×
محافظة المنطقة الشرقية

مجلس إدارة «عكاظ» يناقش ترشيد المصروفات والحفاظ على المكتسبات

صورة الخبر

كلباء:محمد ولد محمد سالم شهدت الليلة الثالثة من مهرجان كلباء للمسرحيات عرض مسرحيتين هما لا عزاء للآخرين وهي مأخوذة عن مسرحية للكاتب الفرنسي جان بول سارتر، ومن إخراج رامي مجدي، ومسرحية العطش للكاتب الأمريكي يوجين أونيل، وهي من إخراج عادل سبيت. أخذ رامي مجدي مسرحيته لا عزاء للآخرين عن مسرحية لجان بول سارتر، كتبها عام 1946، بعد الحرب العالمية الثانية، ليفضح بها التمييز العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة، وهي تروي حكاية فتاة خليعة شهدت في قطار حادثة اعتداء رجل من البيض على زنجيين، فقتل أحدهما، وفر الثاني، وأراد البيض أن يلفقوا للزنجيين تهمة الاعتداء على الفتاة ومحاولة اغتصابها، وأن الرجل الأبيض هو الذي أنقذها، فقتل أحد الزنجيين دفاعاً عن شرفها، ويطلب أقارب الرجل من الفتاة أن تشهد زوراً ضد الزنجي الفار، لكي يجلب إلى المحكمة ويحكم عليه بالإعدام. تبدأ المسرحية بشاب يستأجر الفتاة الخليعة، ويبيت معها، وقبل أن يغادرها نكتشف أن الشاب هو ابن سيناتور المدينة عضو مجلس الشيوخ، وأنه ابن عم الشاب القاتل، وجاء يعرض على الفتاة أن تشهد زوراً ضد الزنجي الفارّ، وقد أغراها بجائزة مالية كبيرة، لكن الفتاة ترفض ذلك بشدة، وعندها يدخل رجلان من الشرطة يقبضان عليها، بتهمة البغاء، ويقدمان لها وثيقة تثبت براءة الشاب الأبيض وتلصق التهمة بالزنجيين، ويهددانها بالسجن إن هي لم توقع الوثيقة، لكنها تثبت على رفضها، ولا يجدي معها التهديد والوعيد، ثم يحضر السيناتور، فيطلب منهم فك قيودها، ويعنفهم على أن فعلوا بها ذلك، واصفاً إياها بأنها فتاة نبيلة من البيض، ومواطنة صالحة، ويبدي تعاطفه معها، لكنه يحاول أن يقنعها بكون البيض يمثلون الشعب من المواطنين الصالحين في البلاد، وهم حماة الوطن والعدالة، بينما الزنوج حثالة مشردون غير صالحين لشيء، ولهذا قتل أحدهم، لا يمثل ضرراً كبيراً إذا ما قيس بمقتل شاب أبيض مثل ابن عمته هو (القاتل) الذي هو ضابط يدافع عن الوطن، كما أن موت هذا الشاب سوف يقضي على أمه، تلك المرأة النبيلة الوحيدة التي ستصاب بالغم، ويظل وراء الفتاة حتى يقنعها بمنطقه الفاسد ذلك، فتوقع على الوثيقة. إلى هنا ينتهي الفصل الأول من المسرحية التي كتبها سارتر، وفي الفصل الثاني ستحاول الفتاة التكفير عن ذنبها بإخفاء الزنجي في بيتها، لكن الشرطة ستصل إليه وتأخذه للإعدام، وقد حشد مجدي كل طاقته لكي يقدم عرضاً متكاملاً ممتعاً، لعبت فيه السينوغرافيا دوراً باهراً، خاصة الإضاءة التي كانت واضحة الدلالة في الفصل بين المشاهد، ونجحت في ترجمة تفكير الشخصيات على شكل إسقاطات ضوئية موضعية تتحرك داخلها الأحداث المتخيلة أو الماضية، كذلك كانت الحركة والصوت والصمت مدروسة بعناية، وكان الممثلون أيضاً في المستوى المطلوب من ناحية الأداء الجميل المقنع، واللغة الفصيحة الخالية من الأخطاء. أما مسرحية العطش فتحكي مأساة رجل وامرأة كانا على ظهر سفينة تحطمت ومات كل من فيها ما عداهما، وجرفهما الموج إلى جزيرة، لكنهما لا يمتلكان أهم وسيلة للبقاء على قيد الحياة وهي الماء، ويقوم العمل على مونولوجات يتناوب عليها الاثنان، حسب محفزات يصنعها حوارهما الذي يتأرجح بين الخلاف واللوم و الانسجام، بين الحيرة والاتهام، بين البحث عن الماء والاستسلام للعطش، فالرجل يبدو أنه مالك السفينة، وقد تحطمت في الوقت الذي كان يقيم فيه حفلاً كبيراً على متن السفينة على شرف تلك المرأة التي هي راقصة جميلة يتسابق الرجال لكسب ودها، لكنها أثناء الحفل، تركته واختارت الربان، فيبدو الرجل في بعض الأحيان غاضباً منها يحملها مسؤولية سقوط السفينة، لأنها ألهت الربان عن عمله، وفي أحيان أخرى يبدو غاضباً من نفسه لأنه تخلى عن زوجته وابنته، حتى ماتت زوجته، وفي بعض الأحيان لا يعرف على من يلقي اللوم فيهدأ ويستسلم للعطش، وتارة يهب ويبحث عن الماء، أما المرأة فهي أيضاً في بعض الأحيان تغضب من الرجل وتحمله مسؤولية اختفاء السفينة، وتارة تغضب من نفسها، ومن خيانتها لزوجها، وتارة تتذكر اللحظات الجميلة، وأحيانا تهدأ وتستسلم للعطش أو تتوسل إلى الرجل لكي يعطيها ماء. حاول عادل سبيت أن يجسد مأساة الشخصيتين على المسرح، وكانت السينوغرافيا في كثير من الأحيان موفقة، خاصة في إعطاء أجواء تشبه أجواء البحر والجزر، وفي الإضاءة، وهي محاولة تشهد له بالجيدة، خصوصاً أنها أول مرة له، وقد حاول الممثلان أن يجسدا الشخصيتين، بأمانة وصدق، لكن أداءهما كان قاصراً عن أن يبرز بشكل جيد وواضح ذلك التأرجح النفسي بين مختلف الحالات التي مرا بها، من خوف وطمأنينة، ويأس ورجاء، وغضب ورضا، وثورة واستسلام، تعكس كلها أوضاع شخصيتين تائهتين وضعت حياتهما على محك موت لا يريان منه مناصاً، وإن كانا يأملان في معجزة، وقد زاد من قصور الأداء أيضاً فدح الأخطاء اللغوية التي تخللت الحوار.