×
محافظة المنطقة الشرقية

4900 شكوى ضد خدمات صحية

صورة الخبر

بعدما بنت الأسرة بزواجها من ابن عمها لمدة 22 عاماً وأصبحت جدة لخمسة أحفاد علمت تهاني أن زوجها ليس فقط ابن عمها بل هو أخوها في الرضاعة لتنقلب حياتها رأساً على عقب. كانت العمة لأم خالد التي أرضعتها مسافرة خارج غزة ومقطوعة الأخبار والتواصل مع عائلتها لمدة دامت أكثر من ثلاثين عاماً لتعود مؤخراً في زيارة للعائلةً، وفي جلسة مع أخيها (والد تهاني) وعائلته يسترجعون الذكريات علمت أن ابنة أخيها تزوجت ابن عمها والذي هو ابن أخيها الثاني، فلم تستطع كتم دهشتها وأوقعت عليهم الخبر كالصاعقة: «كيف تزوجت تهاني من محمد وهم إخوة في الرضاعة، أنا أرضعت الاثنين وهم إخوة». زواج باطل توجه محمد بعد هذه الأخبار إلى أهل الفتوى، وأخبروه بأن زواجه من تهاني باطل ويجب فراقهما فوراً؛ تم الفراق وتزوج محمد بأخرى، أما تهاني (أم خالد) فبقيت مع أولادها وأحفادها تحاول أن تشرح لهم ما حصل من أمور اختلطت عليهم خاصة بسبب صغر سن بعضهم. قصة محمد وتهاني لم تكن الأولى ولا الأخيرة فهناك الكثير من القصص والحالات المماثلة التي حدثت ولا زالت تحدث، مثل قصة علي الذي تزوج بفتاة ليعلم أنها ابنة خاله بعد 12 عاماً لأن جدته أخبرته أنه رضع مع أمها فهو خالها، ليتم فسخ العقد بينهما بحكم الشرع الإسلامي، ويتزوج كلا الزوجين، ويبقى الأبناء السبعة يعانون تشتتاً لا ذنب لهم فيه.. وبرأي علماء الدين يقول الشيخ محمد لافي: إنه بمجرد اكتشاف الزوجين بأن بينهما رضاعاً، يجب فسخ عقد النكاح، مؤكداً أنه لا يسمى طلاقاً لأن الطلاق يحدثه الرجل بإرادة منفردة. وأوضح مع أن فسخ عقد النكاح هنا واجب، لبيان فساد العقد بوقوع الرضاع، وبالتالي ينبغي إنهاؤه فوراً، ولذلك هو فسخ لا طلاق، مشيراً إلى أنه مهما طالت مدة الزواج، في الوقت الذي يتبين فيه حدوث الرضاع بواقع خمس رضعات مشبعات، يجب فسخ عقد النكاح. وأكد لافي أن فسخ عقد النكاح بين إخوة الرضاع، لا يطعن في نسب الأولاد بتاتاً، لأن نسبهم تم يوم كان الزواج صحيحاً في الظاهر، وميراثهم صحيح ولا إشكال في ذلك، مبيناً أن الفسخ ينهي الحياة الزوجية بين الاثنين فقط. الأبناء هم الضحية وحول مصير الأبناء، قال الشيخ لافي: «يبقون في حضانة أمهم حتى سن معين وهذا حقها، ورعايتها لهم تكون أفضل من رعاية الأيتام لأن الأم موجودة»، لكن إذا تزوجت فتنتقل الحضانة إلى الأب، مشدداً على أن استمرار زواج إخوة الرضاع محظور، لأن القرابة التي تربطهم ببعض محرِمة للزواج تحريماً أبدياً، يقتضي التفريق بينهما فوراً خاصة أن الزواج قد أزال التكليف الموجود بين الأرحام. ونصح نساء المسلمين بعدم اللجوء إلى الإرضاع لغير أبنائهم قائلاً: «لم يعد في هذا الزمان حاجة إلى الرضاع حتى للضرورة، وذلك من خلال استخدام الحليب الاصطناعي»، مشترطاً في حال وقع الرضاع أن يتم الإشهاد عليه وتسجيله ليكون حائلاً دون وقوع أمر كهذا. لا بد من التوثيق من جهته قال صلاح عاشور المحامي الشرعي: «جهل الناس بوجود أقارب لهم