إعداد: عمار عوض إيران.. هي كلمة السر في كل ما يحدث من فوضى وتدمير وملايين الأرواح التي سالت دماؤها بالعراق وسوريا، فقد برزت بوضوح خطة اللعب الإيرانية لإيجاد طريق آمن إلى البحر الأبيض المتوسط، عبر السيطرة على مناطق في العراق وسوريا، مما يمنحها نفوذاً كبيراً في المنطقة، وهذه الحقيقة التي خلصت لها وكشفت تفاصيلها صحيفتا الغارديان والأوبزيرفر البريطانيتان عبر المقابلات التي أجريت على مدار الأشهر الأربع الماضية مع مسؤولين غربيين، وعراقيين نافذين، ومواطنين في شمال سوريا، تفيد بأن الطريق البري المخطط بدأ تدريجياً يتخذ شكلاً واضحاً منذ عام 2014. أوضحت المصادر أن الطريق المعقد يمتد عبر العراق وكردستان العراق والمناطق الكردية شمال شرقي سوريا، ومناطق القتال شمال حلب، مشيرين إلى أن الخطة جرت بالتنسيق بين مسؤولين أمنيين، وحكوميين بارزين في طهران وبغداد ودمشق، وجميعهم يرجع إلى قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، الذي يدير حربي إيران في سوريا والعراق. ويقول مارتين تشولوف الذي أعد التقرير الاستقصائي بعد أن عمل عليه من بيروت: أن إيران جعلت للمليشيات التي تعمل على الأرض في العراق هدفاً آخر غير محاربة داعش وهو تأمين قوس النفوذ عبر العراق وسوريا الذي من شأنه أن ينتهي بها في ساحل البحر الأبيض المتوسط وكشف مسؤول أوروبي ظل يعمل على رصد دور إيران في كل الحروب على مدى السنوات الخمس الماضية قوله بعد 12 عاماً من الصراع في العراق، والأكثر وحشية في سوريا، باتت طهران أقرب من أي وقت مضى لتأمين ممر بري من شأنه أن يجعل إيران موجودة على الأراضي العربية. وأضاف إنهم يعملون بجد من أجل هذه الغاية، وهو مصدر فخر واعتزاز لهم من جهة، والبراغماتية من جهة أخرى. سيصبحون قادرين على تحريك الناس والإمدادات بين البحر الأبيض المتوسط وطهران وقتما يريدون، وأنها -إيران- سوف تفعل ذلك على طول الطرق الآمنة التي يتم تأمينها من قبل وكلائهم في المنطقة. وأشارت الصحيفتان إلى أن المقابلات التي أجريت خلال الأشهر الأربعة الماضية مع المسؤولين الإقليميين، ونافذين عراقيين، ومقيمين في الشمال السوري، أكدوا أن الممر البري يتم فتحه بشكل واضح منذ عام 2014 وهو الطريق المعقد الذي جرى نسجه ليمر عبر العراق العربي، ومن خلال الشمال العراقي الكردي، وليمر عبر الشمال- الشرقي الكردي في سوريا، وذلك من خلال ساحات القتال التي تجري شمال حلب، وأن الطريق جرى فتحه من خلال سيادة إيران على هذه الأراضي رغم أنف الأصدقاء والأعداء. ويوضح التقرير أن البعض بدأ يقرع جرس الإنذار في الأسابيع الأخيرة تركيا صارت مؤخراً خائفة من هذا التطور والعلاقة التي نشأت مع حزب العمال الكردستاني، ويقول مارتين تشولوف الذي يغطي حروب الشرق الأوسط لصحيفة الغارديان منذ عام 2005، والحائز على جائزة أورال للصحافة عام 2015: تم تنسيق الخطة من قبل كبار المسؤولين الحكوميين والأمنيين في طهران، وبغداد ودمشق، وجميعهم يعود في قراراته إلى رأس الحربة في سياسة إيران الخارجية، اللواء قاسم سليماني قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري،، الذي يدير الحروب في سوريا والعراق. ويكتب تشولوف الخطة تنطوي على أحداث تحولات ديموغرافية والتي حدثت بالفعل في وسط العراق والجارية الآن في شمال سوريا، وتعتمد اعتماداً كبيراً على دعم مجموعة واسعة من الحلفاء، الذين ليسوا بالضرورة على بينة من مجمل المشروع، ولكن لديهم مصلحة وضعت في الحسبان وتقول الغارديان من خلال تحقيقها الاستقصائي أن الطريق الذي يجري تمهيده يبدأ من نقاط الدخول التي استخدمتها إيران لإرسال الإمدادات على مدى السنوات ال12 الماضية، ويعبر من خلال بلدة بعقوبة عاصمة محافظة ديالي، نحو 60 ميلاً إلى الشمال من بغداد، وهي منطقة تداخل مذهبي (سني شيعي ) لمئات السنين، وأصبحت ديالي واحدة من المناطق المضطربة الطائفية الرئيسية خلال الحرب الأهلية في العراق، وعلى طول الطرق التي تم تأمينها من قبل الميليشيات، التي تعرف محلياً باسم الحشد الشعبي، وبعد ذلك يتحرك الطريق شمال