كييف، واشنطن، برلين – أ ب، رويترز، أ ف ب - عزّز البرلمان الأوكراني أركان السلطة الجديدة، وكلف رئيسه إدارة شؤون البلاد إلى حين انتخاب خلف للرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش. وشنّت السلطات الجديدة حملة تطهير ضد معسكر يانوكوفيتش الذي «اختفى»، فيما أعلن حزبه تبرؤه منه، إذ اتهمه وحاشيته بـ «خيانة» البلاد، فيما اتجهت مقاطعات مؤيدة له سابقاً إلى اعتباره «جزءاً من التاريخ» والتحضير للتعامل «مع الأمر الواقع الجديد». (للمزيد) وتوافقت المستشارة الألمانية انغيلا مركل والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة الحفاظ على «وحدة أراضي» أوكرانيا، فيما حذرت واشنطن موسكو من أنها سترتكب «خطأً جسيماً» إذا تدخلت عسكرياً في أوكرانيا، معتبرة أن تقسيم البلاد لن يكون في مصلحة أحد. وبدا أن الأمور راحت تستقر أمس لمصلحة الحكم الجديد، بعد يوم على إعلان البرلمان عزل يانوكوفيتش، الذي رفض القرارات «غير الشرعية»، مؤكداً أنه لن يتنحى عن منصبه، لكن حزب «الأقاليم» الذي يتزعمه الرئيس المخلوع، حمّل الأخير «مسؤولية الأحداث الدامية الأخيرة»، متهماً اياه وحاشيته بـ «خيانة أوكرانيا وتأليب الأوكرانيين بعضهم على بعض». في المقابل، شهدت سيباستوبول في شبه جزيرة القرم جنوب أوكرانيا، التي كانت تابعة لروسيا ضمن الاتحاد السوفياتي وتشكّل مقرّاً للأسطول الروسي على البحر الأسود، تجمّعاً لحوالى ألفي شخص نددوا بـ «فاشيين استولوا على السلطة في كييف»، وذلك تلبية لدعوة حركات موالية للروس. وحذّر منظمو التحرك من أن «السلطة الجديدة ستحرم الروس حقوقهم ومواطنيتهم»، في إشارة إلى الأوكرانيين الناطقين بالروسية. وأدى «غياب» يانوكوفيتش، الذي أفادت معلومات بفشل محاولته الفرار إلى روسيا، إلى تعزيز موقف المعارضة التي بسطت سيطرتها على مقاليد الحكم، علماً بأن معلومات أفادت بوجوده في معقله خاركوف. لكن محافظ المدينة غينادي كيرنوس قال إنه لم يرَ الرئيس المخلوع منذ أيام، وزاد: «ما يتعلق بيانوكوفيتش بات جزءاً من الماضي، وعلينا الآن أن ننظر إلى المستقبل». وتبنى البرلمان، الذي بات السلطة الرسمية الوحيدة في البلاد، قرارات سحبت ما تبقى من بساط من تحت أقدام «الرئيس الهارب» كما وصفه بعضهم، إذ كُلِّف رئيس البرلمان الجديد فلاديمير تورتشتينوف الرئاسة بالوكالة إلى حين انتخاب رئيس جديد في 25 أيار (مايو) المقبل. وأمهل «الرئيس الموقت» النواب حتى غدٍ الثلثاء لتشكيل حكومة وحدة وطنية، ما يتيح مشاركة حزب «الأقاليم»، الذي بات أقلية في البرلمان. وأعلنت زعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو أنها لا تسعى إلى تولي منصب رئيس الوزراء، ما يؤشر إلى أنها قد تترشح إلى الرئاسة، فيما رفض بطل العالم السابق في الملاكمة فيتالي كليتشكو، أحد قادة المعارضة، تصوير ما حدث في أوكرانيا على انه انقلاب. وأضاف: «البرلمان آخر مؤسسة شرعية رسمية في أوكرانيا، وهو (يانوكوفيتش) ترك بلداً بلا رئيس». وفي استجابة لمطالب المحتجين، أقال البرلمان وزراء الخارجية ليونيد كوجارا والتعليم والعلوم ديمتري تاباتشنيك والصحة رائيسا بوغاتيريوفا، فيما أعلن النائب العام الجديد بالوكالة أوليغ مانيتسكي «اتخاذ تدابير لتوقيف» النائب العام فيكتور بشونكا ووزير الضرائب ألكسندر كليمنكو المقربَين من يانوكوفيتش، و «ملاحقتهما قضائياً». وأقرّ قانوناً يستعيد بموجبه سلطة تعيين القضاة، كما ألغى قوانين تقيّد التظاهر والاحتجاجات، وقانوناً مَنَحَ اللغة الروسية وضع لغة محلية في نصف مقاطعات البلاد. في غضون ذلك، أعلن ناطق باسم الحكومة الألمانية أن مركل وبوتين توافقا، في اتصال هاتفي، على «ضرورة الإسراع في تشكيل حكومة في أوكرانيا قادرة على التحرك، مع وجوب الحفاظ على وحدة أراضي» هذا البلد. وشددا على أن استقرار أوكرانيا «يصبّ في مصلحتهما المشتركة، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي». تزامن ذلك مع تحذير سوزان رايس، مستشارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للأمن القومي، موسكو من أن تدخلها عسكرياً في أوكرانيا سيكون «خطأً جسيماً». وأضافت أن «تقسيم البلاد ليس في مصلحة أوكرانيا أو روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة»، معتبرة أن «لا تناقض بين أوكرانيا تقيم علاقات تاريخية وثقافية منذ وقت طويل مع روسيا، وأوكرانيا عصرية تريد الاندماج اكثر مع أوروبا. هذا لا يمنع ذاك». في الوقت ذاته، نبّه وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، إلى أن إرسال الروس «دباباتهم» إلى أوكرانيا «لن يكون في مصلحتهم»، مضيفاً أن الوضع «معقد جداً وواضح أن البلد منقسم». أوكرانياالثورة الأوكرانية