* ..فجأة، نشعر أننا نكبر بسرعة لا تلتفت للفرص الضائعة، ونتيقن أن الحياة لا تقف عند محطات الغضب، وأنها أكثر انشغالا من أن تلهو في ملاعب الخلافات، وأن دورة التقادم التي تمر بنا كل عام؛ هي بمثابة رسالة ضمير، تقول كل شيء وهي خرساء، تغرينا بالنضوج أحيانا، في أوقات يقود فيها الأمل عربة الأيام، وترعبنا بفكرة الرحيل في أحايين أخرى، يكون اليأس فيها قد غرس أطنابه في كل مساحات التفكير!. * كم هي كريمة الأيام، عندما تمنحنا ـ بسخاء ـ بطاقة تجديد لحضور فعاليات الحياة، بمميزات مغايرة، وألوان أكثر عمقا من بياض السطح، بخيارات أكثر "جدية" عن سابقتها. لكنها في كل مرة؛ يتم فيها التجديد؛ تزداد شروطها "صرامة"، وتتضاءل عدد "أيقونات" التراجع، فلا نملك سوى الركض خلف "أزرار" الاستمرار، التي غالبا ما تكون بمثابة المخدر الموقت الذي ينقذنا، فيسهل لنا الهروب من الصفحات المعقدة، ليزج بنا في زوايا أكثر تعقيدا! ورغم ذلك.. نثق في آلية المضي للأمام.. لا نرتدع، بل نخاطر ونجرب.. منا من يكون محترفا متمرسا على التغيير، ويتنقل بدراية، ومنا من يقفز بمخاطرة دون أدنى مبالاة.. البعض يستطيع الاستمرار حتى نهاية "تحميل" البرنامج، بينما يهرب البعض عبر نافذة الـ"cancel"، لاجئا لأحد مبرمجي الحياة المأجورين.. أو متنازلا عن هذا البرنامج "بالكامل"! * نكتشف ـ دون مقدمات ـ أن التهام عام من مائدة العمر، يأتي سريعا هامشيا في حفلة الزمن، ومع ذلك نفرح بهذا التقادم، ونحتفل لأننا نقترب أكثر من الموت، وأن مساحات الفرص بدأت بالتقويض، ورغم هذا نصرخ في وجه اللحظة، ونقاتل الخيبات، ونمنّي أنفسنا بالقادم، ونطمع بالجمال الذي لم نصافحه بعد، وبالحياة، والأصدقاء، والفرح، وبفراغات المدن التي لم نقلع لها حتى الآن، ولذلك نلون الأيام بالضحك؛ لأن الماغوط قال يوما: "الفرح مؤجل كالثأر من جيل إلى جيل، وعلينا قبل أن نحاضر في الفرح، أن نعرف كيف نتهجأ الحزن". والسلام