تواصلت للأسبوع الثاني على التوالي، احتجاجات القوى الشعبية والسياسية الأردنية، على توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل.. وهي انتفاضة وصفها نقابيون وحزبيون ونواب، خلال فعاليات التظاهر والاعتصام، بأنها سياسية ـ اقتصادية، مطالبين مجلس النواب، بإلغاء الصفقة، ومحذرين من تكبيلها الوطن. ويؤكد أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني الدكتور سعيد ذياب، أن الاتفاقية “سياسية بالكامل وليست اقتصادية”، مطالبا الحكومة بإلغاء التعامل مع الكيان الصهيوني، ومن بينها الاتفاقية. فيما طالب رئيس اللجنة العليا لحماية الوطن ومجابهة التطبيع، نقيب الأطباء الأسبق الدكتور أحمد العرموطي، بإلغاء اتفاقية وادي عربة، التي قال إنها أساس الاتفاقيات التطبيعية مع العدو الصهيوني. ويشير خبراء أردنيون، إلى أن الحكومة عندما وقعت على اتفاقية شراء الغاز الاسرائيلي نهاية شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، إنما كانت تطبق أحد بنود معاهدة السلام الموقعة بين البلدين في العام 1994 والموافق عليها من مجلس الأمة آنذاك . وأن فاتورة الطاقة شكلت عاملا ضاغطا على موازنة الدولة لسنوات طوال وبلغت ذروتها مع تراجع امدادات الغاز الطبيعي المصري وارتفاع أسعار النفط عالميا ما حمّل شركة الكهرباء الوطنية خسائر يومية بلغت خمسة ملايين دولار، والتي أسهمت في رفع مديونية الدولة، وبالتالي دفعت للبحث حثيثا عن خيارات لتنويع مصادر الطاقة والذهاب لخيارات الطاقة المتجددة والطاقة النووية وخيار الغاز الطبيعي وأن الحكومة الأردنية تحركت في موضوع شراء الغاز الاسرائيلي بموجب قانوني ودستوري وهو اتفاقية السلام مع اسرائيل الموقعة في العام 1994 بنص المادة رقم 19 التي تحدثت بالتفصيل عن التعاون الأردني الإسرائيلي في موضوع الطاقة. ويرى نائب عميد كلية الإعلام بجامعة اليرموك الدكتور خلف الطاهات، أن الدولة الأردنية تعاملت بمنتهى الحكمة والبراجماتية فيما يخدم الصالح الشعبي، ففي ظل التقاعس الدولي والتخاذل العربي في دعم الاردن لمواجهة ازمة المهاجرين واللاجئين، بات الاردن بموقف يحتاج الى البحث عن حل للازمة حتى لا تتراكم اكثر دون انتظار وعود لم تتحقق من المجتمع الدولي.. وقال إن الأردن لم يجبر أي مواطن اردني على التطبيع مع اسرائيل منذ توقيع اتفاقية السلام قبل أكثر من عقدين، وانه تعامل وفق الانظمة والقوانين والاتفاقات الدولية. وأشار إلى أن الغاز لم يكن السلعة الوحيدة التي اشتراها الأردن من إسرائيل، بدليل قيام مستوردين وتجار أردنيين باستيراد أكثر من 60 صنفا من الخضار والفواكه، وتم إلزام هؤلاء التجار بوضع ملصق على تلك المنتجات تبين بلد المنشأ، وذلك لإتاحة الفرصة امام المواطن ليقرر أي نوع من البضاعة سيشتري. ويؤكد مسؤول سياسي أردني، أن الاردن ليست الدولة الوحيدة التي تتعامل وفق مصالحها العليا مع اسرائيل، وأن دول عربية أخرى لا تربطها أي حدود جغرافية مع اسرائيل ولا تشكل اسرائيل أي خطر على مصالحها، إلا أنها تحتضن مكاتب تمثيل اقتصادي لإسرائيل فيها، وهذا دليل على أن الاردن ليس استثناء في المحيط العربي في تقدير مصالحه .. مشيرا إلى أن البرلمان هو صاحب القرار النهائي في مسألة الغاز الإسرائيلي كان نقباء ونقابيون وحزبيون ونواب، نطموا وقفة احتجاجية ، أمام مجمع النقابات المهنية، رفضا لتوقيع الحكومة اتفاقية شراء الغاز من الاحتلال الإسرائيلي. ودعا متحدثون خلال الوقفة، حكومة هاني الملقي، للتراجع عن الاتفاقية، معتبرين إياها أسوأ” من معاهدة وادي عربة، رافعين لافتات كتب عليها صفقة الغاز رهن للإرادة الوطنية وغاز العدو احتلال. وجدد رئيس مجلس النقباء، نقيب الأسنان الدكتور إبراهيم الطراونة، رفض النقابات وشرائح المجتمع كافة للاتفاقية، التي اعتبرها غير قانونية وغير دستورية، وتطبيعية وسياسية، لافتا الى مواصلة التعبير عن رفض الاتفاقية والمطالبة بإلغائها، آملا أن يعبر البرلمان عن الموقف الشعبي الرافض للاتفاقية. ووجه الطراونة حديثه للحكومة قائلا “وظيفتكم البحث عن بدائل للغاز الصهيوني المسلوب من ارض فلسطين التاريخية.. وظيفتكم تنمية مشاريع الطاقة الوطنية، بدلا من إذلالنا باتفاقية مع عدو غاشم”. ومن جانبه وصف نقيب المحامين الأردنيين، سمير خرفان الاتفاقية، بأنها عنوان لـهدر الكرامة، ورهن احتياجات الوطن والمواطن لعدو لا يحترم الاتفاقيات والعهود، وأن مبررات الحكومة لتوقيع الاتفاقية “لن تنطلي على الأردنيين الواعين”، داعيا مجلس النواب إلى أن يعبر عن رأي الشعب تجاه الاتفاقية ويعمل على إلغائها، لافتا إلى أن “الصهاينة دمروا أنابيب الغاز المصري ليجروا المملكة لشراء الغاز الفلسطيني المسروق”.