دبي: محمد رُضا هناك حركة مثيرة للترقب تصاحب مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كل سنة حتى من قبل شرارة «ثورة الربيع» قبل عامين. هذه الأزمة سماها: من يدير المهرجان المصري الأول الذي بدأ سنة 2009 مثل مركب فوق عاصفة بحرية زادت رياحها سنة 2010 ثم ارتفعت أكثر وأكثر في كل عام منذ ذلك الحين. اليوم تصل الأخبار أن إدارة المهرجان رست، بعد تداول طويل، على الناقد والمعلق السينمائي سمير فريد الذي قبل المهمة على الرغم من المدة القصيرة المتبقاة على إطلاق الدورة في نهايات شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وبداية ديسمبر (كانون الأول) من هذا العام. اختيار في مكانه تماما لكنه يلي اختيارا سابقا عندما أبرمت وزارة الثقافة قبل أكثر من شهر عقدا مع ناقد آخر هو أمير العمري الذي تم انتقاد قبوله الفوري بالمنصب الجديد ما دعاه للدفاع عن موقفه في مقال على شكل بيان ذكر منتقديه فيه بأنه لم يقبل خنوعا أو رجوعا عن مواقفه الانتقادية لوزارة الثقافة بل لأن قبوله بالمنصب يفيد المهرجان ويمنعه من السقوط في أيدي أخرى قد تنقصها الخبرة. ما حدث خلال الأسابيع القليلة الماضية هو إعادة تعيين وزير الثقافة صابر عرب، الذي استلم الوزارة في زمن «الأخوان»، في منصبه من جديد. التعيين ذاته هو أمر منفصل، لكن الوزير القديم - الجديد بادر سريعا إلى أبطال مفعول التعاقد مع الناقد العمري نظرا لهجوم شديد قام به الناقد ضد الوزير علنا خلال العام الماضي وجزء من هذا العام. الموقف مفهوم: الوزير ليس بوارد تسليم مهام أهم وأكبر مهرجان سينمائي مصري إلى ناقد اتخذ منه موقفا عدائيا لدودا ولا يزال. * حول العالم * تأتي هذه التطورات بعد أن شهدت تلك الإدارة مشكلات جمة، فثورة 2011 لم تنجح في الإتيان بتغيير كبير على قمة ذلك المهرجان، فبقي - بعد تردد طويل - تحت إدارة الطاقم ذاته الذي أداره لسنوات طويلة متمثلا بالممثل عزت أبو عوف ونائبته سهير عبد القادر التي شغلت منصبها هذا منذ أيام رئيسه الأسبق الراحل سعد الدين وهبة (في حين شغله أبو عوف لسنوات أقل). كذلك تأتي في وسط موسم المهرجانات والجوائز الذي انطلق بمهرجان لوكارنو السويسري (من السابع وحتى السابع عشر من هذا الشهر) ليليه ساراييفو في السابع عشر من الشهر أيضا وحتى الرابع والعشرين. في هذه الآونة ينطلق مهرجان مونتريال، الذي وإن كان يبدو بالمقارنة مع المهرجانات الدولية الأخرى، منسيا إلا أنه من أضخمها. وهو يستمر حتى الثاني من سبتمبر (أيلول). خلال فترة إقامته ينطلق مهرجان فينيسيا السينمائي في دورته السبعين من الثامن والعشرين من الشهر الحالي وحتى الثامن من سبتمبر. قبل نهايته يدخل على الخط مهرجان تورنتو السينمائي الدولي الذي ينطلق في الخامس من الشهر المقبل وينتهي بعد إحدى عشر يوما حافلا. هذا ما يضع العالم السينمائي أمام سان سابستيان الإسباني الذي يحتفل بدورته الواحدة والستين (وكان يوما منافسا أولا لمهرجان «كان» وهو يبدأ أعماله في العشرين من سبتمبر وينجزها في الثامن والعشرين منه. هناك فترة راحة ما بين نهاية شهر سبتمبر والتاسع من أكتوبر (تشرين الأول) اليوم الذي ينطلق فيه مهرجان لندن السينمائي الدولي. هذا إلا إذا أردنا تعداد نحو عشرين مهرجانا صغير الحجم منتشر