من أعظم الاساليب البلاغية هو وصف معركة كبرى من خلال تسجيل المشاعر الانسانية التي تكتنف القائمين عليها، وتسجيل كل ما يمر عليهم من خاطرات أو أفكار. لقد صور لنا القرآن الكريم غزوة الاحزاب بكلام عجيب «إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفلَ منكم، وإذ زاغت الأبصارُ وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا، هُنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً»، فهو يصور الحصار الذي فرضه المشركون على المدينة المنورة يساعدهم اليهود، وكادوا ان يستأصلوا تلك البذرة التي لم يمض عليها اكثر من خمس سنوات منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها «انظر الى ذلك الوصف البليغ حيث كادت الابصار ان تخرج من محاجرها، وارتفعت القلوب من القفص الصدري الى ان وصلت الى الحناجر بسبب الخوف الشديد والرعب الذي اصابهم، ثم تشتت الظنون بالله تعالى، فالمؤمنون قد قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما، بينما المنافقون قالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا، والنتيجة كانت زلزالا شديدا أصاب الجميع! ومما حدث في ذلك الحصار هو ان المسلمين عندما قاموا بحفر الخندق، واجهتهم صخرة كبيرة استعصت عليهم، فقام رسول الله ليكسرها، بفأسه، فكبر ثلاثا وقال: الله أكبر، هذه كنوز كسرى تفتح، فكبر الصحابة رضوان الله عليهم بتكبيره، ثم كبر وقال: هذه كنوز قيصر تفتح، فكبر الصحابة بتكبيره، ثم قال: لتفتحن كنوز كسرى وقيصر ولننفقنها في سبيل الله، فقال المنافقون: انظر الى محمد يمنينا بكنوز كسرى وقيصر، وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته من الخوف! ثم انهزم الاحزاب بعد ايام قليلة، وطرد الرسول اليهود من المدينة، ثم فتح الله على المسلمين فارس والروم وملكوا كنوزهما. أضعت عمري بانتظار كيري ولافروف! أعترف بخطئي عندما قضيت ما يقارب الست سنوات في تتبع أخبار القنوات الاخبارية حول اخبار سورية منتظرا تحررها من الظلم والطغيان، ومتتبعا أخبار الاحزاب الذين زحفوا عليها من كل حدب وصوب وعاثوا فيها الفساد، فما ازددت بمتابعتي إلا حزناً على حزن، وسمعت كلام هؤلاء الدجالين من الروس والاميركان والايرانيين يمثلون علينا ويخذلوننا ونحن نصدق كلامهم وننتظر النصر منهم، فما زادونا إلا خبالا! لقد حفظنا كلام كيري ولافروف (الممثلين الكبيرين) وتبادلهما للاتهامات، بينما هم عصابة من الحرامية ينسقون جرائمهم بحق الشعب السوري ويتعاونون على اجهاض ثورتهم وتقسيم بلادهم تنفيذا لمخطط صهيوني قديم جدا يقضي بتقسيم سورية الى دولة للسنة ودولة للعلويين ودولة للاكراد! إن الواجب علينا هو دعم صمود الثوار السوريين ودعمهم بكل ما نستطيع من قوة وتثبيتهم ودعاء الله تعالى ان ينصرهم على عدوهم، ويجب علينا قطع الامل من هؤلاء الكبار لانهم لا يريدون انقاذ سورية! نحن لا نطالب باعلان العداء عليهم ولكن ما الذي يمنعنا من تقديم العون المطلوب لهم رغما عن الكبار، حتى المضادات للطائرات التي ترفض اميركا تقديمها لهم، يمكن تهريبها بطرق عدة وبذلك ستتغير المعادلة على الارض، وليغضب من أراد ان يغضب! أما الاستمرار في الخضوع للدول الكبرى ونحن نرى الشعب السوري يباد كالحشرات من دون القدرة على التصدي للعدوان او مساعدتهم فان ذلك يديننا ويجعلنا متخاذلين امام الله تعالى وامام الشعب السوري! الكويت بذلت جهودا كبيرة لعقد اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية، وهذا جهد مشكور ولكننا نعلم جميعا بأن هذه الجامعة قد ماتت منذ زمن طويل وقرأنا عليها الفاتحة، وكان الأجدر ان تنسق الكويت مع السعودية وقطر وتركيا لزيادة الدعم العسكري للثورة السورية، ولاتخاذ موقف واضح من روسيا لوقف عدوانها الهمجي على سورية!