غرب إلى المناطق التي كانت تحتلها داعش قبل عدة أشهر إلى بلدة الشرقاط في محافظة صلاح الدين وهي إحدى المناطق الهامة، حيث سيطرت عليها الميليشيات جنباً إلى جنب مع القوات العراقية في 22 سبتمبر/أيلول، التي شكلت دفعة مهمة لطموحات إيران. ويقول تشيلوف الميليشيات الموجودة الآن بأعداد كبيرة في الشرقاط وتستعد للتحرك نحو الطرف الغربي من الموصل، إلى نقطة حوالي 50 ميلاً إلى الجنوب الشرقي من سنجار، والتي - في هذه المرحلة - هي المحطة القادمة في مخطط الممر والطريق الذي تخطط له إيران، ولكن بين الميليشيات الشيعية وسنجار توجد بلدة تلعفر وهى معقل داعش، الذي كان الموطن التاريخي لكل من الشيعة والسنة التركمان بالقرب من أرض الأجداد تركيا وتنقل الأوبزيرفر عن مسؤولين كبار في استخبارات غربية وعراقية أن المسافة بين تلعفر وسنجار ضرورية للخطة الإيرانية، وسنجار هي موطن الإيزيديين الذين اضطروا للفرار في أغسطس/آب 2014 بعد غزو داعش للمدينة، والتي جرى استعادتها من قبل القوات الكردية العراقية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومنذ ذلك الحين اتخذها مقاتلو حزب العمال الكردستاني مقراً خلف جبل سنجار، ويتم الآن الدفع بمقاتلي حزب العمال داخل وحدات الحشد الشعبي، وتمت الموافقة على الخطوة من قبل مستشار الأمن القومي العراقي فلاح فياض. ويقول أحد شيوخ القبائل البارزين، عبد الرحيم الشمري، الذي يعد شخصية مركزية في الشمال ويتلقى الدعم من الحشد الشعبي والقريب من نظام الأسد في دمشق، والذي لديه قاعدة بالقرب من ربيعة للعبور إلى سوريا، والتي تعد نقطة مركزيه في المخطط الإيراني، وقال أعتقد في منطقتنا هذه إيران ليس لديها تأثير كبير جداً، وواصل قائلاً لصحيفة الأوبزيرفر من بغداد لا أحد هنا سوى حزب العمال الكردستاني التابع للأكراد ولا مشكلة من وجوده هنا. ومن معبر ربيعة، يمضي الطريق إلى مدينتي القامشلي وكوباني وعفرين التي تخضع لسيطرة مليشياتكردية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، ويقول مصدر أوروبي: طوال فترة الحرب ، فإن قوات سوريا الديمقراطية و(الحشد الشعبي) كانوا يخفون تحالفهم، في بعض الأحيان يتحالفون مع الولايات المتحدة ضد داعش، وتارة أخرى يقفون مع النظام السوري وقال المصدر الاستخباري للأوبزيرفر أعتقد أن إيران تريدهم حيث هم موجودون الآن - قوات سوريا الديمقراطية - لكني لست واثقاً إن كانوا قيموا الموقف التركي بشكل صحيح وتشير الغارديان إلى أن إيران ركزت كل طاقاتها في حلب الآن، حيث وصل ما يقارب 6000 من أفراد الميليشيات ومعظمهم من العراق، لأنها مهمة في سياق إنشاء هذا الممر ونقلت عن مسؤولين أن المرحلة التي تلى ذلك هي استكمال الطريق نحو حمص ثم يتجه شمالاً عبر المناطق العلوية وصولاً إلى ميناء اللاذقية، الذي بقي راسخاً في أيدي النظام طوال فترة الحرب. ويقول الذين راقبوا سليماني وهو يتفقد الخطوط الأمامية في سوريا والعراق، أو في اجتماعات في دمشق وبغداد، إنه كان يقول لقد استثمرنا كل شيء في سوريا لضمان أن تعزز إيران طموحاتها رغم هذه الحرب المكلفة، وتشير الأوبزيرفر أن السياسي العراقي الراحل أحمد الجلبي قال إن سليماني أبلغه عام 2014 إذا خسرنا سوريا، سنفقد طهران وإننا سنحول كل هذه الفوضى إلى فرصة لذلك. وتنقل الصحيفة عن علي الخدري الذي نصح جميع سفراء الولايات المتحدة للعراق وأربعة قادة من القيادة المركزية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، قائلاً إن تأمين طريق إلى البحر الأبيض المتوسط يعتبر نصراً استراتيجياً بالنسبة لإيران وقال إنه يدل على ترسيخ سيطرة إيران على العراق وبلاد الشام، وهذا بدوره يؤكد طموحاتها الإقليمية المهيمنة. وأضاف هذا أمر مقلق لكل زعيم غربي وحلفائنا في المنطقة لأن هذا سيزيد من جرأة إيران لمواصلة التوسع المقبل، وعلى الأرجح في دول مجلس التعاون وهو الهدف الذي لم يخفوه وتحدثوا عنه صراحة وبشكل متكرر. لماذا ينبغي لنا أن نتوقع منهم التوقف إذا كانوا ما زالوا في الكازينو، يضاعفون أموالهم مراراً وتكرارا لعقود طويلة؟.