ما بين الولايات المتحدة وأوروبا وجنوب شرق آسيا وتقع ما بين منتصف سبتمبر ومنتصف أكتوبر. لندن هذا العام يحتفي بدورته السابعة والخمسين التي ستنتهي في العشرين من الشهر، لتبدأ دورة مهرجان أبوظبي السادسة بعد أربعة أيام وهي تستمر حتى الثاني من الشهر التالي نوفمبر (تشرين الثاني) أي قبل أيام من المهرجان المصغر عن العام الماضي الذي تقيمه «مؤسسة الدوحة السينمائية» لتليها مباشرة أيام مهرجان مراكش السينمائي في دورته الثالثة عشرة. مهرجان القاهرة، إذا ما أقيم، سيتداخل مع أواخر أيام مراكش وما إن ينتهي حتى ينطلق مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي يفتتح دورته العاشرة في السادس وينتهي في الثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول). * ملتقيات * تقليديا، وحتى عقدين من الزمن، تعاملت مهرجانات السينما العالمية مع الأفلام المنجزة وحدها. تختارها وتقدمها ومع هذا التقديم توفر للحضور طاقم الفيلم المنتخب من مخرجين وممثلين ومنتجين. لكن في السنوات العشرين الأخيرة أو نحوها أخذت بعض المهرجانات تتوسع فيما تقرر القيام به. بالتدرج الحثيث أصبحت مختبرا كاملا ينشط في عمليات ترويج مراحل الفيلم المختلفة من كتابة السيناريو إلى الإنتاج والتوزيع. ملتقى للسينمائيين المخضرمين ومجمع لهؤلاء القادمين الجدد. بكلمات أخرى، بات عدد كبير من المهرجانات العالمية (عربية ودولية) مكانا لرصد أصعدة ومراحل العمل السينمائي المختلفة وسوقا لترويج ما لدى المخرجين والكتاب من مشاريع من الفكرة وحتى العرض. طموح ضخم ومفيد يترك بعض المهرجانات التي لا تتمتع بالقدرات الإدارية أو بالميزانيات الكبيرة في وضع فريد. أحد هذه المهرجانات هو مهرجان القاهرة ذاته. ففي الماضي لعب دور العارض ولو أنه حاول إشراك موزعين ورجال أعمال في مصيره، لكن مشكلات السوق المصرية والعربية الأخرى، وسوء إدارة المهرجان في أكثر من مناسبة وحقل عرقل تحقيقه هذه الغاية أو أي غاية أعلى من مجرد عرض الأفلام المنتقاة. وحتى هذا المستوى الطبيعي والتقليدي ناوأته الظروف والأخطاء فإذا به ينجز دائما أقل ما يعد به أو أقل مما وصل إليه عندما ترأسه في الثمانينات سعد الدين وهبة. لكن ليس صحيحا أن كل مهرجان عليه أن يلعب دور الأخ الأكبر للسينمائي فيقيم له الورش السينمائية ويحاول فتح الأبواب في وجه مواهبه وترويج أعماله. إذا ما قام مهرجان القاهرة بدوره الأساسي كعارض رئيس لأهم ما شهده العالم من أفلام ولبعض جديده غير المعروض من قبل فإنه قام بالدور الكلاسيكي الذي كان على الكثير من المهرجانات اتباعه. وتحت إدارته الجديدة يستطيع أن يلتقط الخيوط الصحيحة لكي يتبوأ مركزه السابق الذي تحتاج مصر إليه كما العالم العربي. .. ويوسف شريف رزق الله * بعد رحيل سعد الدين وهبة استلم الممثل حسين فهمي إدارته حتى عام 2001 ليخلفه الإعلامي شريف الشوباشي حتى سنة 2005 قبل أن يأتي دور الممثل عزت أبو عوف. خلال هذه الحقب الطويلة وبينما قامت سهير عبد القادر بمنصب نائب المدير، أشرف الناقد يوسف شريف رزق الله على الاختيارات ومهام الإدارة الفنية وأبلى بلاء حسنا ما أوعز بأنه سيكون الرئيس الجديد للمهرجان المصري بعد ثورة 2011 لكنه استبعد ليعاد إحياؤه بطاقمه القديم حتى جرت التعيينات الأخيرة.