لا يفترض أن نعيد شرح سيناريو جاستا، وما حدث في رحلة التصويت، وتحديدا بعدما أتقن الرئيس الأميركي باراك أوباما دوره بامتياز، حينما زعم أنه حاول نقضه بـفيتو بارد، جاء كما نقول بلا نفس، مدعيا أنه يحاول حماية الحصانة الدولية، بينما الحقيقة أنه كان يريد أن يحمي تاريخه الضعيف، في البيت الأبيض، حتى آخر تخبط! ضج المجتمع الدولي.. بعض الدول الأوروبية استنكرت، وتركيا عارضت، مرورا بالمنطقة العربية، بل إن قادة بعض المؤسسات الأميركية الحساسة غضبوا وحذروا، كمدير الاستخبارات المركزية جون برينان، الذي قال إن كل مسؤولي الأمن القومي، في هذه الحكومة، يقدرون مدى خطورة هذا التشريع على مصالح أمننا القومي، ويعرفون كيف سيؤثر فيها سلبا! الأمر لم يقتصر على المناخ السياسي، وإنما تعدى للفضاء الاقتصادي، حيث نبهت عدد من الشركات الكبرى لمدى خطورته، وحذرت من العمل به.. ولكن السؤال ماذا بعد هذا التشريع؟ هناك نقاط لا بد من الوقوف عليها، من وجهة نظري: أولا، لا يفترض أن نستجيب لماكينات الدعاية الأميركية والإيرانية، والتي تحاول أن تلصق هذا التشريع بالسعودية، حيث لا يوجد إطلاقا ذكر للمملكة في وثائق القانون الموقع عليه، ولذلك يجب أن نكون أكثر وعيا من التسليم إعلاميا، لأن الاستجابة الإعلامية رضوخ أولي. ثانيا، كل الدول - بلا استثناء - قادرة على تشريع قوانين داخلية مماثلة، وقد لوحت بذلك بلدان مختلفة، كفرنسا وغيرها، وعندها ستتراجع الولايات المتحدة الأميركية عن هذا التشريع، بعدما تذوق ويلاته، وتكتشف أنها الخاسر الأكبر يوما ما، نظرا لتشعب عملياتها العسكرية، وانتشار جنودها في العالم، وهذا ما أقر به أوباما. ثالثا، لا يجب أن نتعامل مع هذه الأزمة - لو كانت فعلا كذلك - بعقلية عاطفية، من خلال رفع شعارات بالية، وترديد النظريات التي لم تعد صالحة، وإنما يفترض أن نتعاطى مع المرحلة بلغتها، ونحارب بذات الأدوات، بشكل حديث ومؤسسي ومنظم، وبرؤية موحدة. رابعا، من المهم ألا نسلم للشائعات، أو نساعد على ترويج بعض المخاوف التي ينشرها الجهلة وبعض الرعاع، ويساهم في نشرها بعض الدخلاء على الصناعة الصحفية، والتي روجت لأحكام وهمية، وضغوطات وتضييق غير حقيقي، حتى قبل أن ترفع القضية الأولى في إطار هذا القانون. خامسا، لو افترضنا (جدلا) أن هناك استهدافا ضمنيا للمملكة، فيجب أن نتذكر أن التقاضي يحتاج سنوات في الإجراءات، وأدلة للإثبات، وليس لدينا ما نخشاه، ولسنا بدولة هشة تسقطها قضية أو قانون، ولنا هذا الثقل السياسي والاقتصادي والديني، والمكان الجغرافي المحوري في المنطقة. سادسا، وتتبعا لأهم شائعة بعد القرار، والتي تقول بالتحفظ على الممتلكات السعودية، فيجب أن نعلم أن النسخة الثانية المعدلة من القانون، والموقع عليها، لا يوجد بها ما يسمح للمحاكم الفيدرالية بالتحفظ على الممتلكات السعودية، وإنما هو تهويل مدروس، تم ضخه بعناية، وساعد على نشره متحمسون. سابعا، يجب أن نخاطب المتلقي الأميركي، لنشرح له مدى جسامة الآثار المترتبة على هذا القانون، لأنه هو الأصلح في مخاطبة القانون من الداخل، والذي يملك الأدوات الديمقراطية المؤثرة، وهنا يجب أن نسأل عما إذا كان هناك لوبي سعودي يعمل على ذلك؟ ثامنا، هل مؤسساتنا الإعلامية الحالية قادرة على التعامل مع هذه الأزمة! وهل لدينا استراتيجيات لذلك.. وهنا، تحديدا، يجب أن نكون الفعل، لا ردة الفعل، موقف الرد دوما أضعف، في كل شيء. تاسعا، من الضروري أن نعيد تشخيص الحلفاء بشكل دقيق، وأن نبحث عن فرص خلق تحالفات جديدة، حيوية وجادة، وذات مصالح عميقة، لا تتغير بتغير المزاج الحكومي، وتستطيع الانفتاح على المتغيرات. عاشرا.. وبمناسبة جاستا، ما تعريف الإرهاب؟! ومن يخلقه!. والسلام amjadalmunif@gmail.com