هوشة انتخابات الآداب التي فجرت أموراً كثيرة، أشبه بجرس إنذار خطير، يدق مدويا فوق رؤوسنا وفينا محذراً من مرحلة وعي وسلوك خطرة وصل إليها شبابنا، جنود الغد وعقول المستقبل. العقول التي لا تزال للأسف تدور في فلك القبيلة والعصبية والولاء، بعيداً عن اختيار الشخص المؤهل المناسب، بغض النظر عن اسمه وأصله وقبيلته وانتمائه. طائفية وعنصرية مقيتة تصنف البشر إلى فئات وأقسام لا علاقة لها بالذكاء والفكر أو الأخلاق والتربية. أمراض المجتمع انتقلت إلى الجامعة، وأمراض الكبار انتقلت للصغار من شبان، يفترض أنهم في مرحلة قلب تربة العقل وغرس بذور الإبداع والتفكير الصحيح والشخصية السوية. بدل ذلك، مشاجرات ومشاحنات بناء على اسم وفصل وانتماء، وصناديق انتخابية أغلقت قبل غيرها، مهاترات ومناوشات لم نتوقعها من جيل واعٍ مقبل على ثورة تكنولوجية وإعلامية واتصالية هائلة... مؤسف فعلاً. وقد طالعتنا بعض الصحف بعناوين تفيد بأن لجان القبائل تفرض مرشحيها على قوائم انتخابات الجامعة والتطبيقي، ما يعني أن القبيلة حلت محل الكفاءة والتأهيل الفكري والأخلاقي. الإنسان المناسب هو الذي تختاره القبيلة وتفرضه فرضاً، والكل يتبع ويطيع بناء على الولاء والانتماء. وهكذا تضيع فرصة الكفاءة التي يمكن أن تحدث التغير المطلوب للتطور، واحداث المساواة والعدالة المطلوبة لتحسين حال الفرد والبلد. وعلّق أحدهم على «تويتر» قائلاً، إن هؤلاء الشباب شاهدوا تكرر معارك «العِقل» و «النِعل» في مجلس الأمة بين قدوتهم وممثليهم من النواب، حتى أصبحت عادية وممكنة، فقلدوها ونسخوها ومارسوها... نقلوها من القبة للحرم الجامعي، ضاربين بعرض الحائط، قيم التعليم، وفضائل التربية ومبادئ السلوك... وهكذا اختلطت المفاهيم وذابت المعايير. تذكرت سؤال بورقيبة للقذافي: لماذا تستثمر في السلاح وليس في التعليم؟ فأجابه: أخاف من ثورة شعبي. فقال له: ثورة شعب مثقف أفضل من جاهل. التعليم يا سادة... ثم التعليم، ثم التعليم.