مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع في الأسواق الدولية، بدعم من تراجع الدولار الأمريكي وتوقعات انحسار حالة تخمة المعروض في الأسواق. وعزز اتجاه السوق نحو التعافي تصريحات لأمين عام "أوبك" محمد باركيندو تؤكد تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق لخفض الإنتاج خلال الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك في فيينا الشهر المقبل، حيث أكد أن كل التفاصيل الخاصة والمشاورات والتحضيرات اللازمة لإقرار الاتفاق سوف تكتمل قبل انعقاد الاجتماع الوزاري في دورته 171. كما تلقى السوق دعما إيجابيا أيضا من تصريحات وزير النفط النرويجى تورد لين التي أكد فيها ثقته الشديدة بنمو الطلب، ما يقود السوق إلى ارتفاع جيد لمستوى الأسعار خلال الفترة المقبلة، كما سيميل إلى السوق إلى التوازن بين العرض والطلب دون الحاجة إلى تدخل قوي من المنتجين للتأثير في مستوى الأسعار. وفى سياق متصل، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أهمية الدور الرئيس للنفط الخام في تحقيق التنمية الاقتصادية في كل دول العالم خاصة الدول النامية، مشيرا إلى جهود "أوبك" الواسعة نحو تحقيق الاستقرار في السوق وتعزيز التنمية المستدامة من أجل المساهمة في بناء اقتصاد عالمي سليم، منوها بأهمية سرعة الانتقال إلى اقتصاد منخفض الانبعاثات. وأوضح باركيندو – في تصريحات من مدينة بون الألمانية عقب لقاء منسقة الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول تغير المناخ باتريسيا اسبينوزا – أنه لا بديل عن التركيز على التنويع الاقتصادي كأحد الأهداف المهمة لبناء المرونة الاقتصادية في كل اقتصادات دول العالم خاصة الدول المنتجة للنفط الخام. وأشار إلى ضرورة استكشاف جميع القدرات المتاحة التي يمكن أن تساعد الدول الأعضاء في منظمة أوبك على تنويع اقتصاداتها وتحقيق انتقال اقتصادي ميسر وفعال، مشددا على أن التنمية المستدامة والتخفيف من حدة الفقر من بين الأولويات المهمة للجميع. ونوه باركيندو إلى أهمية تعزيز التعاون بين الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة حول مكافحة تغير المناخ ومنظمة أوبك، خاصة في الأمور المتعلقة بإنجاح منظومة مكافحة تغير المناخ والتعجيل بالتنمية المستدامة والتنويع الاقتصادي، مشيرا إلى المشاركة المستمرة من منظمة أوبك والدول الأعضاء بها في مفاوضات تغير المناخ. وقال إن "أوبك" تهنئ المجتمع الدولي على البدء في تنفيذ وتطبيق اتفاق باريس في 5 أكتوبر الجاري، مشيرا إلى الدعم الكبير والفعال الذي قدمته "أوبك" لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وأشار باركيندو إلى أن نجاح تنفيذ اتفاق مكافحة تغير المناخ يمثل أولوية بالنسبة لمنظمة أوبك، منوها إلى أن الدول الأعضاء في "أوبك" قد شاركت في مفاوضات تغير المناخ وتنفيذ الاتفاقية منذ بدء إنشائها. وأضاف، أنه تبادل المعلومات مع المسؤولة الدولية خاصة في إطار التحضير لعقد اجتماع جديد رفيع المستوى للاتفاقية الإطارية في المغرب الشهر المقبل COP22 التي ستركز على أهمية التنمية الاقتصادية المنوعة وتعزيز التنمية المستدامة لعديد من الدول النامية. وأوضح باركيندو، أن "أوبك" والاتفاقية الإطارية اتفقا على تعزيز التعاون بين المنظمتين، مشيرا إلى أن الدول الأعضاء في "أوبك" هم أيضا أطراف في اتفاقية تغير المناخ، مشددا على أن هذا العمل الجماعي يعزز تنفيذ اتفاق باريس. من جانب آخر، قال لـ"الاقتصادية" أندرياس جينى؛ مدير شركة ماكسويل كوانت للخدمات النفطية، إنه لا يعتقد أن يكون للعمليات العسكرية ضد تنظيم داعش في الموصل تأثير على أسعار النفط، مشيرا إلى أهمية سرعة العمل على استعادة الاستقرار في المنطقة. من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" أرورو تاكاهاشى؛ مدير شركة طوكيو للغاز في فرنسا، إن وزير النفط النرويجي وأمين عام "أوبك" أرسلا إشارات إيجابية للسوق بعدما لوحظ أخيرا هبوط الأسعار بسبب الشكوك في إمكانية التوافق بين المنتجين إلى جانب المخاوف من انكماش واسع في النمو الاقتصادي العالمي. وأشار إلى أن المنتجين في الفترة المقبلة حتى اجتماع فيينا مطالبون بتبني مواقف جادة وواضحة نحو التعاون المشترك وتيسير التوافق على خفض الإنتاج وإذا تحقق ذلك بالتزامن مع تعافي مؤشرات الطلب، سيؤدي إلى بلوغ سوق متوازن في الأمد القصير. من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية" ردولف هوبر؛ المختص والباحث في شؤون الطاقة، أن التحدي الأكبر للسوق في المرحلة المقبلة هو زيادة الاستثمارات لمنع انهيار المعروض العالمي بسبب انكماش الاستثمارات ونضوب الحقول، وفى الوقت نفسه مراعاة خفض الانبعاثات الكربونية والالتزام باتفاقية باريس المهمة التي دخلت حيز التنفيذ الأسبوع الماضي. