هشام صافي تبذل وزارة التربية والتعليم جهوداً جبارة، لتستطيع مواكبة انطلاقة البلاد نحو صنع المستقبل المنظور بأدوات الحاضر، وتهيئة كل الظروف المواتية لتطويع العقبات المنتظرة، والارتقاء بقدرات ومعطيات الواقع المعاش، ليتحقق الأمل في غد أفضل من اليوم، وأكثر إشراقاً وابتسامة. ومن هذه الجهود تطوير المناهج الدراسية وتحديثها، لتصبح أكثر دافعية للارتقاء بملكات الفرد، ولتكون قادرة على صنع إنسان جديد يناسب الزمن الآتي، يصنعه، ويطوع معطياته لصالحه. وما تحتاج إليه في هذه المرحلة من مسيرتنا التربوية والتعليمية بالضبط، مزيداً من التخطيط التكتيكي، الذي يخدم في نتائجه ومخرجاته استراتيجية تطوير التعليم، والواقعية، بمعنى مراعاة المناهج المطورة لمتوسط قدرات ومستويات الطلبة، وتبني خطط الانطلاق بناء عليها، فتكون خطواتها هنا مدروسة، بنتائج متوقعة وغير مفاجئة. الميدان التربوي غير قادر على استيعاب جرعة التطوير الكبيرة التي تعطى له، ولذلك يشعر الطلبة بغربة نسبية عن المناهج المطورة، بسبب غياب سنوات التمهيد، وعدم أهلية المعلم بمستواه في الأمس واليوم، ليقود مركب التغيير والتحديث، فلم يطرأ عليه جديد بمستوى كاف بعد، ليكون أهلاً لتوصيل الأساليب العلمية الحديثة في التفاعل مع أدوات المعرفة، وهو بحاجة لصقل قدرات تدريجي، خطوة خطوة وبالسرعة التي تمكنه من العطاء الخلاق، ولا يصبح هو الآخر مغترباً عن واقعه ومهنته. ويبقى الحل الأكثر نجاعة لكل المعضلات التي تواجهنا في حياتنا، الارتباط الإيجابي بالميدان، قراءة حيثياته ومكوناته ومطالبه، ومعرفة قدراته على مواكبة التغيير وأفضل الأساليب لتحقيق ذلك. والموجهون هم الفئة التربوية الوحيدة القادرة على قراءة الواقع الميداني، وتلمس مشاكله واحتياجاته، وتحديد سبل الانطلاق به إلى رحاب المستقبل، فلديهم من الخبرات والمعرفة ما يكفي، والشهادات العلمية، والإطلاع الواسع على كل تربوي جديد على مستوى العالم. الموجهون لديهم القدرة على تطويع الميدان التربوي، ليواكب استراتيجية التطوير، ويصبح أداة نجاحها وتحقيقها على الأرض، وتهيئة قواه المتفاعلة، لتؤدي الأدوار المطلوبة منها بالكفاية المطلوبة والمؤهلة، لتحقيق أفضل النتائج وأكثرها اقتراباً من الآمال المرجوة، وبغير تفعيل أدوارهم ستبقى خطط التطوير تعزف منفردة دون مستمعين تكون آهاتهم العلمية دليل طربهم واستمتاعهم. بالتوجيه نقود الميدان التربوي بطلبته ومعلميه وإداراته المدرسية وأولياء الأمور، إلى حيث تريد الخطط التكتيكية لاستراتيجية التغيير والتطوير التربوي، ونضع المناهج العلمية المطورة بالقياس لمعطيات الواقع الذي نستهدف تغييره، والتأثير فيه إلى الأفضل، فلا يغترب أحد، ولا يشكو الطالب عدم فهمه لما يقال في حصة الدرس، ولا يعاني المعلم صعوبة توصيل وتطبيق الأساليب الحديثة في التدريس، ولا يجد أولياء الأمور أنفسهم في حيرة من أمرهم، وغير قادرين على مد يد العون لأبنائهم. المصلحة واحدة للجميع، والمطلوب أن يشعر الجميع أنهم بتعاونهم يستطيعون تحقيق المراد.