في حاجة ماسة في هذه الأيام إلي حياة الشبع الروحي، والامتلاء النفسي، فنحن نعيش في عالم تسوده عتمة العدالة، وسوء الإنصاف، والإحساس بالظلم يبني شخصيات حاقدة على أناسها، وقد يكون فرد ما طموحاً متطلعاً، وثقته بنفسه عالية، وقد يكون مفعماً بالآمال التي لا تعيش ظروف واقعها، ولكنه يواجه التحديات من قبل أناس لا يعرفون الرحمة ولا الضمير. العالم في جوع حقيقي للمحبة الروحية الطاهرة، والطمع ليس رغبة تعترينا، وإنما مرض يحتوينا من الداخل، فيبدأ الإنسان في حيرة من أمره، وفي رحلة لا نهاية لها من الجشع، والأكثر في هذا الطريق فاشلون، وتائهون بل كارهون.. عندها سنختار السهل والقريب، ونملئ الفراغ الذي يحتوينا بأشياء عقيمة من أي قيمة، لا تستجيب لأي مجيب. الوحوش حقيقية، إنها تعيش بداخلنا، وتنتصر أحياناً، وأرني شخصاً رأسمالياً، أريك مصاص دماء، فليكن هدفك دائماً أن يكون الفكر والقول والفعل في وئام تام. نق أفكارك وسيكون كل شيء جيداً. هناك أرواح خلقت وتربت على الجوع، وستظل جائعة حتى لو ملكت كل الدنيا، والأشنع من ذلك أن أرواحهم تلهث كوحوش البراري، تعتدي وتطغى وتظلم على من سواهم، والأدهى والأمر أنها تزور ملفات الحقيقة، تبيع ضميرها في الظلم والرياء، فتقلب الحق باطلاً وتجعل الباطل هو الحق، أوصافهم مثل أوصاف الوحوش، قلوبهم خاوية من الرحمة، لا تشبع ولا تكل ولا تمل. ويبدو أن الجشع الروحي لا يقف عند حدود ما لدى الأفراد، فكلما أعطاهم الله من رزقه، فإنهم يطمعون بأكثر، حتى لو كان على حساب الآخرين، يعملون على الكسب حتى لو كانت بطريقة غير شرعية. الجوع الروحي يحتوي على صنفين: الطمع والجشع، فهما صنفان من أرذل وأخس الصفات، فأن تكون طماعاً هذا يعني أنك تريد لنفسك أكثر من غيرك، وأن تكون جشعاً، فتريد المزيد لنفسك والقليل لغيرك. فالجشع سببه الجوع الروحي، وهو مرض نفسي تربوا عليه دون مبالاة، ومن الصعب القضاء عليه، فلا شبيه له سوى الواسطة، التي قضت على كل الأحلام والآمال، وقضت على روح التنافس، وهدمت طموح الكثيرين، وصار الواحد منهم يصل لأعلى المراكز دون تعب ولا ثقافة. فالأرواح التي تولد جائعة، ستعيش جائعة إلى أن تموت وهي جائعة، لأن جوع الروح لا ينتهي.