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس مدعومة بانخفاض الدولار الأمريكي في الوقت الذي يقول فيه عدد من المحللين إن الأسواق العالمية قد لا تكون متخمة بالمعروض مثلما يشير آخرون، وذلك قبل اجتماع مقرر لمنتجي النفط في "أوبك" في تشرين الثاني (نوفمبر) قد يقررون فيه خفض إنتاج الخام. وأسهم اقتراح طرحته منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في نهاية الشهر الماضي لخفض الإنتاج أو تثبيته في ارتفاع أسعار الخام فوق 50 دولارا للبرميل، لكنه لم يرتفع كثيرا عن هذا المستوى نظرا لتشكك المتعاملين في السوق في قدرة المنظمة على التوصل إلى اتفاق محدد وتنفيذه. لكن محللين يقولون حاليا إن تخمة المعروض العالمي التي استمرت على مدى عامين قد تكون في سبيلها للانحسار مع وضع مخزونات النفط في الاعتبار، مشيرين إلى أن المخزونات ليست مرتفعة كالمعتاد قبل قدوم فصل الشتاء الذي يزداد فيه استهلاك الوقود. وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت بحلول الساعة 08:30 بتوقيت جرينتش 43 سنتا أو ما يعادل 0.8 في المائة إلى 51.95 دولار للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 49 سنتا أو ما يعادل نحو 1 في المائة إلى 50.43 دولار للبرميل. وقال متعاملون إن انخفاض الدولار من أعلى مستوياته في سبعة أشهر في الجلسة السابقة دعم أسعار الخام، ويجعل انخفاض الدولار شراء الخام أرخص للدول التي تستخدم عملات محلية أخرى. فيما أوضح محللون لدى برنشتاين إنرجي، أنه بخلاف تقدير الإنتاج والاستهلاك فإن هناك طريقة واحدة لقياس التوازن بين العرض والطلب وهو تحليل التغير في مخزونات الوقود. وقالت الشركة "مخزونات النفط العالمية (الصناعية والحكومية) زادت 17 مليون برميل إلى 5.618 مليار برميل في الربع الثالث 2016، هذه أصغر زيادة منذ الربع الرابع في عام 2014، ما يؤكد أن بناء المخزونات يتباطأ مع عودة السوق مجددا إلى التوازن. وارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس للمرة الأولى في ثلاثة أيام، استنادا على ارتفاع معظم السلع والمعادن المستفيدة من هبوط الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات، لكن لا تزال الأسعار تحت ضغط اتساع المعروض العالمي بعد ارتفاع إنتاج ليبيا وتصريحات إيرانية بتسريع وتيرة الإنتاج. وارتفع الخام الأمريكي بحلول الساعة 08:55 بتوقيت جرينتش إلى مستوى 50.40 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 50.03 دولار وسجل أعلى مستوى 50.49 دولار وأدنى مستوى 50.00 دولارا. وصعد خام برنت إلى مستوى 51.90 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 51.71 دولار، وسجل أعلى مستوى 52.07 دولار وأدنى مستوى 51.69 دولار. وأنهى النفط الخام الأمريكي "تسليم نوفمبر" تعاملات الإثنين منخفضا بنسبة 0.5 في المائة، في ثاني خسارة يومية على التوالي، وفقدت عقود برنت "عقود ديسمبر" نسبة 0.7 في المائة، بعدما طغى تأثير أخبار عن ارتفاع إنتاج في ليبيا وارتفاع منصات الحفر في الولايات المتحدة على تأثير تراجع الدولار الأمريكي. وتراجع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات بنسبة 0.3 في المائة، مواصلا هبوطه لليوم الثاني على التوالي، ضمن عمليات التصحيح وجني الأرباح بعدما سجل الإثنين أعلى مستوى في سبعة أشهر، وتحت تأثير بيانات صناعية مخيبة للآمال من الولايات المتحدة، وهبوط العملة الأمريكية يدعم أسعار السلع والمعادن المقومة بالدولار لانخفاض قيمتها بالنسبة لحائزي العملات الأخرى. وفى ليبيا على حسب تصريحات شركة النفط الوطنية، ارتفع إنتاج الخام في البلاد إلى 560 ألف برميل يوميا الأسبوع الجاري، من 540 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي، يذكر أن إنتاج ليبيا في أيلول (سبتمبر) بلغ 450 ألف برميل يوميا. من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 48.22 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 48.63 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض بعد ارتفاع سابق، وإن السلة خسرت أقل من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع السابق الذي سجلت فيه 48.81 دولار للبرميل.