شكلت مبادرة عام 2016 عام القراءة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خطوة إضافية ونوعية تسجّل في سجل الإنجازات الثقافية المهمة للدولة، حيث إن الاحتفاء بالقراءة على مدار عام كامل عبر فعاليات متعددة هو تأكيد على مكانة القراءة في استراتيجية الدولة نحو بناء مجتمع المعرفة، خصوصاً أن الدولة قد سعت منذ سنوات إلى تكريس العديد من المقومات والركائز نحو المجتمع المعرفي، الذي تعد فيه المعرفة حجر الأساس في عملية التنمية. لقد بات من المعلوم أن مكانة الأمم في عالمنا الراهن تنهض على القدر الذي تحوزه من المعرفة، وأن تكامل المؤسسات في عملها من أجل تطوير المعرفة هو الذي يحدد في نهاية المطاف مدى النجاح الذي يمكن تحقيقه في بناء المجتمع المعرفي، ومن دون الفرد القارئ والمطلع والمزود بالمعارف لا يمكن للمؤسسات أن تنهض بعملها في تطوير المجتمع وتبني المعرفة كأساس في بناه المختلفة، فالمجتمع المعرفي هو مجتمع ينهض عبر عملية تفاعلية هائلة بين الفرد وبين المؤسسات. إن خصوصية دولتنا واستراتيجياتها القائمة على تنويع المعطيات الاقتصادية والثقافية جعلتها تضع الثقافة كعنصر أساس، ولا غنى عنه في خططها المستقبلية، وراحت تعمل في هذا الإطار على تطوير البنى الأساسية، وصولاً إلى بناء المدن الذكية القائمة على المعرفة، وهو ما يجعلنا نقول إن هذا الخيار القائم على دراسة موضوعية للمستقبل هو خيار قائم على فعل القراءة نفسه: أي قراءة التطور العالمي في سياقاته المختلفة. وليس خافياً على أحد أن الإمارات كرّست العديد من الفعاليات الثقافية المرتبطة بالقراءة، وباتت تلك الفعاليات تحظى بمكانة دولية مهمة، ومنها معرض الشارقة الدولي للكتاب، ومعرض أبوظبي للكتاب، إضافة إلى العديد من المبادرات المهمة في مجالي النشر والترجمة، كما تطورت البنية التعليمية في الدولة، وباتت تضم أهم الجامعات العالمية. وكل ذلك يؤكد حرص الدولة على تنمية القطاعات المرتبطة بالمعرفة، عبر التراكم في المنجزات، مع وجود مبادرات جديدة دائماً. ويبقى أن عام القراءة هو عام الاحتفاء بالإنسان طفلاً وشاباً، رجالاً ونساءً، وهو احتفال بالمنجز المعرفي البشري في تنوعه، وفي تعدده، واحتفال بالسمو المعرفي والأخلاقي، وبكل القيم التي تؤكد عليها المعرفة من محبة وتسامح وإدراك وتفاعل في بناء الحضارة الإنسانية، واحتفال بالقراءة باعتبارها جسر تواصل بين الشعوب والأمم، ومحاولة لفهم الذات والآخر. نعوّل على عام القراءة في الإمارات الشيء الكثير، في القراءة ترقى الأمم وتزداد معرفة ووعيا، وتسامحا وقابلية لتعايش مع الآخر. نعول على عام القراءة تجسيدا لفكرة سامية ونبيلة، تسعى إلى رفعة المجتمع واختبار قدراته في السير نحو مدارج الفكر والكرامة والطموح. محمد حمدان بن جرش