الطريقة التي يتعاطى بها الاتحاد السعودي مع الوسط الرياضي في مسألة استمرار مدرب المنتخب فان مارفيك محللاً للدوريين الهولندي والإنجليزي في بلاده، وعدم حضوره الشخصي لمتابعة مباريات الدوري، لا أقل من وصفها بأنها استفزاز مرفوض، وتحدٍ واضح، وإمعان في تجاهل الشارع الرياضي بمختلف مكوناته. حالة الإجماع التي عبر عنها الوسط الرياضي باعتباره قبول اتحاد عيد بهذا الواقع أمراً معيباً، كونه امتهاناً للمنتخب الوطني، وهو الإجماع الذي يعبر عن صدقية في الموقف، ولعله من المرات القليلة التي نجد فيها الوسط الرياضي السعودي يجمع على قضية معينة، ويتوحد إزاءها بعيداً عن حسابات الميول للأندية، والملاحظ أن في كل مرة يحدث ذلك نجده في نهاية المطاف يخرج منتصراً. من أكثر القضايا التي يتعاضد فيها وسطنا الرياضي بمختلف مكوناته بمنأى عن ألوان الأندية هي قضية مدربي المنتخب السعودي الأول، ففي كل مرة تكون فيها حالة إجماع حول قضية ما تتعلق به تؤول الخواتيم لانتصاره، ولعلي أكتفي بالتذكير بإجماعه ضد المدربين الرئيسيين الذين قادوا المنتخب في الأعوام الخمسة الأخيرة، وهم الهولندي فرانك رايكارد، والإسباني لوبيز كارو، والروماني كوزمين أولاريو لتتضح الصورة. أولئك المدربين الثلاثة دخل اتحاد عيد سواء المؤقت الذي خلف الاتحاد الذي كان يقوده الأمير نواف بن فيصل أو الحالي في تحدٍ مع الوسط الرياضي بسببهم، وفي كل مرة كان ينتهي التحدي بخسارة الاتحاد وخسارة المنتخب الوطني للأسف الشديد، فرايكارد انتهى به المطاف مقالاً بعد فشل الأخضر في خليجي 21، والأمر نفسه مع لوبيز الذي أضاع بضعف قدراته خليجي 22 الذي استضافته الرياض، في حين ودع كأس آسيا في استراليا من دورها الأول وهو يجرجر أذيال الخيبة مع كوزمين، الذي حضر لقيادته مستأجراً من النادي الأهلي الإماراتي، وهو ما وجده الشارع السعودي إساءة لقيمة وتاريخ المنتخب السعودي. محاولة اتحاد عيد إدارة ظهره للوسط الرياضي الذي بات ساخطاً على تقزيم المنتخب السعودية وامتهانه بالموافقة على تصرفات مارفيك، والتي لم يفعلها أي مدرب في العالم، ولا يرتضيها أي اتحاد يحترم قيمة منتخب بلاده، ستجعل الأمور تسوء أكثر، ما لم يضع احمد عيد حداً لهذا الاستهتار بالكرة السعودية، الذي لم يجعل لمارفيك احتراماً لدى السعوديين حتى وهو يهديهم في بداية مشوار تصفيات المونديال فوزين مهمين. مازال مشوار التصفيات طويلاً ويمكن لاتحاد الكرة أن يستدرك خطأه بإلزام مارفيك بالإقامة في المملكة، ومتابعة المباريات المحلية حضورياً، إلا أن يكون العقد الثاني المبرم بينهما يعطي المدرب الهولندي الحق بالإقامة في بلاده والعمل محللاً تلفزيونياً، فعند ذلك سنكتشف أن أحمد عيد وأعضاءه قد كذبوا علينا، حينما قالوا أنهم سيلزمونه بالإقامة في المملكة والتفرغ لمتابعة الدوري قبل إمضائهم أوراق التجديد، وأنهم بذلك لا زالوا يمعنون في استفزاز الشارع الرياضي، الذي لم يعد يقبل كل محاولات الاستذكاء المفضوح والاستهتار الفاضح.