الثقة أو بالأحرى غيابها هي المشكلة التي تعانيها الصحافة في العالم الغربي، فقد نشرت شركة غالوب التي تعنى باستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة استطلاعاً سنوياً آخر للرأي العام، أظهر أن الثقة بوسائل الإعلام الكبرى قد انخفضت إلى أدنى حد عرفه أي استطلاع للرأي في التاريخ، حيث قال 32% فقط من المشاركين في الاستطلاع إنهم يثقون بما تنشره وسائل الإعلام. وانخفضت هذه النتائج التي نشرتها غالوب هذا العام ثماني نقاط مئوية عما كانت عليه في العام الماضي، وبالمقارنة فإن هذه النسبة كانت 73% في أعقاب فضيحة ووترغيت. وأما في ما يتعلق ببريطانيا، فإن مدير شركة امبرس البريطانية العاملة في تطوير الصحف جوناثان هيوود، الذي عرف بتفاؤله الدائم قال أخيراً إن الصحافة تجلس على قنبلة موقوتة من الثقة. وتحدث عن نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها شركة إبسوس موري، التي تظهر أن 25% من البريطانيين يثقون بما تقوله الصحافة، وقام هيوود ببحث واسع شمل كل الاتحاد الأوروبي، خلص إلى أن ثمة انخفاضاً كبيراً في الثقة تجاه الصحافة يجتاح القارة الأوروبية. وعمدت شركة امبرس إلى إجراء مقارنة بين نسبة الثقة بالصحف، مع النسبة الأكبر التي تتمتع بها محطات التلفزة، لأنها تخضع لقيود وقوانين منظمة أوفكام مثل العدل والتوازن، التي تعد مصدراً أساسياً للثقة. والآن يقول هيوود، إن الصحافة والمواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت يمكنها أن توقع اتفاقاً مع أوفكام على الالتزام بقوانينها، وتظهر علامات الثقة على صفحاتها الأولى. ولكن في هذه الحالة ستظهر مسائل ربما بسيطة، لكنها غامضة إلى حد ما، وتتعلق بقضية الثقة بحد ذاتها التي لا يمكن تجنبها، أو تجاهلها، إذ إنها بالنسبة للعديد من الصحافيين مسألة بالغة الأهمية، فالثقة هي على ما يبدو المفتاح من أجل الحفاظ على احترام النفس، إذ إنها تؤكد على أن كل ما يقومون به يحظى بالاحترام والتقدير. ولابد من القول إن انخفاض الثقة بالصحافة في العالم الغربي يستند إلى أسباب عدة، أهمها محاولة العديد من الصحافيين إقناع القراء بوجهة نظرهم، على الرغم من أن كل ما حولهم يقول غير ذلك، خصوصاً أننا نعيش في عالم الصورة التي يمكن أن تفند أي رأي يكون بعيداً عن الواقع، وعما يراه المشاهدون على شاشات التلفزة والمواقع؛ ولذلك فإنه ينبغي على الصحافيين أن يضعوا قضية الثقة بما يكتبون نصب أعينهم، مع عدم الابتعاد كثيراً عن الواقع .