دائما ما نسمع عبارة ( سياسة الأرض المحروقة) عند اندلاع الحروب ، وهي تعني “استراتيجية عسكرية” يتم فيها إحراق أي شيء قد يستفيد منه العدو ، مما يعني القضاء على ما أمام الغزاة من أخضر أويابس ، وهذا المفهوم ليس بعيدآ عن مانشاهده من تصرفات بعض الوزراء والمسئولين ، وخاصة صغار السن منهم ، وقليلي الخبرة والإدارة ، يحاكون بذلك قائد التتار ( هولاكو) الذي دمّر بغداد سنة (٦٥٦) من الهجرة ، وهي التي شهدت سقوط الدولة العباسية ، إذ تشاهده بمجرد ما يستلم عمله ، يعتمد أسلوب التخبط والخوف والوجل والشك ، في من قَدِم عليهم من مسئولين ، قد يكون لهم حضورهم الفاعل في جهته ، تلحظ عليه تصرفات تستغرب من ألوانها ، قد يكون هو سليم النية في أساسه -والله أعلم-لكنه لا يوفّق بحاشية تدله على الخير وعلى الطريق الآمن ، تُزيّن له الشين ، وتُشيّن له الزين ، يُلبّسون ويُدلّسون عليه ، قد يوفق حينا لكنك تجده يشطح أحيانا ، نتيجة اجتهاداته التي أقل مايقال عنها (بالأخطبوطية) يخلق لنفسه المشاكل والقيل والقال ، وهو في غنى عن هذه الأمور كلها ، لكنها تبقى وسم عليه تطارده ، لمّا أساء اختيار الحاشية والرفقة. تلحظ ذلك عندما تجد الوزير أو المسئول ، يُهمّش جميع مسئولي جهته مرة واحدة ، ويستعيض عنهم بمجموعة من الخارج مؤهلاتهم وخبراتهم قليلة ومكشوفة ، يستغل ثغرة “العقود” ويُحمّل جهته أعباء لا تحتمل ، تكون على حساب المستحقين السابقين ، مما يلحق بهم الضرر جراء تأخر أو فقدان مستحقاتهم أو ترقياتهم ، لسنوات بينما أصحاب العقود ، يستلمون رواتبهم الخيالية ومخصصاتهم وبدلاتهم في موعدها ، هكذا إجراءات من شأنها أن تُحبط الموجود وتشحن الجميع، وزراء ومسئولون ، يفتقدون لأدنى درجات مراعاة المشاعر ، فضلا عن الخبرات ، تشك في صاحب هذا المنهج لما تقف على نوعية من استعان بهم ، ممن لم يكن لهم حضور ونشاط داخل الوطن والمجتمع، وقد أقحمهم بماهم في غنى عنه. الوزير الذي يركب هذه الموجة ويستمر في قيادتها لا يمكن له المضي فيها إلا وقد استند على حقيقة (موت الضمير) الرقابي إن وجد ، وإلا لو كان هذا الرقيب حي الأمانة لما تجرأ ذاك الوزير وذاك المسئول في هذا التصرف الأخرق والسلوك الظالم والمشين. بعض المسئولين في الجهات الحكومية وعلى رأسهم الوزراء ، ومعهم بعض أعضاء مجلس الشورى ، لايزالون يسجّلون إخفاقات مخيفة في جهاتهم ، تنم عن عدم توفر مقومات النجاح والإبداع في عقولهم ، تسأل عن آلية اختيارهم ، وأنت تراهم لم يكونوا على مستوى ثقة ولي الأمر ، إجراءاتهم التعسفية وتصريحاتهم وتغريداتهم الاستعدائية والتحريضية والشاحنة ، هي من تجعلك تضرب كفا على كف وتقول عندها ياخسارة الثقة التي رَجَت منهم الخير ، فإذا هم يخيّبون الظن. الدولة أعزها الله ، تعرف الرجال المخلصين الصادقين ، أصحاب العقول الكبيرة والراجحة ، بعيدة الانتقام ، لكن البعض نراه يخيب الظن فيه من خلال تدمير جهته وجعلها مع الوقت أشبه بالأطلال وبالأرض المحروقة ، تحتاج لوقت حتى تعيد توازنها من جديد، الجهات الحكومية لا تقم على أكتاف صغار السن عديمي الخبرة ، ومن يقول غير ذلك فهو (مدلس ومنافق ومداهن) ولا تقم على أكتاف الكذابين والحاقدين والمتحولين المضطربين. الأعمال الكبيرة تحتاج لعقول كبيرة حسنة التصرف ، عملية الانتقام ليس في أجندتها بتاتا. بعض المسئولين وأقولها بصراحة ، مراكزهم فوق مستوى تفكيرهم ، والحالة التي نشاهدهم عليها (استهتار ، احتقار ، انتقاص ، إقصاء ،حرب نفسية ، تهميش ، كذب) هذه أدوات النجاح عند بعضهم وللأسف الشديد ، لايهمهم مصلحة دينهم ولا مصلحة وطنهم ومجتمعهم ولا حتى جهاتهم ومنسوبيها ، لا ترى منهم أي عطاء محمود ، بل العكس ، ترى الانحدار المخيف المؤذن بالكوارث ، تجد وزاراتهم أشبه بالهياكل. أتمنى من هؤلاء الوزراء والمسئولين ، اختيار الرفقة الصالحة والمؤهلة لهم ، إن لم ينفعوهم ، فحتما لن يضروهم ، أما صغار السن وعديمو الخبرات من الحواشي ، فيرون نجاحهم وبقاءهم مع هذا المسئول وذاك ، مرهون بتفعيل الخُلُق الذميم ( الغيبة والنميمة) ولي الأمر لم يختر هذا المسئول أو ذاك الوزير ، ليدمر جهته ويدمر ما بناه من سبقه ، أو يشحن النفوس عليه وعلى الحكومة ؛ اختارهم ، ليكونوا عونا له ، لا عونا عليه. صغار السن ، مشكلة ، تخلق مشاكل متتالية ومتوالية، لنضع قول الباري (٠٠حتى إذا بلغ أشدّه وبلغ أربعين سنة) معيارا، أمامنا في اختيار الوزير وذاك المسئول، حتى لا يحتقن الوطن وتشتحن النفوس، بقي القول ، هذا المقال ، دافعه ، وجلٌ في النفس ، نتيجة مشاهدة ومعاناة وظلم ، ظل كامنا بالصدر ، وأبى إلا أن يخرج٠٠ودمتم بخير. - د محمد احمد الجوير