ليس من السهولة أن تسير في منشأة حكومية من دون أن تتعثر بقدميك أو يتعثر طلبك بإجراءات بيروقراطية، هذا إذا كنت تسير وأنت تملك جميع حواسك، فكيف إذا كنت كفيفاً أو من ذوي الاحتياجات الخاصة حتماً سيكون هناك ما تتعثر به، إلا أن الخطوات التنظيمية في العملية الإنشائية التي عملت على إجرائها جامعة الملك سعود في مبنى «المدينة الجامعية للطالبات»، يجعلك تتجاوز هذا الشعور السلبي تجاه المنشآت الحكومية. إذ تميزت مباني الجامعة بممرات عدة موزعة بشكل منسق ومدروس تهتدي من طريقها الطالبات الكفيفات ليعرفن طريقهن، وتكثر هذه الممرات في مبنى 25 حيث المقر الرئيس لخدمات الطالبات، الذي يحوي سوقاً ومكتبة وأستوديو تصوير ومقهى، إذ تتردد الطالبات عادة على هذا المبنى لقضاء حاجاتهن اليومية والأكاديمية. وفي كل زاوية من هذه الممرات وأمام الأدراج والمصاعد الكهربائية تسبقك عينك إلى كل ما يساعد الكفيفات، ويسهل عليهن عملية التنقل بين مرافق الجامعة، إضافة إلى دورات المياه التي تمتاز بالتهيئة التامة لجميع ذوات الاحتياجات الخاصة، إذ تم تزويدها «بمفتاح كهربائي» يتم الضغط عليه عند حاجتهن إلى المساعدة. تقول وكيلة شؤون التشغيل والخدمات المساندة في جامعة الملك سعود الدكتورة صفية الملا، والتي رافقتها الحياة في جولة على عربة «غولف» للاطلاع على الخدمات التي تقدمها الجامعة لفئة الكفيفات وذوات الاحتياجات الخاصة، إن إدارة الجامعة حريصة على هؤلاء الفئات سواء كانت إعاقتهن حركية أم سمعية أم بصرية بتوفير ما من شأنه الإسهام في إعانتهن ومساعدتهن كي يستطعن ممارسة حياتهن اليومية، معتمدات على أنفسهن بكل ارتياح وطمأنينة من دون مساعدة الغير، الأمر الذي يشعرهن بأنه لا فرق بينهن وبين الأخريات، وذلك من منطلق تطبيق مشروع دمجهن مع شرائح المجتمع. وتضيف أن الجامعة هيأت غرفة تستوعب الكراسي المتحركة الخاصة بذوات الإعاقة حتى لا تضطر الطالبة من تلك الفئة إلى حمل الكرسي من الجامعة إلى البيت والعكس، مشيرة إلى أن هذه الممرات كانت متوافرة في مبنى عليشة القديم لكنها بنسبة أقل مما هي عليه الآن في مباني الجامعة الحديثة، فضلاً عن توافر وسائل أخرى مخصصة لهن وبشكل متطور. فيما وفّرت الجامعة ممرات لـ«عربة الغولف»، إذ يستخدمها ذوات الاحتياجات الخاصة للحيلولة من دون اصطدامهن بممرات مرتفعة أو منخفضة أو درجات سلم، ما يصعب عليهن تجاوزها بسهولة، كما وفرت الإدارة لكل كفيفة مرافقة لها متطوعة تصحبها وتعينها على التنقل بين الممرات والمباني والقاعات الدراسية. وحين تقودك خطاك إلى مبنى كلية التربية التي تحتضن الأغلبية من الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة، تجد أمامك تسهيلات متوافرة عدة، حيث تأخذك الخريطة التي توضح الكليات والمرافق بلغة برايل وتستطيع من خلالها المكفوفة معرفة المكان الذي تنوي التوجه إليه باللمس، فضلاً عن اللوحات المعلقة بجوار كل غرفة بنفس اللغة للتعرف على اسم الغرفة، فيما تم توفير مكتبة كاملة بلغة برايل تشمل كتباً سمعية وأجهزة حاسب آلي وآلات كاتبة. ولا يقف الجهد عند هذا الحد، إذ تم تأسيس غرفة خاصة للطباعة من طريق آلة حديثة مجهزة لعملية تحويل أية مطبوعات وكتب إلى لغة برايل في دقائق معدودة، الأمر الذي يسهل على الطالبة صاحبة الإعاقة البصرية التعلم بأسرع وقت وأقل جهد. وفي الأوقات الخالية من الجدول الدراسي اليومي، يمكن للطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة أن يذهبن إلى قاعة مخصصة لممارسة هواياتهن وإشباع رغباتهن سواء بالرسم أم التلوين أم التصميم، وما يلفت الانتباه داخل هذه الغرفة تمثال من الفخار تم تصميه من إحدى الطالبات، وتقول المشرفة على هذه القاعة: «لم يستغرق إنجازه سوى دقائق معدودة». جامعة الملك سعودذوي الاحتياجات الخاصة