوروبا وإفريقيا لم نشهد بعد شركة تشكل خطراً بارزاً على تلك الشركات الاقليمية الرائدة، كما لا تمثل الشركات حديثة العهد ولا الجهات الأصلية صورة منافس عملي للهيمنة على مستوى عالمي. وإضافة إلى ذلك، فإن هيمنة الدولة المعينة ليس هو الشيء الوحيد الذي يميز بين هذه الشركات. والبعض منها – مثل فينمو وبي بال تطلب من المستخدمين فتح حسابات مصرفية، وهو ما يعني أن المليارين ونصف المليار من الأشخاص على مستوى العالم الذين لا يملكون حسابات مصرفية رسمية لا يمكنهم استعمال خدماتها. (بطاقة بي بال المسبقة الدفع النقدي مصممة لاجتذاب من لا يملكون حسابات مصرفية، ولكنها تعرضت لانتقادات بسبب الإفراط في تركيزها الضيق على بي بال). الشركات الاخرى، مثل M-PESA يمكن استخدامها من دون وجود حساب مصرفي، وهو ما يجعل مداها أوسع كثيراً، على الرغم من عدم توسع أي واحدة خارج نطاق الهيمنة الإقليمية. ما سر الحيرة في هذا الشأن؟ على سبيل المثال، مع تسارع التبني الرقمي وانتشار التجارة الإلكترونية تبدو جنوب شرق آسيا مثل هدف مثالي للتوسع من قبل واحدة من هذه الخدمات الكبيرة لعمليات الدفع. وعلى الرغم من ذلك يظل المدى متشظياً الى حد كبير وزاخراً بلاعبين محليين لديهم القدرة على التكيف محلياً بدرجة أسرع من الشركات الكبرى الاقليمية، ويشمل ذلك الشركات الجديدة حديثة العهد والمتفرعة عن شركات أعرق مثل هالو Pay من لازادا Lazada أو Go-Pay من Go-Jek. وكما هو الحال بالنسبة الى رسائل الجوال الى حد كبير فإن صناعة الدفعات الالكترونية ليست ناضجة وتتغير بسرعة. وبالنسبة الى الكل ما عدا الشركات الأكثر تأسيساً في الأسواق الأكثر استقراراً فإن الاستحواذ على عمليات الدفع الالكتروني يتوسع في شتى أنحاء العالم. وعلى الرغم من تشظي المشهد الراهن في الأسواق على صعيد اقليمي، فإن ظاهرة الاستحواذ على الصعيد العالمي أضخم وأقوى. وبكلمات اخرى إنها أشبه ببركة ماء تتسع لعدد لا بأس به من الأسماك الكبيرة. وبالنسبة الى الوقت الراهن على الأقل يصعب تصور سيناريو يشمل فائزا وحيداً في صناعة الدفعات العالمية. وبصورة عامة فإن أسواق الدفعات ذات سمة محلية بشكل أساسي. وعلى صعيد عالمي فإن أقل من 20 في المئة من دفعات الأفراد والشركات في سنة 2014 تخطت الحدود الدولية، بحسب تقرير ماكينزي للدفعات في عام 2015. وشكلت آسيا نحو 40 في المئة من الـ 1.8 تريليون دولار من عوائد صناعة الدفعات الاجمالية في 2014، وتشير التوقعات الى أن تلك المنطقة سوف تحصد نحو 45 في المئة من العوائد – أي ما يقارب تريليون دولار – من صناعة الدفعات الدولية بحلول سنة 2019. حقيقة الأسواق الآسيوية وعلى الرغم من أن هذه الاحصائيات تشير إلى أن أسواق الدفعات الآسيوية موحدة إلى حد ما فإن هذا يخالف الواقع. وعلى المستوى الاقليمي يتم فرز أسواق الدفعات الالكترونية من خلال التباين في التبني التقني وشدة الاشراف التنظيمي. وفي آسيا توجد دول كانت عمليات نقل الأموال الضخمة تتم فيها عن طريق الانتقال الفعلي للأموال من مكان الى آخر. وكانت سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية من أوائل الدول التي سارعت الى تبني تقنيات الدفع عبر الجوال والطرق الالكترونية الاخرى، فيما لم تكن عمليات الدفع تلك والعمليات المصرفية ممكنة حقاً في أسواق ناشئة مثل ميانمار حتى هذه السنة. وحتى في الصين التي شهدت ازدهاراً حقيقياً في ابتكارات التقنية المالية لا يزال من الشائع بالنسبة الى المرء شراء أشياء غالية مثل السيارات بأكثر من 660 ألف قطعة نقدية تزن أكثر من أربعة أطنان بسبب وجود بضعة بنوك قليلة في ضواحي شينيانغ الصغيرة. وهناك كان المواطن يشعر بأن من المنطقي بقدر أكبر الاحتفاظ بأكثر من 8000 باوند من المال نقدا بدلاً من ايداعها في أحد البنوك. وتواجه شركات الدفع الالكتروني الساعية الى الهيمنة في مناطق آسيا (المحيط الهادئ وجنوب شرق آسيا) عقبة إضافية تتمثل في التنظيم. ولدى الصين وهي القوة الاقتصادية الرئيسية في الاقليم قوانين صارمة في تنظيم العملة والعمل المصرفي. كما أنها تضع العديد من القيود على العمليات العابرة للحدود التي تعمل على شكل سيف ثنائي الحد. وفيما تعمل هذه الاجراءات التنظيمية على حماية مزودي الدفعات الالكترونية الصينيين من المنافسة الأجنبية الى حد معين فهي تعيق أيضاً توسع منصات الدفع الصينية الكبرى الى الأسواق في خارج الصين.