لقد حبا الله - سبحانه وتعالى - بلادنا الحبيبة (المملكة العربية السعودية) نعماً كثيرة عظيمة تتفرد بها على سائر بلاد الأرض، يأتي في مقدمتها نعمة تطبيق أحكام شرع الله وخدمة الحرمين الشريفين، ثم نعمة القيادة الحكيمة الواعية الرشيدة التي نذرت نفسها ووقتها وجهدها في سبيل خدمة الدين والوطن والمواطن، وكذلك نعمة الأمن والاستقرار، وغير ذلك من النعم الكثيرة والخيرات الوفيرة. كما اختصنا - سبحانه وتعالى - بمناسبات ومواسم عديدة نشكره فيها على هذه النعم، ونتبادل التهاني والتبريكات بالنجاحات والإنجازات التي تتحقق على كافة الأصعدة وفي مختلف المجالات: الدينية والأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية والثقافية والعلمية والاجتماعية والرياضية والترفيهية... إلخ. وفي كل عام تطل علينا الذكرى المجيدة لليوم الوطني للمملكة التي تحتفل هذه الأيام بيومها الوطني السادس والثمانين، ويظل اليوم الأول من الميزان من عام 1351هـ محفوراً في ذاكرة التاريخ، ومكتوباً على جبين الدهر، ومغروساً في قلوب البشر بمملكة العطاء المستمر. وكيف لا؟! وهو اليوم الذي وحـد فيه الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيب الله ثراه - شتات هذه البلاد، وحول الفوضى والفرقة والتناحر إلى وحدة وانصهار وازدهار. واليوم الوطني هو ذكرى عطرة، ومناسبة خالدة، ووقفة عظيمة نعيش - من خلالها - عبق الماضي، ونشخص أوضاع الحاضر، ونستشرف آفاق المستقبل، ونستلهم العبر والدروس من القصص البطولية التي سطرها مؤسس هذه البلاد رحمه الله. ويجمع المؤرخون المنصفون على أن المؤسس العظيم هو ملك عبقري فذ، وقائد مظفر محنك، وزعيم ملهم موهوب في كافة المجالات: العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ثم إنه نعمة كبرى أنعم الله - سبحانه وتعالى - به على هذه البلاد وأهلها، بل وعلى العالم أجمع. والجميع يعلم أن هذا اليوم هو تتويج لكفاح طويل قاده الملك عبد العزيز في سبيل توحيد هذه البلاد عسكرياً وسياسياً، وهو كذلك انطلاقة لمسيرة الخير والعطاء، والبناء والنماء، والتعمير والتطوير التي بدأها - طيب الله ثراه -، وواصل إكمال فصولها من بعده أبناؤه البررة: (الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد، والملك عبد الله) يرحمهم الله جميعاً. ويأتي عهد الملك سلمان - يحفظه الله - تاجاً على صدر الزمان، حيث بلغ الإنجاز فيه أسمى مراتبه، ووصل الإبداع إلى أعلى درجاته، وهو عهد العزم والحزم، والتطور والتحول الذي يتجسد في رؤية المملكة 2030، وبرامج التحول الوطني الحالية والمستقبلية؛ ذلك أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يُعد قائداً استثنائياً آتاه الله الحكمة والذكاء، والعمق في التفكير، وبُعد النظر، وسرعة البديهة، والقدرة على العزم والحزم والحسم في المواقف المهمة، كما أنه - أيده الله - يحمل رصيداً هائلاً من الخبرات السياسية والإدارية والاقتصادية، ويمتلك سجلاً حافلاً من النشاطات العلمية والثقافية والاجتماعية والإنسانية، وهو متخرج في مدرسة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن طيب الله ثراه. وقد كان - يحفظه الله - ركناً أساساً من أركان الحكم منذ عهد المؤسس حتى تولى مقاليد الحكم في المملكة، وكان دائماً الساعد الأيمن لإخوته الملوك الذين تعاقبوا على الحكم في المملكة، وذلك من خلال الرأي السديد، والفعل الأكيد، والفكر الأمين، والعلم الرصين، والمشورة الصادقة، والمؤازرة الواثقة، وهو رمز الوفاء والتعاون والإخاء، وصاحب المهمات العظيمة، والمبادرات الكريمة، والإنجازات الكبيرة، والأعمال الكثيرة، والنشاطات الخلاقة، والمشروعات العملاقة، وهو الذي وجه باستثمار طاقات الشباب وإمكاناتهم، فجاءت قيادة شابة تمتلئ بالنشاط والحيوية والتفوق والتألق، وتتسم بالجد والاجتهاد والتفاني والإخلاص، وهـي تتمثل - في أبها صورها - فـي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع يحفظهما الله. وفي هذا العهد الزاهر أصبحت المملكة العربية السعودية تضطلع بدور قيادي ريادي متميز متنام في المجالات: الدينية والسياسية والأمنية والاقتصادية على كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية، مما جعلها محطاً لأنظار العالم ومزاراً لقادته. وفي الأوقات الصعبة وعند الشدائد والأزمات كالتي تحدق الآن بالعالم كله عامة، ومنطقتنا على وجه الخصوص تتطلع الدنيا بقضها وقضيضها إلى الرجال العظام الذين يمتلكون الصفات القيادية والمزايا العبقرية التي تمكنهم من مواجهة