بقلم ايهاب قعدان عندما كنت طالبا جامعيا, أصعد للحافلة ،وأرى عدد لابأس به من الركاب بأجناسهم المختلفة، غارقين في النوم العميق على الرغم من ارتفاع حرارة الطقس ,واهتزازات المركبة ,وكثرة الانتظار في المواقف المخصصه .. هذا المشهد جعلني أتساءل فى قرارة نفسي لماذا ينام هؤلاء؟ .... وبعد سنوات من المرور بشوارع ودهاليز الحياة بحلوها ومرها ,خرجت بنتيجه واقعية , أعتقد أن الكثيرين في غفلة عنها , ألا وهي الإيمان ب قاعدة التقدم في أساليب الحياة تجلب المتاعب . ولكي تصل الصورة بشكل أوضح للقاريء ,لابد ان أقتبس من البقع الضوئية التي جعلتني مؤمن بهذه القاعدة, فمثلا في زمن الآباء والأجداد إذا شعر أحدهم بالإرهاق !! ألقي بجسده تحت شجرة ,أو علي أرض رطبة ,أو دخل منزله المتواضع ، الملتهب صيفا والقارس شتاءً .. بعكس زمن الحضارة الذي نعيش ، فالغرف الفخمة متوفرة، والفرشات الزنبركية منتشرة، ومكيفات الهواء متطورة ..إلا أن القلق وصعوبة النوم تطغى علي معظم الناس . وفي بقعة أخرى أضيئت لي عندما قرأت بعض الأحاديث النبوية الشريفة.., وجدت أن الاقتناع بالرزق الذي كتبه الله لنا..، نوع من الشكر والرضا بحكمه , .. والاستعجال في التقدم والتطور ,سيجعلنا معرضين لعذاب الله ،وتشبيهنا بكائن آخر لايؤمن بما هو عليه الآن ...فقول الله تعالى فى الحديث القدسي خير دليل على ذلك يا بني آدم إنى خلقتك لتعبدني فلا تلعب واني قدرت لك رزقك فلا تتعب ..فإن رضيت برزقك زاد وان لم ترض سلطت عليك الدنيا لتجري جري الوحوش في البرية ولن تحصل إلا على ما قسمته لك .. . ومن المفارقات العجيبة التى وصلت إليها , كانت بعد سماع درس الشيخ الفاضل، بأن من يحصل على طعامه وشرابه اليوم وهو بكامل صحته فقد ملك الدنيا ومافيها ..قال صلى الله عليه وسلم : (( من أصبح آمناً في سربه معافا في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها )).. وعندما تسمع آيات القرآن الكريم تتلى .., ستقف أمام الآية الكريمه فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وهذا دليل صريح وواضح علي الابتعاد عن الركض والتقدم وحتي الهروله، لأن الحصول علي الرزق يحتاج للمشي والسعي بهدوء ,بعكس العبادات وتقديم الخير، فهو يحتاج منا الى السرعة والإقبال , وظهر ذلك فى آيات قرآنية مختلفة وسارعوا لمغفرة ... واستبقوا الخيرات ... وفروا الى الله .... وإذا اراد البعض الدليل العقلي على إيماني المطلق بالقاعدة التي ذكرتها في بداية المقال, فأنا أؤمن بذلك , وهذا ماقمت به عندما طرحت سؤالا لأحد الأطباء صاحب منصب، ويتقاضي راتبا كبيرا ،فقال لي : تقدمت وأصبحت ملتزما بتطوير واجباتى أمام الآخرين ..فإذا أردت معايدة أقربائي, فلن اقدم لهم ماكنت أقدمه في السابق، فنظرتهم لي أيضا تطورت بتغير مكانتى الاجتماعية والاقتصادية , وبناءا عليه، لابد من مواكبة الزيادة في الإكرام, أو الوقوع في السنة الكثير منهم .. قبل الختام استطيع معرفة مايخطر الآن في بال بعض القراء ..الذين يؤمنون بالتكنولوجيا والأجهزة الحديثة والمتطورة , فهي باعتقادهم جلبت الراحه والسرعه فى إنجاز الأعمال , فكيف تجلب لنا المتاعب؟ ..واقول لهم : كل اختراع يجلب السوء والضرر قبل الخير ,فصناعة السيارة سهلت حركة البشر, ولكنها لوثت البيئة وازدادت بسببها الأمراض ،وحتي المايكرويف الذي يحضر الطبق ليصبح بعد ثوان قليلة جاهز للأكل .., فهو قاتل لخلايا الانسان، ومسبب لأنواع كثيرة من السرطانات .. فتطور الإنسان مختلف عن صنع الله صنع الله ومن احسن من الله صنع .. وحتي التقدم الطبي بأجهزته الحديثه ,لو تم تناول الغذاء السليم وابتعدنا عن الوجبات الغير صحيه خارج المنزل، وانتهى المزارع من استخدام المواد الكيماوية الضارة ..ما أصاب إنسان المرض، إلا ماابتلاه الله . فنوم البعض في أماكن مختلفة وخاصة الحافلة، كان بسبب رغبتهم في سباق الزمن ولم يستطيعوا الوصول لمايريدون .. ولذلك التفكير بالمستقبل متعب.