وقع الهلال الأحمر القطري مؤخرا مذكرة تفاهم إطارية مع المنظمة الدولية للهجرة، من أجل دعم الشراكة بينهما وتقوية التعاون في مجال توفير الرعاية الصحية الطارئة للسكان المتضررين من الأزمة القائمة في العراق، حيث وقع الاتفاقية من جانب الهلال الأحمر القطري السيد أحمد القحطاني رئيس الوفد، ممثلا للمدير التنفيذي السيد فهد بن محمد النعيمي، فيما وقعها من جانب المنظمة الدولية للهجرة الدكتور توماس لوثر فايس رئيس بعثة المنظمة في العراق. يستمر العمل بهذه الاتفاقية لمدة عامين، وهي تتضمن تأمين خدمات الرعاية الصحية في حالات الطوارئ، وتقديم الدعم لوزارتي الصحة في حكومتي العراق وإقليم كردستان، وتعزيز القدرات التشغيلية والفنية للخدمات الصحية المحلية، وتوفير الرعاية الصحية الشاملة للفئات الأكثر تضررا سواء من النازحين أو المجتمعات المضيفة. وعقب توقيع الاتفاقية، صرح القحطاني قائلا: «نعتبر هذه الشراكة من بين أهم الاستراتيجيات في عملنا، حيث تتطلب عمليات مواجهة حالات الطوارئ في الموصل بذل جهود إنسانية مشتركة. ونحن نتطلع إلى المزيد من التعاون مع المنظمة الدولية للهجرة في العراق، في مجالات الصحة والمأوى والمياه والصرف الصحي، لتقديم المساعدات إلى النازحين العراقيين». ومن جانبه، قال السيد فايس: «نحن مسرورون لتقديم الخدمات الصحية المنقذة للحياة بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر القطري لمساعدة العراقيين النازحين خلال هذه الأزمة، إن الاستجابة للاحتياجات الضخمة الخاصة بالصحة وحالات الطوارئ بسبب استمرار النزوح تتطلب تعاونا وحتى التزاما أكبر من جميع الشركاء في المجال الإنساني». جرت مراسم التوقيع في أجواء إيجابية للغاية، حيث أكد الطرفان على أهمية العمل المشترك، كما تناولا الأوضاع الإنسانية المتأزمة في العراق، وآليات التعاون وتنسيق الجهود المشتركة لمواجهتها وتقديم التدخل الإنساني اللازم، بالإضافة إلى النقاش حول توسيع مجالات التعاون خلال الفترة القادمة ليشمل قطاعي الإيواء والمياه والإصحاح. مخيم ديبكه كذلك قام ممثلا الطرفين بصحبة وفد مرافق بعد توقيع مذكرة التفاهم بزيارة مشتركة إلى مخيم ديبكه للنازحين، وتفقد مشروع تشغيل مركز الرعاية الصحية الأولية فيه، الذي قام الطرفان بتجهيزه بالتنسيق مع مديريتي الصحة في أربيل ونينوى، وكذلك مجموعة الصحة في العراق، وهو يعمل على مدار الساعة ويقدم قرابة 2,500 استشارة أسبوعيا للنازحين الأكثر تضررا. وقد استقبل المركز منذ افتتاحه مطلع يونيو الماضي أكثر من 35 ألف حالة، بمتوسط 300-350 شخصا بشكل يومي، معظمها تعاني من التهابات الجهاز التنفسي العلوي والتهابات المسالك البولية والإسهال والأمراض الجلدية وارتفاع ضغط الدم والسكري، وتمت إحالة أكثر من 500 حالة من المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية خاصة إلى المستشفيات المتواجدة في كركوك وأربيل، حيث تم نقل العديد منهم بسيارات الإسعاف. وتقدم عيادة ديبكه الرعاية الصحية الأولية الشاملة، بما في ذلك: رعاية الأمومة والطفولة، أمراض النساء، طب الأسنان، الأشعة السينية، الموجات فوق الصوتية، الفحوصات المخبرية، قسم الجراحة الصغرى. وتضم العيادة 39 شخصا من الكوادر الطبية المتخصصة من الذكور والإناث، حيث يتولى الهلال الأحمر القطري تغطية الحوافز الخاصة بموظفي العيادة، في حين تتحمل المنظمة الدولية للهجرة تكاليف إدارة وتشغيل العيادة. ويمثل مدير العيادة مديرية الصحة في محافظة أربيل، وهو يعمل بالتعاون مع مديرية الصحة في محافظة نينوى على إدارة الخدمات الصحية والإشراف عليها في مخيم ديبكه. وهناك شركاء آخرون في المجال الصحي يعملون في مخيم ديبكه لتوفير الخدمات الخاصة، منهم صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكانية، وصندوق الأمم المتحدة الدولي لحالات الأطفال الطارئة، ومنظمة أطباء بلا حدود، ومنظمة مولتيزرس لتقديم الخدمات الطبية في حالات الطوارئ، ومنظمة التحالف الدولي للنساء والصحة، والهلال الأحمر الإماراتي (الذي كان مسؤولا عن إنشاء العيادة الصحية في مخيم ديبكه). أوضاع متفاقمة منذ 16 يونيو 2016 نزح أكثر من 100 ألف عراقي بسبب العمليات العسكرية في ممر الموصل، وقد كشفت مصفوفة المنظمة الدولية للهجرة لتتبع النزوح، عن أن غالبية النازحين في الآونة الأخيرة هم من محافظة صلاح الدين (أكثر من 66,600 شخص من قضاء الشرقاط و9,800 شخص من بيجي)، تليها محافظة نينوى (أكثر من 16,600 شخص من ناحية القيارة و700 شخص من الحضر) ومحافظة كركوك (أكثر من 6,800 شخص من قضاء الحويجة). وقد أدت موجة النزوح الأخيرة، بالإضافة إلى 3.3 مليون عراقي نزحوا عبر البلاد منذ يناير 2014، إلى تفاقم حجم الاحتياجات الصحية لكل من النازحين والمجتمعات المضيفة على السواء، حيث اضطر العديد من العراقيين النازحين بعد أن فروا من منازلهم إلى قطع رحلة شاقة مشيا على الأقدام لساعات أو لأيام متواصلة، وسط درجات متفاوتة من الاحتياجات الطبية الفورية، بعد أن عاشوا في مناطق محاصرة ومحرومة من الخدمات الطبية. ومنذ شهر يونيو الماضي وصل أكثر من 18 ألف عراقي إلى المخيمات في قضاء مخمور الواقع في جنوب محافظة أربيل، ليتصاعد سريعا عدد السكان النازحين في مخيم ديبكه بقضاء مخمور خلال الأشهر الأخيرة وصولا إلى أكثر من 37 ألف شخص.واستجابة لتلك الأوضاع، فقد وسعت المنظمة الدولية للهجرة من برنامجها الخاص بالصحة في العراق، الذي يقوم على تنفيذه ٢٤ فريقا طبيا موزعين في مختلف أنحاء البلاد ومكونين من 180 موظفا طبيا، ما بين أطباء وممرضين وعاملين في الصحة المجتمعية، حيث يقدمون الخدمات الصحية في 3 عيادات مستقرة في أكثر من 24 موقعا من خلال فرق طبية متنقلة في 7 محافظات عراقية هي: نينوى والأنبار وصلاح الدين وأربيل والسليمانية وكركوك وديالى، ويقدم فريق الصحة التابع للمنظمة ما يقرب من 30 ألف استشارة طبية شهريا على مستوى البلاد.;