×
محافظة المنطقة الشرقية

مقتل مصورة كندية في المكسيك

صورة الخبر

لا يمكن أن تتحقق العدالة من دون الديمقراطية، ولا يمكن أن تتحقق الديمقراطية إلا إذا كانت مستندة إلى إرادة شعبية حرة، ولا يمكن أن تتحقق الإرادة الحرة إلا إذا كانت الأمة هي أساس عملية اتخاذ القرارات، ومنها القرارات المتعلقة بالعملية الانتخابية... هذا من أساسيات إنجاح الديمقراطية. في كتابه "نظرية العدالة"، عرّف جون راولز العدالة الاجتماعية بأنها "ضمان حماية المساواة في الحصول على الحريات والحقوق والفرص، بالإضافة إلى حماية الأفراد الأقل حظاً في المجتمع". والنجاح في تحقيق هذه العدالة مرتبط تماماً بمدى النجاح في تحقيق الديمقراطية في المجتمع، حيث استنتجت لورا فالنتيني، في دراسة نشرتها جامعة أوكسفورد بعنوان "العدالة والديمقراطية"، أن "الديمقراطية أساس العدالة". وهذه العلاقة الطردية بدأ في استيعابها السنغافوريون كمثال، حيث بدأوا، رغم النجاح الاقتصادي الباهر للحزب الحاكم على مدى نصف قرن، في التحول إلى التصويت لصالح حزب العمال المعارض الذي يرفع شعارات تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار ومواجهة الغلاء بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، الأمر الذي يدلل على أن العدالة الاجتماعية ليست مرتبطة بتطور الأداء الاقتصادي للدولة بقدر ما ترتبط بتحقق المشاركة الشعبية في صنع القرار من خلال تطبيق فعلي للديمقراطية، هذه الحالة السنغافورية تعتبر أحد نماذج التطبيق العملي لنظرية "رولز" في نفس الكتاب المشار إليه، إذ ينص على أن "كل فرد يمتلك حرمة العدل، ورفاهية المجتمع ككل لا تبرّر التجاوز على هذه الحرمة". وقد تناول إعلان "وارسو 2000" أسس تلك الديمقراطية، وأورد في أولها أن "الإرادة الشعبية هي مصدر سلطة الحكومة"، أي بالعبارة الدستورية الكويتية الأكثر حسماً وجزماً للمسألة: "الأمة مصدر السلطات جميعاً"، وإدراك شكل العلاقة الطردية بين" الأساس" و"العدالة" كنتيجة سيرشدنا إلى فهم الأزمات المستمرة التي نعانيها في الكويت وترابطاتها، فأي خلل يتعلق بالتعبير عن الإرادة الشعبية سيؤدي بالضرورة إلى خلل في تطبيق الديمقراطية، وبالتالي ترتفع احتمالية التقصير في تطبيق العدالة، ومنها العدالة الاجتماعية، ويصبح هذا التقصير حتمياً. فبعد أزمة مرسوم الصوت الواحد، فقد الكثيرون ثقتهم بالسياسيين وبالنظام الديمقراطي الذي بدا مطبقاً شكلياً بغياب جزء مهم من إرادة الأمة، ممثلاً في تيار المقاطعة الرافض للمرسوم، وانعكست أزمة الثقة هذه في الموقف من أي مبادرات تطلقها الحكومة أو البرلمان، والتشكك حول نواياها والاقتناع بلا عدالتها، وبأنها تستهدف بالتحديد الطبقتين المتوسطة ومحدودي الدخل، وأهم منطلقات هذا الشعور يتمثل في قصور التمثيل الديمقراطي لإرادة الأمة، وبناء على ذلك وبدلاً من أن يؤدي مرسوم الصوت الواحد إلى تفكيك ديمقراطية التنازع لصالح التكامل جرت النتائج عكس ذلك تماماً، حيث أصبح التنازع حادّا أكثر إلى درجة اشتعال الأزمات من أصغر الشرر، ومن دون أي جدوى برلمانية، الأمر الذي استوعبه مبكراً عدد من نواب المجلس الذين قدموا استقالاتهم، وهو ما يستدعي التفكير جديا في حل منطقي ومتجرّد للأزمة، إن كان الهدف حل الأزمات وإجراء الإصلاحات التي يتطلع إليها المجتمع الكويتي. من الممكن ألا تنجح الديمقراطية في تحقيق العدالة المنشودة، ولكن لا سبيل إلى تحقق العدالة إلا بالديمقراطية، وهذه القاعدة تجعلنا أمام واقع واحد لم يعد مجال للمناقشة فيه، وهو حصر الحل في العمل على إنجاح الديمقراطية التي تعبر عنها الإرادة الشعبية الحرة من أجل تحقيق العدالة، وبالتالي تحقيق رضا الناس.