بعد غياب سنوات يعود الدكتور محمد إبراهيم الدبيسي إلى محبوبته المجلة الثقافية، إذ كان أحد أركانها.. بل هو من فتح لي باب الكتابة.. ومن وفائه لأستاذه الراحل الشاعر الدكتور محمد عيد الخطراوي نجده يكتب عنه (الخطراوي خارج شعره)، والخطراوي لا يختلف عليه اثنان فهو الشاعر والأديب المجدد.. فشكراً له رغم فراقه عندما أعاده لنا أبو يزيد.. وليس لي ما أضيفه سوى العودة لترجمة حياة الخطراوي -رحمه الله- الذي يذكر في (قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية) أنه من مواليد المدينة المنورة ولذي أعد دراسته الدكتور خالد الحليبي. أما موسوعة (الأدباء والكتاب السعوديين) لأحمد سعيد بن سلم فقد ذكرت تاريخ ميلاده 1354هـ دون الإشارة إلى مكانها. و(دليل الكتاب والكاتبات) في طبعته الثالثة والصادر من جمعية الثقافة والفنون فيذكر أنه من مواليد المدينة المنورة عام 1355هـ. وكذلك (معجم الكتاب والمؤلفين في المملكة) إعداد الدائرة للإعلام فتذكر في طبعتها الثانية أنه من مواليد المدينة عام 1354هـ، أما علي جواد الطاهر فيقول في (معجم المطبوعات العربية، المملكة العربية السعودية) في طبعته الأولى ((قال الفوزان 3/1051 في كلامه على كتاب المقالة.. محمد العيد الخطراوي ولد بقرية (زقم) تابعة لمنطقة (سوق) بالجزائر ونزحت به أسرته إلى المدينة المنورة وهو طفل نشأ وتعلم فيها وحفظ القرآن وهو في الحادية عشرة من عمره...)) إلخ. ووجدت له قصيدة (إلى العاهل العربي العظيم) باقة شعرية من الجزائر.. يقول في مطلعها: باسم الجزائر باسم كل مجاهد فيها يرد تكالب الأعداء باسم الذين تحملوا بتجلد في نيل حقهم بكل عناء باسم الذين ترملت أزواجهم واحتاج أكثرهن لبس رداء باسم الذين تيتمت أطفالهم واحتاج أسعدهم أقل غذاء واختتمها بقوله: إن الجزائر وهي تقضي ما قضي رب البرية من بلا وشقاء عرفت أياديكم وصانت ودكم صون البنين لحرمة الآباء أبقاك رب الناس ذخراً نافعاً للمسلمين ومفزع الضعفاء بتوقيع محمد العيد الخطراوي الجزائري وقد نشرتها له (البلاد السعودية) في عددها 1962م بتاريخ 16-2-1375هـ 4-10-1955م وليس هذا فحسب بل هناك آخرون يتحاشون ذكر أماكن ولادتهم وهذا لا يعيبهم فهم بالتالي عرب والمثل يقول (البلد الذي تُرزق فيه وليس الذي تولد فيه)، وكم عانى أجدادنا فيما مضى أيام الفقر والفاقة وهم يغادرون هذه الأرض إلى حيث لقمة العيش ويقولون: (الشام شامك إذا الدهر ضامك) أو (الهند هندك إذا قل ما عندك). أو كما قال حسن السبع في روايته (ليالي عنان): ((ما ذنب المرء إذا ولد في هذه البقعة من العالم أو تلك، أو انتسب إلى هذه الطائفة الدينية أو تلك، لم يكن لأحد منا أن يختار اسمه، أو لون بشرته، أو شكل أنفه وعيونه.. إلخ)). أيضاً هناك آخرون يذكرون ويفخرون بأماكن ولادتهم مثل الأديب عبدالفتاح أبو مدين المولود في بنغازي بليبيا، وكذا الدكتور أحمد خالد البدلي عندما يذكر في مقابلة له بجريدة عكاظ في 19-6-2009م (أنا فلاتي وجدي سمبودودو ويرجع نسبي إلى بوركينا فاسو). ولا أنسى الأستاذ محمد منا بن عبدالرحمن الشباني الشنقيطي الذي تحول إلى محمد بن عبدالرحمن الشيباني) وقد ترجم له حسن الشنقيطي في كتابه (النهضة الأدبية في نجد) وقال إنه ولد في بلاد شنقيط بأفريقيا الغربية وقدم المدينة المنورة وعمره 11 عاماً.. إلخ. وهذا يجرنا إلى ذكر أستاذ علم الفرائض الذي درس علماءنا في دار التوحيد بالطائف وكان من صعوبة نطق اسمه أن أصبح يُدعى باسم درسه هو وأولاده بالفرائضي ونجد جريدة أم القرى تقول في عددها 1391 إن مفتش الصحة العام الدكتور محمد بك قاشقجي قد أصبح اسمه محمد الخاشقجي ليسهل نطقه وهكذا. ولا ننسى أديبنا الراحل فهد المارق الذي استبدل القاف بالكاف. واختتم بما سمعته من أحد أدبائنا الأكاديميين عندما ذكر أن والده قد ولد في دوله مجاورة انتفض وغضب وقال إنه لا يهمه ذلك ولكن إخوته وأبناءهم لا يحبون ذلك. هي خاطرة مرة ولعل عودة الصديق محمد الدبيسي للكتابة عن أستاذه وفاءً واحتراماً هو من دعاني لهذا الموضوع..