التحديات والتغلب على المعضلات، وهناك إجماع عالمي كبير على أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيده الله - يأتي في طليعة زعماء العالم القلائل الذين يتحلون بتلك المزايا والصفات. إن قلوبنا في المملكة العربية السعودية على الدوام، وخاصة في هذه الأيام مفعمة بالمحبة والمودة، والاحترام والتقدير، والاعتزاز والافتخار بقادتنا العظام، وإن مشاعرنا تعجز عن وصفها الكلمات، ولا نملك في هذا المقام إلا أن يقول لسان حالنا: إن الله - سبحانه وتعالى - قد استجاب لدعاء المسلمين، وهم يرددون: «اللهم ولي علينا خيارنا»، فقد اختصنا ربنا - جل وعلا - بقيادة حكيمة تعمل على خدمة الدين، وتسهر على أمن الوطن وراحة المواطن والمقيم على أرضه. وفي أجواء الفرحة الغامرة، والأحاسيس الجياشة، والمشاعر الفياضة التي تعيشها بلادنا هذه الأيام، وفي إطار العناية والرعاية والاهتمام والدعم غير المحدود الذي يحظى به ذوو الإعاقة من لدن قيادتنا الحكيمة منذ تأسيس هذا الكيان العظيم على يد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن - طيب الله ثراه - حتى عهدنا الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله -، فإننا نحن ذوي الإعاقة، وأولياء أمورهم، والعاملين معهم نتطلع إلى لفتة كريمة من مقام خادم الحرمين الشريف الملك سلمان بن عبد العزيز الذي أولى ذوي الإعاقة اهتماماً غير مسبوق تجلى في تأسيسه - يحفظه الله- لمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، وجائزة الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، بالإضافة إلى دعمه المستمر للنشاطات والمشروعات والبرامج والمبادرات الرامية إلى النهوض بمستوى الخدمات المقدمة لتلك الفئات، وذلك بالالتماس إلى مقامه السامي أن يتفضل بإصدار أمره الكريم بإنشاء الهيئة العامة لذوي الإعاقة التي نصت عليها المادة العاشرة من (نظام حقوق ذوي الإعاقة) المرفوع إلى مقامه الكريم. وتختص هذه الهيئة برسم السياسة العامة في مجال الإعاقة، وتنظيم شؤون ذوي الإعاقة، وضمان جودة الخدمات المقدمة لهذه الفئات، وقد حدد النظام - المشار إليه آنفاً - مهام واختصاصات هذه الهيئة بشكل مفصل، ويكون لهذه الهيئة مجلس إدارة يتكون من رئيس الهيئة رئيساً، وممثلين للقطاعات الحكومية المعنية، بالإضافة إلى اثنين من ذوي الإعاقة، واثنين من أولياء أمور ذوي الإعاقة، واثنين من رجال وسيدات الأعمال المهتمين بشؤون ذوي الإعاقة، واثنين من العاملين في جمعيات ذوي الإعاقة، واثنين من المختصين بشؤون الإعاقة. وترفع الهيئة تقريراً سنوياً إلى رئيس مجلس الوزراء عن أدائها، وعن أوضاع ذوي الإعاقة، والخدمات المقدمة لهم، وما يواجهها من صعوبات، وما تقترحه من دعم وتطوير للخدمات والبرامج والنشاطات المقدمة في المملكة. وينبغي التأكيد هنا على أن الهيئة المقترحة لن تكون هيئة راعية، وإنما ستكون هيئة داعمة، وهذا يعني أنها لن تعمد إلى افتتاح مستشفيات ومراكز ومدارس مستقلة خاصة بها، وإنما ستقوم بتحسين وتطوير البرامج والخدمات والنشاطات التي تقدمها القطاعات الحكومية والأهلية والخيرية، والعمل على الارتقاء بمستواها كماً ونوعاً، وسوف تصبح هذه الهيئة مرجعية أساسية لمتابعة العمل، ومراقبة الأداء، وتقويم الأدوات، وتجويد المخرجات، وتفعيل المنتج النهائي في مجال الإعاقة، وتغدو مظلة عامة للتعاون والتنسيق والتكامل، وتوحيد الجهود وتكثيفها لصالح الفئات المستهدفة، وذلك تحقيقاً لمبدأ الانتقال بالعمل في مجال الإعاقة من الاجتهادات الفردية إلى العمل المؤسسي الذي يتسم بالثبات والاستمرارية، وتجنباً للازدواجيـة التي تعـد من أهم مصادر الهـدر المالي، والترهـل الإداري، والبطء في الأداء، وقلة الفاعلية. وجدير بالذكر أن الهدف الرئيس من إنشاء هذه الهيئة هو الإسهام في تحويل مجتمعنا السعودي الحبيب إلى بيئات صديقة لذوي الإعاقة يتمتعون فيها بكامل حقوقهم، ويحصلون على أفضل الخدمات المقدمة لهم، ويتمكنون من إبراز إمكاناتهم وقدراتهم، ويتحولون من فئات مستهلِكة إلى فئات منتجة تسهم في النهوض والرقي والتقدم في هذا الوطن الغالي. وفي الختام... ندعو الله - سبحانه وتعالى - أن يحفظ بلادنا، وأن يحفظ عليها أمنها واستقرارها، وأن يحفظ لها قيادتها الحكيمة الواعية الرشيدة كي تواصل مسيرة الخير والعطاء والنماء، كما ندعوه - جلت قدرته - أن يحفظ جنودنا البواسل المرابطين على حدود المملكة عامة، والحد الجنوبي على وجه الخصوص، وأن يشفي جرحاهم، ويرحم موتاهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.