أود بداية، أن أقدم لكم أمنياتي بأن يكون النجاح حليفكم في كل خطوة تخطونها، مباركاً عامكم الدراسي، ومتمنياً لكم المزيد من التقدم، سواء كان ذلك في سلم درجات الدراسة أو كان في سلم الحياة. أحبائي الطلبة: إن الدراسة الجامعية هي التعلم بمساعدة الآخرين والتعاون معهم، إذ تستوجب منك مساعدة الآخرين وأيمانك بقدراتهم، فإن الله سبحانه وتعالى موزع الأرزاق وواهب القدرات. وليس المقصود هنا بالقدرات الذهنية منها فحسب، بل القدرات بالمعنى العام للكلمة، التي في مقدمها القدرات الجسدية، لذلك فإن أهم ما يميز الإنسان المدني بطبعه قدرته على تجاوز الذات ومساعدة للآخرين، خصوصاً أولئك الذين أراد الله سبحانه لهم بأن يكونوا من أصحاب الإعاقة الجسدية أو بما يطلق عليهم ذوي الاحتياجات الخاصة. عزيزي الطالب/ الطالبة: إن ذوي الاحتياجات الخاصة ليسوا أقل منك قدرة كما يرتاءى البعض، لأن عدالة الرحمن لها ميزانها الدقيق، وهي أكبر من هذه الرؤية الضيقة، لأن توزيع الطاقة أو القدرة على خمسة أعضاء، يكون نصيب أحدها أقل مقارنة بتوزيعها على أربعة أعضاء أو ثلاثة، فلا يأخذك الغرور بالتباهي عليهم بما لديك من قدرة. فأخيك أو أختك من هذه الفئة قد يفوقان قدرتك في كثير من الأحيان، ولديهما القدرة على مساعدتك في جوانب قد تجهلها. تحدثنا الدكتورة سعاد عبد الوهاب عميدة كلية الآداب عن طالبة كفيفة كانت تحفظ كل كلمة تتفوه بها الأستاذة وتعيد صياغتها بمفردات مرتبطة بالدرس، وكان جميع الطلبة يستعينون بها ويستعيرون مذكراتها، وتسترسل العميدة سعاد الحديث، وتقول لقد فاجئني طالب من ذوي الاحتياجات عندما قدم رسالة الماجستير بوقت قياسي، فظننتها لا تتمتع بالقيمة العلمية المناسبة، لأجدها من أعمق رسائل الماجستير التي أشرفت عليها. والأمثلة كثيرة، فعلى سبيل المثال وليس الحصر، فقد درست طلبة أذكرهم حتى هذه اللحظة من خلال تميزهم بين زملائهم، أمثال نورة العدواني، فهد العنزي، ناصر المرزوق. إن تلك الفئة جزء من النسيج الطلابي، وهي تمتلك القدرة على مساعدة الآخرين كغيرهم من الطلبة، لكن تبادل المساعدة مع تلك الفئة يتطلب مهارات خاصة، ويعدها البعض فناً مستقلاً بذاته، فعليك أولاً أن تتجنب إحراج الفرد منها أو إحباطه، فلا تسارع بتقديم المساعدة من دون أن يسألك إياها، فهو إن فعلت سيشعر بتعاليك عليه من حيث القدرة، وفي حال طلب منك مساعدته عليك تنفيذ ما طلبه منك من دون زيادة خصوصاً إذا لم تتعامل معه سابقاً. وعند التعامل مع المعاق حركياً عليك أن تقوم بأي حال بمفاجأته، كما عليك أن تحرص على المحافظة على كرسيه، فهو وسيلته المهمة وأثمن ما يملك، وعند تقديم المساعدة عليك أخذ الوضعية المريحة بالنسبة له، فعند مساعدته للانتقال من الكرسي إلى السيارة مثلاً، فلا بد لك أن تضع يدك تحت إبطيه ورفعه إلى السيارة. وعند تعاملك مع المعاق سمعياً، عليك معرفة قدر إعاقته، فإذا كان معاق جزئياً بإذن واحدة، فينبغي أن تجلس بجانب الأذن السليمة حتى يستطيع سماعك. أما في حالة الصمم الكامل، فإن الطريقة الأمثل للتواصل معه هي التواصل المرئي واستخدام الإشارة. واعلم بأنه قادر على قراءة الشفاه، وتمتع بالصبر، وتجنب رفع صوتك، فهذا لن يجلب سوى الانتباه من القريبين ويعرضه للإحراج. تذكر أن الإعاقة البصرية عادة ما يستعيض صاحبها عن الرؤية بحواس أخرى قد تكون أكثر قدرة على التمييز من الأصحاء بصرياً، فالشخص المعاق بصرياً هو شخص عادي وطبيعي، حافظ على نبرة صوتك الطبيعية، صف له المكان الذي يتواجد، وأخبره عن الأشخاص المتواجدين في المكان، لا تفرض عليه المساعدة من دون استئذان، إذا طلب منك المساعدة اتركه من يمسك بذراعك ولا تمسك أنت به، حذره من العقبات التي تعترض سبيله أثناء المسير من دون أن يشعر بقلة شأنه. أبنائي الطلبة: إن ما دعاني لكتابة هذه الرسالة، هو ما رأيته في بعض كليات الجامعة، خصوصاً أمام المصاعد الكهربائية عندما يكون صاحب الحق الأولى في هذه الخدمة، ينتظر المصعد المشغول من قبل طلبة أصحاء، ومع كثرة استخدام هذه المصاعد والثقل المضاعف عن حمولتها تتوقف عن العمل، وفي حال حصول ذلك نتمكن نحن من الوصول إلى قاعات الدرس، بينما يفقد هؤلاء فرصتهم بذلك، فلماذا لا نترك لهم المصاعد ونستخدم نحن الدرج؟ أو على الأقل لماذا لا نمنحهم الأولوية في استخدام المصاعد؟ وفي نهاية هذه السطور، أود أن أسطر كلمات الشكر والامتنان لجميع منسوبي كلية الآداب التي تعتبر من النماذج الحية لتفوقها بخدمة تلك الفئة، فالمركز الذي خصص لذلك يعتبر من أفضل المراكز في جامعة الكويت لخدمة إخواننا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا شكر خاص لعميدة كلية الآداب الأستاذة الدكتورة سعاد عبدالوهاب التي ذللت الصعاب، وشمرت الذراع لخدمة طلبة الكلية، خصوصاً أصحاب القدرات الخارقة أحبابنا الأعزاء علينا. mnawr@yahoo.com