من الرضاعة قد يكون من أسباب ذلك انتقال الناس من مكان إلى مكان، وانقطاع الأخبار لانشغالهم بأمورهم المعيشية، وكذلك غياب المعلومة عن باقي أجنحة العائلة، كما أن هناك سببا مهما ألا وهو غياب أو انعدام العلم بفقه الرضاعة من حيث عددها وهل هي مشبعة أو لا فيرضعون الولد من امرأة أو أكثر دون عناية أو معرفة بإخوان وأخوات وخالات وعمات وجدات الرضيع وما يترتب على ذلك من أحكام كحرمة النكاح والحقوق المترتبة على هذه القرابة حيث يحرم من الرضاعة من يحرم من النسب». كما أكد وجوب تفقيه الناس بعلم الميراث في هذا الأمر، فمن المعروف والشائع أن الأب في الرضاعة لا يرث وهذا ليس صحيحا، بل هو يرث شرعاً ويحق له ما يحق لإخوته من نفس الأم التي أرضعته. كما أكد أنّ أهمية تفقه الناس في موضوع الرضاعة وتثبيته وتوثيقه أولى وأعظم من توثيق الميراث، لأنّ ما يحق للمرضع يحق لباقي الإخوة أي له جميع أحكام الإخوة، فهو يرث تعصيباً ولا شك في ذلك، لكن يعم الجهل بأنّ الشخص المرضع لا يرث وهذا خطأ. ويرجع الأمر في إصرار بعض النساء على الرضاعة الطبيعية لأكثر من سبب كما تقول سامية المدهون: «ليست كل النساء تستطيع شراء الحليب الاصطناعي، زوجي لا يعمل وبالكاد نستطيع توفير بعض الطعام لابننا الأكبر، وأنا أعاني من بعض المشكلات في الهرمونات ولا أستطيع الإرضاع ولم يكن أمامي خيار سوى اللجوء لأم سامي لتكون أم طفلي بالرضاعة». وتتابع سامية قائلة: «لا توجد أم تحب أن يرضع طفلها غيرها ولكن تبقى الرضاعة الطبيعية أفضل لصحة ابني من الحليب الاصطناعي وهذا ما يخبرنا به الأطباء دائماً». أبعاد كارثية من ناحيةٍ أخرى تقول الإخصائبة النفسية نازك خليل: «أنا لست ضد الفكرة إذا كانت هناك حاجة ملحة إليها، ولكن أنا ضد التساهل الذي يحدث في مثل أمر حساس كهذا الأمر، فترى الطفل تقوم بإرضاعه أكثر من امرأة غير أمه دون حساب عدد الرضعات أو الإشهاد عليها، وهذا أمر له أبعاد كارثية على المجتمع والأبناء في حال فراق الوالدين بوقت متأخر». وتضيف الإخصائية نازك: «إن أثر الرضاعة الطبيعية على الأطفال من الناحية الجسدية والنفسية والعقلية واضح ومعروف، وحليب الأم أفضل بكثير من أي حليب آخر حيث أثبتت البحوث العلمية أن لبن الأم ضروري لنمو الطفل نمواً سليماً من الناحية البدنية والنفسية فهو يؤثر في جسم الطفل وأخلاقه وسجاياه لذلك إذا وجب الأمر وكان لا بد منه ينبغي الحيطة في انتقاء المراضع واجتناب المرضعات المريضات أو الفاسدات في أخلاقهن، فإن ذلك يؤثر في بدن الرضيع لأنه يتأثر سلباً وإيجاباً في لبن المرضعة، حيث يرث من طباعها وأخلاقها عن طريق اللبن». وتضيف الإخصائية نازك في هذا الجانب: بالنسبة لتأثير لبن المرضع على نفسية الرضيع وسجاياه : «إن لبن المرضع يؤثر في جسم الطفل وأخلاقه وسجاياه ولذلك يحتاط في انتقاء المراضع ويتجنب استرضاع المريضة والفاسدة الأخلاق والآداب، ولكن لا يخشى من لبن الأم وإن كانت بها علة في بدنها أو في أخلاقها؛ لأن ما يأخذه من طبيعتها فإنما أخذه وهو في الرحم».