الإسلام دين الفطرة على هذه الأرض المباركة وكثير من الدول العربية والإسلامية إلى أبد الآبدين، كما جاء في قول الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه). أو كما قال.. كنا ومازلنا ننهل من نبع السلفية النقية المحبة غير المؤدلجة / الحزبية.. من غير تنطع ولي لأعناق النصوص.. تلك التي لا تهتم بتصنيف الناس حسب ميولهم السياسية وكيفية إدارة شؤون دنياهم، تلك التي تؤمن بحسن الظن، ولا تؤمن بالعنف والتحريض عليه الذي يوصل إلى قتل النفس المحرمة إلا بالحق. ففي العقود الثلاثة الماضية، وجدنا التشدد وتسييس الدين، ومحاربة كل مشروع ثقافي جاد، خاصة في ظل هزيمة المشروع العروبي/ القومي عسكريا وفكريا وتنمويا، وفي ظل تكريس احتلال فلسطين بعقد مبادرات صلح منفردة مع إسرائيل، ثم جاء الاحتلال الروسي لأفغانستان وما تلاه من احتشاد وأفغنة وصراعات، ولا ننسى أن تراجع هامش الحريات المدنية والسياسية في كثير من الدول العربية وانتشار الفساد المالي والإداري وازدياد عدد الفقراء وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل جعل هذا الفكر ينتشر ويتمدد هنا وهناك. فالتطرف الديني في الدول العربية ليس واحدا أو نسخة كربونية. تختلف أسبابه ومكوناته من بلد لبلد. ليس مرده فقط الحاجة / الفقر، فنحن رأينا بعض القادة الأغنياء، أولاد الذوات يقودون ويتزعمون تلك الجماعات المتطرفة والحروب. ولكن هناك بلدان كاليمن ومصر، وجد التطرف الديني في أراضيها الفقيرة تربة خصبة للتمدد والانتشار وكسب المريدين عن طريق فعل العمل الخيري، بسبب غياب إستراتيجية الدولة المركزية القوية في اجتثاث الفقر والاستثمار الحقيقي في التعليم المتقدم: في العقول والشباب. الذي جعل في النهاية أن الدولة الوطنية عرضة للبيع والمزايدات والانهيار بسبب تدفق المعونات والأموال الكبيرة على الدولة والتنظيمات السرية على حد سواء !. وتظل بعض الدول الغربية التي تتباكى على سقوط حكم الإخوان الأخير في مصر، ترى بعين واحدة، فتحجيم التطرف لا يكمن فقط للسماح بتلك الجماعات بالحكم، بل الأهم عدم الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير في المحافل الدولية كما حدث ويحدث مع القضية الفلسطينية وفي كثير من القضايا العربية والإسلامية الساخنة.. وهي برأيي الشخصي أهم الأسباب المؤدية للتأزم والتطرف والإرهاب في العالمين العربي والإسلامي.