عندما اشتعلت عدة هواتف غلاكسي نوت 7 من سامسونغعلى نحو ظهر وكأنه عفوي في أغسطس/آب الماضي، أصيب الشركة الكورية الجنوبية بصدمة دفعتها إلى أن حثت الخطى وأمرت المئات من موظفيها تشخيص المشكلة بأقصى سرعة ممكنة. لكن قبل التقارير عن اشتعال النوت 7 لم يلحظ أي من مستخدمي الهاتف أو شركات الاتصالات أو مهندسي الشركة أي مشكلة بالهاتف، الذي ما يزال هناك اجماع كبير بأنه جهاز ممتاز غزير بالمزايا - طالما تجاهلت احتمالية اشتعاله. فما حدث مع بعض المستهلكين العاديين من اندلاع النار في الهاتف لم يحدث مع أي من موظفي الشركة، ولأن الوقت ضيق؛ سارعت سامسونغ، والعديد من مراقبي الصناعة، إلى اتهام بطارية الهاتف بأنها السبب المرجح وراء اشتعال الهاتف. وحدد مهندسو سامسونغ في البداية سبب الخلل بأنه قد يكون البطارية التي تأتي من أحد موردي الشركة، لذا قررت سامسونغ استدعاء كلهاتف غلاكسي نوت 7 باعته في الثاني من سبتمبر/أيلول الماضي (نحو مليون هاتف من أصل 2.5 مليون تم تصنيعها)، ثم إعادة شحن هواتف جديدة ببطاريات من مورد آخر وصفت بأنها "آمنة". غلاكسي نوت 7 ما يزال من أفضل الهواتف الذكية في السوق وأكثرها غزارة بالمزايا -إذا تجاهلنا قابلية اشتعاله (الأوروبية) وفشل الحل، إذ ظهرت سريعا تقارير تفيد بأن بعض الأجهزة البديلة كانت تشتعل أيضا. فكانت الخطوة التالية، أن هرع مهندسو الشركة إلى فحص لوحة الرسم، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن شخص مطلع على الاختبار تحدث إليها شريطة عدم الكشف عن هويته لأن العمل الداخلي كان سريا، وحتى هذا اليوم ما زال مهندسوسامسونغ غير قادرين على معرفة السبب الحقيقي وراء اشتعال الهاتف. فلم يكن باستطاعتهم تكرار الظروف التي تؤدي لاشتعال الهاتف، كما أن الفريق القانوني للشركة تسبب بوضع حواجز تواصل بين الإداراتمما أبطء عمل المحققين بشكل أكبر. ووفقا للمهندسين -الذين تم اقتباس أقوالهم في تقرير الصحيفة- فإن البطاريات على الأرجح آمنة، وذلك لو أنها كانت السبب لأمكن بسهولة تكرار ظروف اشتعالها في المختبر، لكن الأمر لم يكن كما يشتهي المهندسون وظل اشتعال هواتف النوت 7 لغزا. ما تزال أسباب اشتعال غلاكسي نوت 7 لغزا محيرا رغم إلقاء اللوم على البطارية (رويترز) وبحلول ذلك الوقت، كان الأوان قد فات، إذ أعلنت سامسونغ الثلاثاء الماضيأنها قررت وقف إنتاج غلاكسي نوت 7 نهائيا، وتعد هذه الخطوة الجريئة أمرا غير مألوف في صناعة التقنية، حيث تميل الشركات إلى الاستمرار في محاولة تحسين المنتج بدلا من سحبه تماما. وقدتسببت المشكلة بانتكاسةلجدارة الشركة بثقة المستثمرين والمستهلكين،وتجاوز الأمر ذلك ليتسبب لها بأضرار مادية جسيمة، حيث انخفضت أسهمها بعد إعلان وقف تصنيعالهاتف وخسرت نحو عشرين مليار من قيمتها السوقية، إلى جانب نحو 17 مليار دولار خسائر ناجمة من تصنيع واسترجاع الهاتف وفقدان الأرباح المتوقعة من بيعه وفقا للمحللين. ويعتقد أن وضع نهاية للهاتف لا يعني نهاية الأسئلة التي تواجه سامسونغ، إذ لا يزال ينتظرها أن تكشف عن سبب اشتعال النيران في غلاكسي نوت 7، أو حتى الإفصاح عما إذا كانت تعرف سبب المشكلة، وقد يفتح ذلك الباب لتساؤلات أخرى أكثر صعوبة بشأن مدى سلامة منتجاتها الأخرى، مثل أدوات المطبخ والغسالات. وقد يكون قرار الشركة التخلي الكامل عن نوت 7 والانتقال إلى هاتف آخر هو الحل المنقذ لها في نهاية الأمر ما دام الجهاز المستقبلي لا يعاني من المشاكل ذاتها.