في استبيان أجرته صحيفة «الرياض» عن مدى ثقة المواطن في وعود المسؤولين عن تنفيذ المشاريع، جاءت النتيجة متماهية مع أزمة الثقة التي تطوق أركان هذه العلاقة، حيث أبدى 84% من العينة عدم الثقة بهذه الوعود مقابل 2% فقط يثقون بها تماما، في الوقت الذي أبدى 12% ثقتهم «أحيانا»، أما بقية النسبة 2% فقد أبدوا عدم علمهم. هذه النسبة المقلوبة، مقارنة بالمعايير الطبيعية، تعطي مؤشرا خطيرا عن أزمة الثقة ومقياس الفجوة بين المسؤول والمواطن، وهي محصلة لم تأت اعتباطا، وإنما على خلفية خطاب فاشل سيكون له تبعات غير محسوبة في المستقبل؛ لأن مساحة هذه الفجوة ستكون لها تداعيات كثيرة لا تخدم الدولة والمجتمع. المسؤول أو الموظف ــ في ظل هذه العلاقة ــ أصبح لا يثق في نفسه، فهو عندما يعود من مكتبه يقع عادة في صفوف المتفرجين خارج أرضية الملعب، بمعنى أنه انشطر مع الزمن إلى شطرين واستمرأ ازدواجية هذا الدور؛ لأنه يعفيه من مسؤولية الصباح ومواطنة المساء. على مؤسسات وهيئات ووزارات الحكومة أن تغير من طبيعة خطابها وأن تساير الواقع، وأن تعطي مرونة للمتحدث الرسمي لإصلاح هذا الخلل البنيوي في العلاقة بين الأجهزة والمجتمع، وأن يكون له حق العودة إلى الحقيقة مهما كانت مرة أو قاسية؛ لأن الحقيقة وحدها هي كلمة السحر القادرة على تقريب الفجوة وردم الهوة.