صحيفة المرصد:كشف علماء في دراسة جديدة نشرتها مجلة “نيتشر كامستري” العلمية عن سر تكوين “الحساء البدائي” الذي أدى إلى نشوء الحياة كما نعرفها قبل نحو 4 مليارات سنة، بعد أن تمكنوا من إذابة خيوط من المادة الوراثية في محلول طيني “ثخين” أبقاها تتحرك ببطء ومنحها وقتًا كافيًا للبدء بعملية نسخ نفسها. من جهتها قالت الباحثة كريستين هي أن التطور الكيميائي في أصول الحياة أصاب حقل أسئلته أكثر من إجاباته. لكن الحساء اللزج يمكن أن يساهم في تقديم بعض الإجابات. وبحسب الكيميائي الحياتي نيكولاس هاد، الذي شارك في الدراسة الجديدة، هناك سؤالان كبيران عن بداية الحياة على الأرض: الأول، كيف نشأت أحماض نووية، مثل “آر أن آي” و”دي أن آي”؛ والثاني، كيف تمكنت هذه الأحماض من نسخ نفسها. ويعتقد العلماء أن مثل هذه الأحماض النووية، التي تنسخ نفسها، هي ما تطور في النهاية إلى خلايا. لكن كل سؤال من السؤالين ينفتح على ألغاز عدة يحاول علماء، مثل هي وهاد، فك طلاسمها. فبحسب هاد، سخنت الطاقة الآتية من الشمس الحساء البدائي بما يكفي لتفكيك الأواصر بين خيطي الحلزون اللولبي المزدوج للحمض النووي، الأمر الذي أتاح نسخه في المختبر باستخدام الحمض النووي لبكتيريا وجهاز لتفاعل البوليميراز المتسلسل. لكن هذه الخيوط أعادت الأواصر بينها في “الحساء” المائي، ما أن برد المحلول، لكن لم يكن هناك وقت كافٍ لإنتاج النسخ. وقال فريق العلماء الذين أجروا الدراسة إنهم تغلبوا على هذا التحدي بفكرة بسيطة: جعل المحلول أثخن. وأوضح العلماء أنه باستخدام خليط من كلوريد الكولين والغليسيرول، صنعوا حساءً أكثر لزوجة بقليل من دبس القيقب. وفي هذه الظروف، تحركت خيوط الحمص النووي الطويلة، التي تشكل دي أن آي ببطء أشد، وقبل أن يعود الخيط إلى الارتباط بنصفه الآخر، تجمعت خيوط قصيرة تشكل وحدات البناء الثانوية للحمض النووي، بجانب الخيوط الأطول، وسرعان ما نشأ خيط جديد من المادة الوراثية يتوافق مع نصف الخيط القديم؛ وهذه هي الخطوة الأولى في نسخ الحمض النووي دي أن آي. وبحسب الدراسة، لم يتمكن الباحثان هي وهاد من إنتاج عملية نسخ ذاتي حقيقي، بل استعانا بإنزيم من خلية لربط الخيوط القصيرة في خيط أكبر. وقال هاد إن فريقهما اكتشف الخطوة الميكانيكية لفصل الخيوط وإعادة اصطفافها، وعليه الآن أن يعرف الخطوة الكيميائية لصنع هذه الأواصر بينها، واصفًا الكيمياء التي تصنع هذا الأواصر بأنها عملية بالغة التعقيد، مثل كل ما يتعلق بنشوء الحياة. وقال العلماء إن الملح العضوي كلوريد الكولين، الذي استخدم في تثخين الحساء، ربما لم يكن موجودًا قبل نشوء الحياة على الأرض. لكن الباحثة هي قالت إنها وفريقها اختبروا خلطات لزجة أخرى، وإن التجربة نجحت فيها كلها.