وضعت الكلمة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بمناسبة عيد الفطر المبارك بعض الأسس التي تقوم عليها سياسة المملكة الداخلية والخارجية، والتي تصب في إصلاح الداخل السعودي والسعي لإصلاح الوضع العربي الذي يُشكل المحيط الذي تعيش المملكة في حدوده: - إن هذا البلد هو "مهد رسالة الإسلام، وقبلة المسلمين التي انطلق منها نور الهداية الربانية ليضيء للبشرية طريق الخير والسلام، لتشكل حضارته أهم روافد التحضر الإنساني والإبداع البشري". - إن غاية ديننا الإسلامي الحنيف "هو إخراج العالم من غياهب الظلام والاستبداد والجهالة إلى نور الحق والمساواة والعدالة". - إن الهدف الذي تسعي إليه بلادنا هو "رفع راية التسامح والتعايش والحكمة والرشد، والدعوة إلى كلمة سواء تخرج بها البشرية من ظلمات جهلها وشحنائها وتناحرها إلى نور ربها الهادي إلى سواء الصراط". *** وجاءت كلمة الملك عبدالله لمواطنيه وللمسلمين والعرب في كل مكان من هذا العالم تحمل الكثير من الأسي والألم حاول فيها – حفظه الله – توصيف الواقع المؤلم والمصير المجهول الذي تعيشه أمتنا العربية والإسلامية والتحذير من الأخطار المحدقة بالأمتين العربية والإسلامية. وكان على رأس ما حذر منه هو "الإرهاب الفكري" الذي يحمله أعداء الأمة الإسلامية المتربصون بها من الخارج أو الداخل الذين يسوغون لـ"شعارات ما أنزل الله بها من سلطان .... في سياق فرصهم التاريخية، لتبيح قتل الأبرياء، وترويع الآمنين، وهتك الحرمات (...) من خلال توجيه نصوص الشرع الحنيف والتطفيف فيها وفق مرادهم". *** وأمام هذا الواقع الأليم، شدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على ضرورة "الوقوف وقفة حازمة مع النفس أولاً لإصلاح شأن الأمة الذي يبدأ من إصلاح الذات والاتفاق على كلمة سواء، ركيزتها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتصدي بكل عزم وحزم لدعاة الفتنة والضلال والانحراف الذين يسعون لتشويه سمعة الإسلام الذي احتوى القلوب وحضن البشرية وكانت سعة عقول رجاله سبباً في حضارة ورقي الإنسانية بشهادة منارات العلم والحضارة والثقافة في العالم أجمع". *** لقد حمل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ تسنم سدة الحكم راية الإصلاح الذي شكّل رّكيزة أساسية في رؤيته لمستقبل المملكة العربية السعودية. لذا كان أول خطاب ملكي للشعب وعداً منه حفظه الله بإكمال مسيرة الإصلاح والعمل من أجل المواطنين جميعاً دون تفرقة بين أحد منهم. ولم تقتصر دعوة الإصلاح على الداخل السعودي بل أطلق الملك عبدالله مبادرة شاملة لإصلاح ميثاق الجامعة وسبل دفع العمل العربي المشترك تحت مسمى وثيقة العهد «ميثاق إصلاح الوضع العربي» بغرض مواجهة التحديات الراهنة على الساحة العربية والدولية، دعا فيها إلى تغيير جذري في الجامعة العربية لمواكبة المتغيرات العالمية وتحقيق القوة للأمة التي أصبحت في حالة من الوهن والضعف تتطلب السعي الحثيث نحو اتخاذ خطوات فاعلة للنهوض بالمستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي لكافة دول المنطقة العربية. *** وهكذا فإذا كان هناك خطر يتجاوز غيره من الأخطار ويعيق مسيرة الإصلاح والتنمية فإنه خطر الرأي الواحد .. والتسربل بعباءة الدين للوصول إلى اهداف لا تنتمي إلى الدين ومحاولة فرض ما أسميته بـ"سلاح الرأي الشامل" لطمس كل فكر مُخالف هو أخطر ما يواجهنا في معركة الإصلاح. فهذا السلاح هو أخطر من سلاح الدمار الشامل. فبينما تقتل "الرصاصة" إنسانًا واحدًا، وتقتل "القنبلة" عشرات، وتصيب "أسلحة الدمار الشامل" مئات الآلاف، فإن "سلاح الرأي الشامل" يقتل المجتمع كله، لأنه يُلغي عقل الملايين من أبنائه.. وهذه أشد أنواع الأسلحة فتكًا وتدميرًا. * نافذة صغيرة: [[مجتمع يمشي برأي واحد هو مجتمع معوّق يصعب عليه اللحاق بعجلة التقدم والتنمية. فهل يستطيع أحد أن يجلس على كرسي استُبدلت قوائمه الأربع.. بخازوق؟!]] .. عبدالعزيز الصويغ (المدينة: 7 أغسطس 2010). nafezah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain