×
محافظة الحدود الشمالية

العبدالوهاب: تجهيز مبنى مؤقت لأحوال عرعر وتوجيه بافتتاح القسم النسائي في طريف

صورة الخبر

مارلين سلوم وكأن السينما اختارت أن تذهب عكس سير الدراما المصرية. فبينما هذه الأخيرة تتجه في غالبيتها نحو الأمراض النفسية والجريمة والعنف، ارتأت الشاشة العريضة أن تميل إلى الضحك لتنتج مجموعة أفلام كوميدية حملت شعار أفلام العيد، حيث تنافست فيما بينها في موسم عيد الأضحى. وبطبيعة الحال هناك من أضحكنا فعلاً وتفوق مثل لف ودوران الذي يعرض في الإمارات حالياً، وهناك من ضحك على نفسه واستسهل العمل فانصرف عنه الجمهور. مما لا شك فيه أن اسم النجم أحمد حلمي وحده كفيل بجذب الجمهور إلى أي عمل من بطولته. ومما لا شك فيه أيضاً أن دنيا سمير غانم اسم صار له وزنه في عالم التمثيل، بعدما أثبتت أنها فنانة شاملة تملك الكثير من المواهب الفنية والقدرة على لعب كل الأدوار والتلون بين الكوميديا والتراجيديا ببراعة. وإذا التقى الاسمان فهذا يعني أن الفيلم يجب أن يكون على مستوى جيد، فيه تمثيل حقيقي سلس بلا افتعال ولا بذل مجهود من أجل إقناع الجمهور بالفكرة أو الدور أو النكتة والموقف. فما يجمع بين دنيا وحلمي شيء من الكيمياء، وتلك السلاسة في الأداء، التي تسهم في دخولهما بسهولة وبساطة إلى قلوب الناس. لف ودوران هو لقاء ناجح بين هذا الثنائي دنيا وحلمي، وفيلم يستوفي شروط الكوميديا الراقية، كوميديا الموقف لا الاستغباء من أجل إضحاك المشاهدين. ولولا الفجوات في الكتابة، لاكتمل العمل وانضم إلى قائمة أفلام حلمي المحببة. ولأنه نجم يختار بدقة أعماله ولا يفرضها أحد عليه، ويملك حق التدخل في تغيير النص والتعديل، وهو من المنتجين السينمائيين أيضاً، فإن أحمد حلمي الذي نجح في أداء دوره، فشل في تعديل الخلل وهو يتحمل مسؤولية الفيلم وتغاضيه عن الهفوات الكتابية والسيناريو أمام الجمهور الذي يثق به. كعادة غالبية أفلام حلمي، يبدأ الفيلم بالتعريف بالشخصيات. أولاً، تتناوب الأربع إناث في حياة الشاب نور قباني تعريفنا به بالصوت فقط، ومن السهل التمييز بينهن: صابرين وميمي جمال وإنعام سالوسة وجميلة عوض. كل منهن تخبرنا عن ميزة (أو عيب) فيه، ومجملها أنه يحب كل ما هو أجنبي، من اختياره للبنات والأزياء ومشاهدة الأفلام وحتى السيجار. وزيادة في التأكيد على هذا الجانب المستقل عن عائلته والجامح نحو الغربة والاغتراب، يسكن نور وحيداً في نفس المبنى مع أهله وإنما في شقة مقابلة لشقتهم. وهو بدوره يستلم الكلام التمهيدي لنتعرف على الأسرة: أمه عايدة (ميمي جمال) وجدته (إنعام سالوسة) وخالته ناهد (صابرين) وأخته جومانا (جميلة عوض) وجده الذي نراه في مشهد واحد يقدمه نور قائلاً إن كبر جدك خاويه ثم يطلق الجد رصاصة تتسبب بموته خطأ. الكاتبة منة فوزي تحاول تسليط الضوء على مشكلة موجودة فعلياً في المجتمع المصري، وهي نزعة فئة من الشباب للهجرة، خصوصاً من اجل الزواج بفتاة أوروبية. وتقدم نموذج والد نور الذي ترك زوجته وأسرته ليسافر إلى أوروبا ويتزوج من امرأة إيطالية. لكن منة فوزي تكتفي بعرض المشكلة على استحياء دون تعمق، ورغم محاولتها لفت أنظار الشباب من خلال بطلها نور إلى جمال بلدهم وجمال بنات بلدهم وجدعنتهن وأخلاقهن، إلا أنها لم تقدم المبررات المنطقية ولا المميزات الإيجابية الكافية لإثبات وجهة نظرها، سواء بالنسبة للفتاة الأجنبية وسلبيات الزواج منها، أو مميزات بنت البلد. نور اضطر للعمل في إدارة فندق بعدما تراجعت السياحة. الأم المصرية تبدو تقليدية في أفكارها ولكنها أيضاً أنيقة ومودرن، الجدة ظريفة وتفهم بالتكنولوجيا والفوتوشوب، الخالة مهندسة كمبيوتر، والشقيقة فتاة عصرية مشغولة بهاتفها النقال معظم الوقت، ولا تقل طموحاً ووعياً وثقافة عن الفتاة الإيطالية بيرلا وهي نسيبة زوجة والد نور والتي يرسلها إلى مصر طالباً من ابنه أن يهتم بها وبمشروعها الذي تريد تأسيسه هناك. حتى ليلة البعطوطي التي تؤدي دورها دنيا سمير غانم، هي صاحبة أحد مواقع الزواج والبحث عن العرسان الإلكترونية، اسمه الست لمّا. أي أن كل الشخصيات تنتمي إلى طبقة غير شعبية. نضيف إليها حمادة (بيومي فؤاد) مدير العلاقات العامة في الفندق الذي تدور فيه معظم الأحداث. نور الشاب المصري الذي كل عالمه مستورد ويبحث باستمرار عن الماركات المعروفة، والملقب ب أوبه، هو أسير ستات أسرته اللواتي يحاولن منعه من السفر والزواج من أجنبية، ويتآمرن مع ليلة كي توقعه في حبها وتشغله عن بيرلا. هنا تجد الكثير من المبررات والدوافع التي تؤهل الكاتبة لتقديم عمل متكامل متماسك، لأن القضية عصرية، شبابية، والكوميديا فيها جيدة ومكتوبة بشكل يشد المشاهد. وخالد مرعي قدم بالإخراج أفضل ما يمكن تقديمه في مثل هذه النوعية، ولتلك الأحداث البسيطة، تاركاً لسحر الطبيعة في شرم الشيخ أن تلعب دوراً مهماً سياحياً وسينمائياً. ويؤخذ عليه أنه هو أيضاً لم تستوقفه تلك القفزات وعدم تماسك السيناريو واقتراب الحبكة من الذروة دون ملامستها. أحمد حلمي يبقى من فئة النجوم الأذكياء الذين يجيدون احتراف التمثيل بكل أدواته، ويجيد صناعته وكأنه حرفي يتفنن في تقديم قطعته للناس. لا يمكن اعتبار لف ودوران من أفضل أعماله، ولا يمكن كذلك تجاهل الأرقام العالية التي حققها منذ إطلاقه في أول أيام العيد في مصر، وقد تجاوز حدود ال 22 مليون جنيه حتى الآن. ولا شك أنه فيلم تحب مشاهدته الأسرة دون خوف على أطفالها من خدش حيائهم أو من الكلام البذيء والشتائم والتفاهة إلى حدود البلاهة والتي نجدها في أفلام كوميدية أخرى. كل من شارك في الفيلم أثبت أنه على مستوى الكوميديا الجيدة غير المفتعلة، وقد شكلت ميمي جمال وإنعام سالوسة وصابرين ثلاثياً ظريفاً، كل منهن تؤدي دوراً يليق بسنها، وبدل الإطالة بالمشاهد الجمالية الطبيعية للجزيرة والبحر في الجزء الأخير من الفيلم، كان يمكن منح بطلات العمل دوراً أكبر والمزيد من المؤامرات والمقالب، يقابلها البطل نور بمقالب ومواقف معاندة. تلك المواقف كانت ستقدم للمشاهد على الأقل أسباباً مقنعة ولحظات رومانسية تجبر نور على تغيير رأيه والبقاء في بلده حباً به وبابنة بلده. أما دنيا سمير غانم، فهي ممثلة من الوزن الثقيل، لذلك يبدو لف ودوران دوراً عابراً وسهلاً في مسيرتها. قدمت شخصية ليلة بتميز، لكنها لم تتألق لأن مساحة الدور لا تتيح لها أكثر مما فعلته. وبيومي فؤاد صار جوكر السينما الذي تجده في كل الأفلام وكل الأوقات، ويزداد تألقاً وخفة مع كل دور يقدمه. إنه زمن بيومي فؤاد كما كان زمن صلاح عبدالله في فترة ما، وحسن حسني وغيرهما من النجوم المساندين الذين يبرعون في كل الألوان الفنية وتجدهم ينافسون أنفسهم 3 أو 4 مرات في الموسم الواحد. أزمة فيلم لف ودوران هي أزمة ورق، فهو يتركك حائراً، تحبه ولكن.. يضحكك والكوميديا فيه هي كوميديا كتابة وموقف وإيفيه ظريف وبراعة أداء لا استخفاف فيها، ولكن.. تفهم القصة، ولكن.. تصل إلى النهاية وتلك ال لكن تزداد تضخماً فتخرج ولديك إحساس بأن هناك الكثير من الخيوط أفلتت من بين يدي كاتبة الفيلم، وكلما أوصلتك إلى ذروة الأزمة قطعت الحبل فجأة، وكلما أمسكت بخيوط الرومانسية أفلتت منها براعة الحبكة.. فيلم يشعرك بأنك تشاهد حلقات تلفزيونية قصيرة تم جمعها في فيلم طويل، اسكتشات كوميدية جميلة لطيفة، ومقاطع كتبتها منة فوزي ثم أعادت توصيلها ببعضها البعض دون الانتباه إلى ضرورة ربط الأحداث بتشويق تتزايد وتيرته، ليشد المشاهد ولا يوصله إلى لحظة الملل. أفلام فاست فود لم يعد هناك شيء مضمون في السينما العربية، فلا اسم البطل أو المخرج أو الكاتب المعروف يضمن لك فيلماً ناجحاً وأنك على الأقل ستجد نفسك مشدوداً ومبهوراً بعمل لن تندم على قطع التذكرة للذهاب إليه، ولا اسم الشركة المنتجة مؤشر سلبي أو إيجابي لحالة الفيلم. طبيعي أن يفشل نجم في اختياره عملاً ما، وأن يعرف مخرج سقطة ما، ويتراجع مستوى كاتب في فيلم، لكن أن يواصل أحدهم حالة الانزلاق السريع والفشل المتكرر منذ سنوات، فهنا نشهد حالة من انعدام الرؤية وقد أصيب بها النجم ومن معه، مع إصرار منه على مواصلة الظهور بنفس الشكل وتكرار الفشل. موجة الكوميديا كانت عالية والكل اتجه لإنتاجها من دون أن نجد فيلماً كامل الأوصاف. وإذا اعتبرنا لف ودوران أفضلهم فإن محمد سعد هو النجم الذي أصر على السقوط والفشل بقوة، مع فيلمه الجديد تحت الترابيزة، محاولاً إيهام الجمهور بخروجه من عباءة اللمبي، إلا أن السذاجة لم تغب ولم يعد الجمهور مقتنعاً أصلاً بكوميديا محمد سعد. إيمي سمير غانم شكلت ثنائياً ناجحاً مع حسن الرداد، وفيلمهما عشان خارجين احتل المرتبة الثانية. جاء بعده كلب بلدي لأحمد فهمي، ثم حملة فريزر لهشام ماجد وشيكو، وصابر جوجل لمحمد رجب. يمكن القول إن الاستسهال هو عنوان هذا الموسم السينمائي، الذي حضرت فيه الكوميديا اسماً وغاب العمق في القصص والحبكة الحقيقية والمتعة السينمائية إلى درجة الإشباع. أفلام فاست فود تمر سريعاً ولا تعيش طويلاً في ذهن الجمهور.