خلال اليومين السابقين شهدت العلاقات الأميركية الروسية توتراً ملحوظاً بسبب الأوضاع في سوريا، بعدما هدد جون كيري بتعليق المحادثات مع موسكو بشأن سوريا بسبب التصعيد الأخير من قبل روسيا. في نفس الوقت أعلنت روسيا، أنه لا نية لديها لتعليق غاراتها الجوية الداعمة لقوات نظام الأسد، على حلب شمال سوريا، إذاً فلماذا كل هذا الدعم من قبل بوتين لنظام الأسد. كلمة السر للدور الروسي في سوريا هي "أوكرانيا" بحسب ما يرى الصحفي الروسي أوليغ كاشين، والذي كتب مقالاً بصحيفة احول هذا الموضوع.. وقال بعد ثلاث سنوات من موقف روسيا من الدخول في سوريا بنية التوسط بين الغرب ونظام بشار، "لم يعد الكرملين يلعب دوراً في التوسّط، بل إنه يقاتل في صف نظام بشار. وأضاف الصحفي الروسي "في آن واحد؛ صار داعمو بوتين في روسيا يناقشون بجدّية كيف أنه يستحق جائزة نوبل للسلام لجهوده في سوريا. فماذا يفسر إذاً هذا التحوّل الحاد في السياسة الخارجية؟ الإجابة على هذا السؤال يمكن أن تُختصر في كلمة واحدة هي "أوكرانيا". وأشار "ففي ربيع عام 2014؛ أعلن الكرملين تحرّكه لضم شبه جزيرة القرم، وكان بوتين آنذاك موهوماً بأن الغرب -وبخاصة أوروبا- سيسمح له بتحقيق رغباته التوسّعية، وسيوافق -ولو بالصمت- على ضم الأراضي الأوكرانية التي تقطنها مجموعات موالية لروسيا. وشرح "لكن مع مرور الوقت صار من الواضح أن ذلك كان خطأًً؛ كانت الحرب واسعة النطاق تستعر في منطقتين أوكرانيتين؛ أُسقطت طائرة تابعة للخطوط الجوية الماليزية بأوكرانيا، أصدقاء بوتين المقربون أصبحوا على قائمة العقوبات وعادت مجموعة الدول الثماني لتصبح مجموعة الدول السبع (إذ علّقت المفوضية الأوروبية قمة مجموعة الثمانية التي كان من المقرر انعقادها بمدينة سوشي الروسية، والتقت سبع دول فقط في بروكسل، مُلقية باللوم على روسيا في أزمة القرم)، وأصبحت روسيا أكثر عزلة دولية للمرّة الأولى منذ الحرب الأفغانية. سوريا للفت الانتباه! كما اعتبر كاشين أن تدخل بوتين في سوريا كان بهدف لفت الانتباه عن أزمة القرم قائلاً "وبإيجاد نفسه في طريق مسدود بشأن أوكرانيا، قرر بوتين رفع أسهمه. وتصرّف بما يضمن أن تبدو قضية أوكرانيا تافهة، وأن تصبح روسيا لاعباً أساسياً في صراع لا يمكن للغرب تجاهله، وكان معنى ذلك هو اعتماد نهج جديد في سوريا. وخلص الصحفي الروسي إلى نتيجة مفادها أن ما صارت إليه روسيا من كونها لاعباً أساسياً في سوريا؛ يُجبر الغرب مجدداً على التفاوض مع موسكو، فالهجمات العسكرية الروسية لم تعد تستهدف المناطق الواقعة في قبضة جماعة الدولة الإسلامية فحسب، بل إنها تستهدف أيضاً قواعد المعارضة الموالية للغرب. والهدف من ذلك هو إطالة أمد الحرب، مما يضمن مقعدَ روسيا على طاولة التفاوض الدولي، ومنحَ إطارٍ شرعي لسياسة الكرملين الخارجية، والمفارقة هي أن المقر العسكري الروسي في سوريا يُسمى رسمياً بـ"مركز المُصالحة". كما لفت إلى أن الروس أصبحوا على قناعة بأن بوتين يحارب الدولة الإسلامية، وبالتالي فهو يمنع الهجمات الإرهابية في الداخل، إنه انقلاب للعلاقات العامة في روسيا وخارجها، ولن يتغير شيء إلى أن يتحدّث قادة الغرب مع بوتين، ليس بشأن سوريا.. بل بشأن أوكرانيا والعقوبات.