في تطبيق عملي للمثل الذي يقول: (انحاش من القوم وطاح بالسرية) هربت وزارة المالية من الحساسيات التي قد تصاحب الإعلان عن توزيع الرواتب وفقا للتقويم الميلادي بعد أن كانت بالتقويم الهجري لتختار توزيعها وفقا لأبراج التقويم الشمسي الهجري الذي لا يعرفه أغلب المواطنين؛ لأنه لا يدرس في المدارس ولا يتعامل به أحد على الإطلاق، كان الهدف من هذه الخطوة الهروب من مأزق ثقافي يتعلق بحساسية استبدال التاريخ الهجري أو (التاريخ العربي) كما هي تسميته العامية بالتقويم الميلادي. فكانت النتيجة الوقوع في فخ ثقافي رباعي الأبعاد: أولا: تقويم لا يعرفه ولا يحفظه أحد، ثانيا: أسماء الأبراج فيه تعيد إلى الأذهان أسماء أبراج الحظ المحظورة باعتبارها شكلا من أشكال التنجيم، ثالثا: أن التقويم فارسي المنشأ وهو المعتمد في إيران التي لا نحبها ولا نحب (طاريها) بسبب سوء أفعالها في السنوات الأخيرة، رابعا: أن البلد ستعمل بثلاثة تقاويم الأول هجري وهو الرسمي في التعليم والمخاطبات والذي يرتبط بالتواريخ الدينية مثل رمضان والحج والعيدين، أما الثاني فهو ميلادي وتقوم عليه عجلة الاقتصاد وكل ما يرتبط بالعالم الخارجي (أي كل شيء تقريبا)، والثالث شمسي قمري لتوزيع الرواتب وتحصيل الأقساط والإيجارات!!. لخبطة ما بعدها لخبطة وتشويش مجاني في مسألة لم تكن تحتاج هذه التخريجة المعقدة، فإذا كان الهدف تقنيا بحتا بغرض التوفيق بين مواعيد صرف رواتب موظفي الدولة وعجلة الاقتصاد المحلي والدولي التي تسير وفقا للتقويم الميلادي كان من المفترض اعتماد التاريخ الميلادي وسيتفهم المواطنون أن ذلك لا يتعارض مع التقويم الرسمي للبلاد وهو التاريخ الهجري القمري، أما إذا كان الهدف توفير راتب شهر زائد كل ثلاث سنوات باعتبار أن السنة القمرية أقصر من السنة الشمسية فإن الخبير (النحيس) الذي فتش وقلب الدفاتر حتى وجد هذا (الراتب الزائد) لم يحسن التفتيش وتقليب الدفاتر وأمهات الكتب في المرة التالية حين بحث عن حل لأي حساسية دينية قد تصاحب اختيار التقويم الميلادي فاختار توزيعها وفقا لأبراج التقويم الهجري الشمسي: العقرب، الميزان، الثور..إلخ، لم ينجح في اختيار تقويم عملي يعرفه الناس وتفهمه البنوك والشركات.. ولم ينجح في تجاوز العائق الثقافي بل وقع في عائق أكبر.. ربما لأنه (نحيس)!. نقلا عن عكاظ