افتتح بلال علاء ومحمد مصطفىكتابهما "زمن الوحوش الضارية- بحث في صراع الخطابات في مصر في سنوات الضباب والثورة والدم" بجزء من مقولة المفكر الإيطالي أنطونيو غرامشي "القديم ينهار، والجديد لم يولد بعد، وفي هذه الأثناء تكثر الوحوش الضارية". في هذا الكتاب الصادر عن منتدى العلاقات العربية والدولية بالدوحة يحاول الكاتبان تطبيق نظريات تفسر انهيار بنى المجتمع المدني، ونتائجه على ما دار وما يدور في مصر الثورة من دم وضباب في الفترة الممتدة من 25 يناير/كانون الثاني 2011 إلى 30 يونيو/حزيران 2013. وقسَّم الباحثان ساحة الأطراف في مصر وفق تصور مستوى هيمنة كل طرف لتحديد مدى ثقله في المجتمع، فهناك من شكلوا هيمنة صاعدة احتاجت فترة من الزمن مثل الجيش والحركات الشبابية الثورية، ثم الهيمنة المتآكلة كانت في الإخوان المسلمين والسلفيين والحزب الوطني، ثم الهيمنة الكامنة في الحركات الشبابية والألتراس وأبو إسماعيل، وأخيرا الهيمنة التاريخية التي يمكن إلحاقها بالهيمنة المتآكلة. يرى الكاتبان أن الإخوان المسلمين هم الأسوأ حظا في هذه الثورة، نظرا لتاريخهم الثقيل الذي لم يوزن بشكل صحيح، فلم يستثمر ثقله بالطريقة المثلى، فكانت كالأسد الذي أكل نفسه، وأدت هيمنة الخطاب السلفي وتصدر الدعاة الجدد إلى تردي حالته بدل إنعاشها. في هذا الوسط خرجت صفحة خالد سعيد لتشكل خطابا نجح في ملامسة حدود كثيرة دون التورط فيها، أدى ذلك إلى الالتفاف حوله لفترة طويلة بدأت تتراخى شيئا فشيئا مع تشكل الشخصية العلمانية فيه، وضعف تماسكه وغلبة السلبية عليه. الخطاب الآخر الذي لم يكن يهمه سوى أن يجد الحد الأدنى من الشرعية كان خطاب الدولة، الذي تحول لاحقا إلى العنف حين اهتزت تلك الهيمنة، والذي تحول بعد سقوط حسني مبارك إلى خطاب الجيش الذي جمع حوله أنصاره السابقين. في النهاية يرى الكاتبان أن الهيمنةفي مختلف الأطراف لم تحرز نصرا في أحسن فرصها، فالجيش قدم تنازلات كبيرة للتيار الإسلامي بعد الثورة، في حين لم تفصله إلا خطوات عن سحقه، وكان العلمانيون يلطمون الخدود ذعرا من سيطرة الإسلاميين في اللحظة التي استعدوا للشماتة فيهم لحظة سقوطهم.