تحتل مدينة الموصل العراقية مكانة خاصة في تاريخ العراق والحضارة الإنسانية جمعاء. وتخوض القوات العرقية مدعومة بفصائل شيعية وسنية وكردية إضافة إلى قوى التحالف الدولي بدءا من اليوم الاثنين معركة كبرى لاستعادتها من تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي سيطر عليها في 2014. تعتبر الموصل من المدن العراقية العريقة التي يزخر تاريخها بالكثير من الأحداث. وتسمى أيضا بـأم الربيعين نظرا لطقسها الجميل في فصلي الخريف والربيع، والخضراء لخضرة أراضيها على طول السنة، كما يطلق عليها المدينة البيضاء لأن أبنيتها شيدت بالرخام الأبيض. الموصل بين دجلة والفرات أطلق عليها اسم الموصل لأنها تشكل همزة وصل بين دجلة والفرات. عرفت المدينة بتصديرها لنوع من القماش له جماليته الخاصة ويحظى بإقبال كبير في العالم، والمعروف باسم الموصلين أو الموصلي (الموسلين). دخل المسلمون الموصل، وهي عاصمة محافظة نينوى، في العام 16 هجرية 637 ميلادية في عهد الخليفة عمر بن خطاب إثر انتصارهم على الفرس في معركة القادسية المشهورة. ومنها انطقلت الجيوش الإسلامية نحو أذربيجان. موطن الكرم والعلوم وتلاقح الأديان يعرف أهلها بطيبتهم وكرمهم تجاه الضيف. وقال الرحالة المغربي ابن بطوطة إن لهم مكارم الأخلاق، ولين كلام، وحب للغريب، وإقبال عليه، أما الرحالة ابن جبير الأندلسي الذي زارها في 1184م أكد بدوره أنه أعجب بسكانها، وقال بحقهم، لا تلقى منهم إلا الوجه الطلق، ولهم بالغرباء برا وإقبالا عليهم. وكانت الموصل أحد مواطن الحضارة الأشورية التي أضافت الكثير للحضارة الإنسانية في العديد من المجالات على غرار العلوم والرياضيات والمعمار. وإضافة لمكانتها الحضارية، للموصل رمزية دينية في تاريخ ديانات مختلفة، ويوجد بها ضريح النبي يونس. واستوعبت المدينة إلى عهد قريب طوائف مختلفة، كانت تعيش فيما بينها في تناغم تام دون أي مشاكل قبل مجيء تنظيم الدولة الإسلامية الذي بسط سيطرته عليها. إعلان قيام تنظيم الدولة الإسلامية من الموصل في 2014 وسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة، وهي الثانية في العراق من حيث عدد السكان، في يونيو/حزيران من 2014، وأعلن قيام الخلافة الإسلامية وبايع أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين في كل مكان. وغير التنظيم اسمه من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وقال وقتها المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني ها هي راية الدولة الإسلامية، راية التوحيد عالية خفاقة مرفرفة تضرب بظلالها من حلب إلى ديالا وباتت أسوار الطواغيت مهدمة وراياتهم مكسرة (...) والمسلمون أعزة والكفار أذلة وأهل السنة سادة مكرمون وأهل البدعة خاسرة (...) وقد كسرت الصلبان وهدمت القبور، وقد عين الولاة وكلف القضاة، وأقيمت المحاكم، ولم يبق إلا أمر واحد، حلم يعيش في أعماق كل مسلم، أمل يرفرف له كل مجاهد (...) ألا وهو الخلافة. وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في أغسطس الماضي مقتل العدناني إثر استهدافه بغارة جوية نفذتها طائرة أمريكية بدون طيار على مدينة الباب شمال محافظة حلب بسوريا، واعتبرت أن العملية شكلت ضربة موجعة للتنظيم . بوعلام غبشي نشرت في : 17/10/2016